رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

سيادة الرئيس.. الفول أولا!

الفول تاريخنا، والتاريخ مدرستنا، وإذا أردنا التعلم فلنقرأ التاريخ، واذا اردنا السياسة والحكم فلنرجع الى التاريخ لاستمداد الدروس والعبر، فالتاريخ مدرسة السياسي، ومعلم الحاكم الناجح، وبدون التاريخ وعبره ودروسه يفقد السياسي مصادر معرفته، تماما كما يفقد العالم مختبره العلمي، فالتاريخ هو المختبر او المعمل الذي يتعلم منه السياسي وعالم الاجتماع.

ولمعرفة لماذا الجرأة على الادعاء بأن الفول يجب ان يكون اولا؟ هيا بنا نسأل التاريخ، وهنا يحكي لنا التاريخ قصة دخول سليم الاول مصر عام ١٥١٧م بعد سقوط دولة المماليك، فقد وجد شوارعها، مليئة بالزبالة والقمامة، لذلك كان اول قراراته؛ إطلاق مشروع بسيط، ولكنه أساسي لانه كان رافعة للمجتمع، وانطلاقة لنهضة حقيقية حولت مصر الى درة للدولة العثمانية، واعادت اليها حيويتها بعد عصور من فساد المماليك، وارتباك حكمهم، وخلقت شرعية للسلطان العثماني عند المصريين.
وكان هذا المشروع يقوم على خبرة المصريين انفسهم وجهودهم، وليس على الجنود العثمانيين، لانه مشروع «نظافة القاهرة» وتنظيف شوارعها،  كان من أول آثاره خلق وظائف لآلاف المصريين، يجمعون القمامة من شوارع القاهرة، وبيوتها حتى صارت نظيفة جميلة زاهية، تشع حيوية، وتنطق ازدهاراً، وقد صدر الامر السلطاني؛ ان تكون هذه القمامة مصدرا للطاقة التنموية أيضا؛ من خلال تسليم كل ما تم جمعه من قمامة الى اصحاب الحمامات العامة، حتى يستخدموها في الوقود مجاناً لتسخين المياه المستخدمة في الحمامات، وقد أدى ذلك الى إلزام اصحاب الحمامات بتخفيض أسعار استخدامها بنفس نسبة سعر الوقود الى المصروفات العامة لحماماتهم، وبذلك انخفضت أسعار استخدام الحمام إلى النصف أو أكثر من النصف، فأصبح المصري الذي لم يكن يستخدم الحمام قادراً على الاستحمام فيه، والتمتع بتلك التجربة الرائقة، ومن كان يستخدمه مرة في الاسبوع أصبح يستخدمه أكثر من مرة، وهكذا سادت النظافة، وصحت الأبدان، وانتعش الناس، وزادت طاقتهم على العمل والإنتاج، ولم يقف الامر عند هذا الحد، ولكن صدر الامر ايضا ألا يأخذ صاحب الحمام أية أجور نظير استخدام موقد الحمام من قبل صانعي الأطعمة الشعبية، فقد اعتاد طباخو الفول المدمس، والبليلة، والحمص ان يضعوا قدورهم بجوار موقد الحمام، ويدفعون مقابل ذلك لصاحب الحمام، اما الآن فالوقود مجاني لذلك لن يدفعوا لصاحب الحمام شيئاً، وصار صاحب قدرة الفول، أو البليلة، أو الحمص لا

يتكلف شيئا نظير صنعته إلا ثمن الفول والقمح والحمص.
وبذلك انخفضت أسعار الأطعمة الشعبية الاساسية التي يتناولها جميع الشعب المصري مرة واحدة على الأقل يومياً، فازدهرت حياة الناس وتحقق لهم اهم حاجتين في الحياة الانسانية: الطعام لصحة الأبدان، والنظافة للإنسان والمكان، وهما اهم عناصر الحياة لعموم الناس، وما بعد ذلك كماليات.
ولان العصر غير العصر يا سيادة الرئيس، فانظر الى حاجات الناس الاساسية وابدأ بها، وهنا اقترح عليك سيادة الرئيس ان تبدأ بطبق الفول أو سندوتش الفول، أعمل على تخفيض اسعارهما الى الحد الذي يشعر المواطن المصري ان هناك أملاً في التغيير، ولكي يتم ذلك يجب أن يتم توفير الفول و«العيش» والوقود باسعار مخفضة، وتطبيق رقابة صارمة على الصنّاع والبائعين، ولا تحتاج الا الى توقيع العقوبة الصارمة على المخالف، وان يتم نشر ذلك في كل وسائل الاعلام لتحقيق وظيفة الردع للعقوبات، فيخاف الناس من المخالفة مخافتهم من العقوبة، ومع كل ذلك وقبله لابد من وضع وتطبيق مواصفات صحية، وجمالية لعربية الفول حتى تليق بالانسان في هذا العصر، ولا تعرض صحته للخطر، ويا حبذا ان تعمل هذه العربات بالطاقة الشمسية وتكون جميلة حضارية، جذابة، فالجمال حاجة انسانية، ومن يأكل وهو متمتع بالطعام يستفيد منه أكثر ممن يسكت معدته الثائرة.
وسوف أحلم بان يكون الفول وجبة مصرية تغزو العالم وتصبح مع الكشري من الأطعمة المفضلة عند جميع  البشر، في جميع الدول مثل الوجبات السريعة الأمريكية، الكنتاكي، والهوت دوج وغيرها.

أستاذ العلوم السياسية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية