كلام حكومة
يبدو أن كلام الحكومة مثل كلام الليل مدهون بالزبدة إذا طلعت عليه شمس النهار ساح وراح فى خبر كان وغياهب النسيان. كتبت مقالا بعنوان: «الحكومة وعمال المحلة.. الظالم والمظلوم» شرحت فيه مشكلة مصانع الغزل والنسيج وكيف أنها كانت ضحية لمؤامرة أمريكية منذ عام 1994 حين اشترطت هيئة
المعونة الأمريكية على حكومة الدكتور عاطف صدقى التخلى عن سيطرتها على صناعة الغزل والنسيج مقابل تقديم منحة لإصلاح السياسات الزراعية ورضخت حكومة صدقى وكل الحكومات بعدها بشروط العم سام واتبعت سياسة النفس الطويل والتطفيش والتطنيش للقضاء على هذه الصناعة. وتصادف يوم نشر المقالة مع تشكيل المهندس إبراهيم محلب لحكومته الجديدة فى شهر فبراير الماضى وفوجئت به يتصل بى وبعد أن أمتدح المقالة وعدنى بأنه سوف يذهب إلى عمال المحلة ويحل مشاكلهم كما وعد بحل مشاكل القطاع العام وقطاع الأعمال العام وإعادة تشغيلها باعتبارها الركيزة الأساسية للتنمية ولم يخلف دولة الرئيس وعده وذهب إلى عمال المحلة الذين رحبوا به وحملوه فوق الأعناق حبا وفرحًا وأملاً. وأصدر بعدها قرارًا بتشكيل لجنة انتهت من إعداد توصياتها ومقترحاتها للنهوض بالصناعة ولكن ريمة بعادتها القديمة سحرت رئيس الوزراء وجعلته ينسى كلامه ووعوده ليس بشأن صناعة الغزل والنسيج ولكن لمصانع القطاع العام كلها. الحكومة تقف عاجزة أمام عمليات النصب والاحتيال للاستيلاء على مصانع القطاع العام بدعوى الاستثمار. فمن المعروف أن هذه المصانع تمتلك مساحات شاسعة من الأراضى، ويقوم المستثمر بتجديد «القرية» وشراء الشركة وبدلاً من أن يتوسع فى مجال نشاط الشركة ببناء مصانع على الأراضى الفضاء المملوكة للشركة فإنه يقوم بطرد العمالة ووقف نشاط المصنع وتحويل الأراضى للاستثمار العقارى وهو ما حدث فى شركة الاسماعيلية للدواجن التى تمتلك آلاف الأفدنة قام المستثمر بتحويلها إلى مدن سكنية على غرار مدينة الرحاب ومدينتى. ووافقت الحكومة لأن المستثمر من «النوع الثقيل» الذى لا يرد له طلب ولو كان على حساب الصالح العام. كما حدث أيضا فى مصنع تجفيف البصل بسوهاج وهو واحد من أكبر مصانع التجفيف بالشرق الأوسط وأنشئ عام 1960 على مساحة 17 فدانًا للحفاظ على محصول البصل فى صعيد مصر وخاصة سوهاج التى تنتج 75% من إجمالى إنتاج محافظات الصعيد. ويعمل به 4 آلاف عامل. وتمت خصخصته على يد عاطف عبيد وزير قطاع العمال ثم اشترى المستثمر مجدى يعقوب 37% من أسهم الشركة بمبلغ 9 ملايين و885 ألف جنيه وأصبح مالكا للمصنع. وكان يوجد بمخازنه 2400 طن جاهزة للتصدير باعها بمبلغ 13 مليون جنيه أى أنه استرد قيمة أسهمه وفوقها 3 ملايين جنيه عن ثمن شراء المصنع. نقول إيه حلال عليه لكن الحرام أن يقوم المستثمر بتسريح العمالة ولم يتبق سوى 50 عاملاً فقط وتحويل الأراضى الفضاء للاستثمار العقارى ولم تجد الحكومة فى عام 2008 ممثلة فى الدكتور محمود محيى