على إبراهيم يكتب : محاولة فهم ما يجري
لا شيء يدعو إلى عدم تصديق ما قاله فيليب كراولي المتحدث السابق باسم وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون في منتدى ميدايز الأخير في طنجة الذي فند نظريات المؤامرة التي تقول: إن واشنطن كانت تتحكم في خيوط اللعبة في موجة التغييرات التي حدثت في المنطقة، خاصة في مصر. ويبدو أقرب إلى المنطق تأكيده:
«إننا في كل يوم من أيام يناير (كانون الثاني) 2011 نعقد اجتماعات تستمر ساعتين حول مصر نصفها في محاولة فهم ما يجري» وذلك حسب ما نقلت عنه التغطيات الإخبارية للمنتدى. فقد فاجأت الانتفاضات التي امتدت من تونس إلى مصر ثم ليبيا واليمن وسوريا والتي جاءت متقاربة زمنيا في وقت واحد بظروف وتداعيات مختلفة لجميع اللاعبين الدوليين، وكذلك المحليين بما في ذلك الأنظمة التي أطيح بها وقد يكون هذا هو سبب المواقف المرتبكة والمتناقضة أو المترددة في بعض الأحيان تجاه الأحداث التي أخذت مسارات مختلفة وما زالت من دون أن يكون هناك توقع أو استعداد لها بما في ذلك ما حدث في 30 يونيو (حزيران) في مصر من انتفاضة شعبية على حكم عام لـ«الإخوان» ولم يكن أحد يتصور أن ينتهي بهذه السرعة. وجزء كبير من عدم الفهم هذا يرجع إلى أنه يصعب التنبؤ بحركة الجموع ومزاجها العام، خاصة في ظل التغيرات التي تعرضت لها دول «الربيع العربي» التي حدثت من دون قيادات سياسية واضحة، وقفز إلى صدارة المشهد القوة الأكثر تنظيما واستعدادا وهي الإخوان المسلمين أو تيارات الإسلام السياسي فتشكل تصور أو انطباع عام بأن هذا هو المستقبل الذي يتعين على الجميع التعامل معه وصياغة تعايش وتعاون معها، بينما في حقيقة الأمر كان مزاج الشارع يتجه إلى مسار آخر. الشتاء بعد الربيع كان عنوان النقاش الذي تحدث فيه كراولي في المنتدى في طنجة في إشارة إلى حالة القلق من الغموض والاضطراب الذي يسود حاليا دول ما يسمى «الربيع العربي» وهي سمة عامة بدرجات مختلفة، من حرب مسلحة دموية في سوريا، إلى انسداد سياسي وأحداث عنف في تونس وفوضى ميليشيات مسلحة ومناطقية في ليبيا، ومرحلة انتقالية صعبة يصاحبها أحداث عنف إرهابية في مصر. قد يكون أبلغ توصيف لحالة «الشتاء بعد الربيع» ما جاء في تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي نظم قمة الأجندات العالمية في أبوظبي أمس عن أن المنطقة العربية تمر بمعركة
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط