الفول دوخنا وداخ
هل مصر ستشهد مظاهرات جياع مثل التي خرجت في عهد الرئيس أنور السادات؟، هل بطء الحكومة وقلة الموارد وانشغال النخبة بالعمل السياسي وانصرافهم عن احتياجات المواطنين سوف تفجر سكان الأحياء الشعبية والمهمشة والقرى والنجوع مثلما منذ 36 سنة؟، هل سترفع المرتبات والمعاشات بما يحقق حياة كريمة للمواطنين بعد ثورتين وخلع رئيسين؟.
أتذكر جيدا هذا اليوم جيدا، كان يوم الاثنين 17 يناير 1977، منذ ست وثلاثين سنة، كان عمري 18 سنة، كنت في قطار أبوقير بمدينة الإسكندرية عائدا من زيارة أحد الأصدقاء، قبل دخولنا محطة مصر، ربما فى سيدى بشر، فوجئت بفزع وهرج في القطار:
ــ إيه، فيه إيه؟
ــ بيرموا القطار بحجارة.
ــ مين.
ــ مظاهرات، الناس كلها في الشوارع.
توقف القطار ونزلت إلى الشوارع المحيطة، آلاف من الشباب والرجال يهتفون: عايزين حكومة حرة العيشة بقت مرة.. «سيد مرعى يا سيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه».. و«هو بيلبس آخر موضة وإحنا بنسكن عشرة ف أوضة»..» همه بياكلوا حمام وفراخ واحنا الفول دوخنا وداخ
قررت العودة إلى طنطا محملا ببعض الحكايات، أقف وأفاخر بين اهلى وجيراني وأصدقائي بمشاركتي في مظاهرة كبيرة، دخلت وسط الزحام، صوتي تحشرج، دموعى بدأت تتساقط، هتفت معهم: العيش مرة، لم أكن أعرف لماذا خرجوا، استمعت لبعض ما يقوله الشباب، فهمت أنهم خرجوا بسبب رفع الحكومة أسعار بعض السلع: رغيف العيش والسكر والشاى والأرز، والأجهزة الكهربائية والأقمشة المستوردة، والبنزين والغسالات والسخانات والمراوح والأقمشة والأفران والثلاجات والسجاد وأجهزة التسجيل.
تذكرت والدي وهو يقول: الدنيا غليت، هتفت بأعلى صوتي: عايزين حكومة حرة العيشة بقت مرة، انتبهت لبعض الأشخاص يقودون المتظاهرين، أحدهم كان طويل القامة، شعره مجعد وطويل، كان ينسق مع البعض في جهات أخرى من المظاهرة، بعض المتظاهرين كانوا يحطمون المحلات والسيارات، شاهدت بعض الأتوبيسات وهى تتهشم، وقفوا أمام كشك شرطة، تم تحطيمه عن أخره، وأشعلوا النار في سيارته، سمعت أحد الشباب يصرخ:
ــ إحنا بنحرق بلدنا، دى حاجتنا.
ــ صرخ آخر بأعلى صوته: مصر، مصر ، تحيا مصر
شعرت بقشعريرة وانهرت في البكاء، رددت خلفه الهتاف، غنينا: بلادي بلادي لك حبي وفؤادي، قوات الأمن تهاجم بقنابل مسيلة للدموع، سحابة من الدخان الحارق تغيم على الشوارع، النساء
[email protected]