تعابير من تراث «تأمين الثورة»!
لما بزغت فكرة «تأمين الثورة» فى أعقاب سقوط النظام الملكى فى 23 يوليو 1952 لم يكن هناك أى سبيل أمام المصريين لاستقاء ما يرغبون فى معرفته من معلومات غير انتظار ما تجود به وتسمح سلطات الثورة حسبما تريد ووقتما تريد!،
وكان أن ودع المصريون الحياة العامة السابقة على عهد الثورة وقد كانت ملعبا مفتوحا لا تعرفه الأسرار، بل كان كل ما يجرى حول المصريين يرتبط بنشاطهم العام والسياسى المرتبط بحياتهم الحزبية النشيطة والمتنوعة، حتى إذا تمكنت سلطات يوليو وبدأت سياسات «تأمين الثورة» إذا بالحياة العامة للمصريين تتحول إلى الهموم الخاصة بلقمة العيش، ونشأت صيغة جديدة للحياة العامة أصبحت تنحصر فى دائرة اهتمامات النظام الجديد وما يخوضه من المعارك التى شهدتها السنوات الأولى للثورة، وعرف المجتمع كيف يتقى بطش النظام بأن يتجنب محاولة فهم أو معرفة ما يتجاوز «المسموح به» الذى أخمد أشواق المصريين الحارقة لمعرفة ما كانوا يشبعون فضولهم بمعرفته، وبدأت تروج بين العموم عبارات جديدة الغرض منها إجبار كل مواطن على الاهتمام بنفسه فقط، وألا يكون له دخل بما يجرى حوله أو يحدث لغيره!، وقد ساعد على رواج هذه العبارات الجديدة أن السلطة الجديدة قد نشطت لاستكمال - بل وإنشاء - الكثير من الأجهزة الأمنية السرية والعلنية، التى راحت تتخذ من التدابير الاحترازية وفرض القيود الأمنية ما يحول بين أى مواطن ومحاولة البحث عن تفسير لبعض ما يبدر من السلطات من إجراءات تفاجئ البعض من الأفراد، أو تشمل المجتمع كله إذا كان الأمر يستلزم الحشد والتعبئة حول موضوع تريد السلطات له الذيوع والانتشار.
أما العبارات الجديدة التى شاعت فى المجتمع أيامها وأوفت بغرض أن يلزم كل مواطن حدوده الشخصية، فلم تكن تخرج عن كونها فوقية معبرة عن علو السلطات المختلفة والشخوص التى ترمز لهذه السلطات