رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أوراق مسافرة

فى حياة تضج بالعبثية وتراجع القيم، من الصعب أن تجد ما تكتب عنه بصدق خالص قلبك وقناعة كاملة من عقلك، لكنى هنا وجدته وقد تمثلت صورته كاملة أمامى بوجهه المصرى النقى الملامح، ابتسامته الهادئة، نظراته الفاحصة الفاهمة بعمق ودون تطفل لكل ما يدور حوله والتى تحمل خلفها الف معنى، مروره اللطيف الذى لا شائبة فيه على الزملاء الذين يعزهم ليلقى عليهم تحية الصباح وبعدها يتجه لمكتبه ويجلس عليه طيلة ساعات العمل منكبًا على الأوراق أو الكمبيوتر يؤدى مهامه الصحفية دون تذمر أو ملل، لا يفارق مكتبه إلا ليلبى نداء الصلاة، فيقف خلفه الزملاء ويكون هو إمامهم ونعم الإمام، إنه زميلنا الكاتب الصحفى والمثقف الكبير صلاح صيام. عرفته فى بيتنا الكبير الوفد منذ سنوات تعبت من عدها، سنوات بدأت بشبابنا الأخضر المنطلق للحياة والمغامرات الصحفية الخطيرة ووصلت بنا إلى المشيب، طيلة هذه السنوات التى شهدت تنافسا وخلافات ومشاكل تحدث داخل أى مؤسسة عمل بين الزملاء، لم أجد صلاح صيام أبدا طرفًا فى واحدة من كل هذا، لا أعرف على وجه الدقة سر عزوفه عن السعى لكرسى أو منصب مثل غيره، لكنى كنت معجبة مع الدهشة بحالة الرضاء التام والتصالح مع النفس التى يتمتع بها فى كل مرحلة من مراحل حياته الصحفية والتى كان يتم خلالها نقله من قسم لآخر، قد يعترض ضد قرار رئيس التحرير، لكن فى نهاية الأمر ينفذ القرار عندما يخبره رئيس التحرير أن نقله لرئاسة أو الإشراف على القسم الجديد إنما هو لمصلحة العمل وللاستفادة من خبرته فى القسم الجديد. لعل آخر ما اعترض عليه هو إشرافة على القسم الخارجى، وهو المهتم طيلة حياته بالثقافة والقراءة وعالم الأدب والكتب، فهو ناقد أدبى من الطراز الرفيع، لكنه ابتلع اعتراضه عندما أخبره أيضا رئيس التحرير فى وقتها أن هذا لمصلحة العمل، حيث كانت الساحة العالمية تضج بالأحداث الساخنة التى تحتاج إلى وعى صحفى وخبرة كبيرة فى التغطية. المثير أنه كان يثبت نفسه ووجوده كصحفى كبير فى كل الأقسام التى مر بها دون أن يتخلى عن الصبغة الأدبية فى كتاباته، حتى كتابته فى السياسة الخارجية لم تخل من مصطلحات وتعبيرات أدبية كانت تمنح القصة الخبرية والتغطية نكهة خاصة لا يتمتع بها كثيرون، وعندما كنت أقرأ تقريرا أو تحليلا أو قصة خبرية فى صفحة الخارجى أشعر فورا أنها بروح وقلم صلاح صيام حتى دون أن يذيل الموضوع باسمه، لأن بصمته الأدبية كانت واضحة فى كل كتاباته. أوقات قليلة تلك التى تمتعت فيها بالجلوس معه أمام مكتبه، نتحاور فى رواية أو كتاب ما أحضره لى أو إصدار أدبى جديد لى، وكان يفاجئنى دائما بالكتابة الراقية والموضوعية الناقدة حول رواياتى سواء فى الوفد أو فى المواقع الأدبية الأخرى التى كان ينشر درره بها، معجبة أنا بعمق فكره، بثقافته، برضائه بكل أمور الحياة، بسخريته الهادئة العميقة التى كان يفلسف بها الأشياء والأحداث، ولا أنسى ذلك اليوم الذى جاء لمكتبى وكان وجهه الطيب به غضبه هادئة لا يدركها إلا من يعرف صلاح صيام عن قرب، كانت روايتى «تعاويذ عاشق الدم» فى يده، لوح لى بالرواية وقال رائعة ومبدعة باستثناء تلك الكلمات التى وصفت بها أشياء خاصة مرت بها البطلة، أدركت ما يقصده زميلى الحيى بإشارته واعتذرت عن إفراطى فى بعض الوصف، وإذا به يقول «لا أريد ان يكون فى كتاب لك ذنب جارٍ ولو بدون قصد منك، انتبهى لهذا فى كتاباتك القادمة» بالفعل أخى الغالى صلاح فى روياتى اللاحقة تجنبت الخوض فى وصف بعض العلاقات، حتى لا تكون كتبى ذنبًا جاريًا لى وأستغفر الله عن كلمة كتبتها دون قصد اعتقادًا منى أنها تخدم أحداث الرواية، جازاك الله خيرا. تلك السطور ليست مقدمة، بل هى جوهر الموضوع، صلاح صيام الصحفى الكبير الكاتب المثقف الخلوق يرقد الآن فى العناية المركزة بالقصر العينيى بين يدى الله، يصارع المرض والألم، هذا الألم الذى كان يستحى أن يشكو منه لأحد، ويقول لى حين ألمحه على وجهه «هل نشتكى بلاء الله للبشر» لك الله يا صلاح فى كل صبرك على تقلبات الحياة ومشاق العمل التى كانت والآن على آلام المرض. داليا زوجته الجميلة وأولاده ندى وأحمد ومحمد الصابرة المحتسبة تستحى هى الأخرى من دق أبواب الزملاء طلبا للمساعدة الطبية لزوجها حبيبها رفيق دربها وأبو أولادها فى مكالمة مطولة معاها قالت لى الجميع يعلم ما به، ولو أراد أحدهم المساعدة الطبية من خلال الأطباء ليلقى الراعية المطلوبة لإنقاذ حياته لفعلوا، أنا لن أطلب شيئا من أحد، أنا أطلب من الله، والله هو من سيرسل البشر لمساعدته، نفس منطق صلاح، فعلا الطيبين للطيبات سيدتى الله معك، قلبى معك، قلوب كل من عرف صلاح صيام واحبوه واحترموه ووقفوا خلفه فى الصلوت معه يدعون له، قد لا يكفى الدعاء، لأن صلاح يحتاج الآن إلى أياد قوية من الوفد من نقابتنا المحترمة تقف بجانبه تدعمه فى محنته الصحية ليعود لزوجته وأولاده سالمًا معافى. ليتك أخى الغالى تسترد وعيك وعافيتك وتقرأ كلماتى لك كما قرأت دومًا كلماتك، ليتك تعود لتكتب، فأنا وغيرى كثيرون مشتاقون لقلمك المتميز وكلماتك الواعية العميقة التى تكتبها بمداد قلبك، من قلبى كل السلامة لك والدعوات بالصحة..

[email protected]