رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أوراق مسافرة

عزيزى الإنسان، لا تدع طاقتك السلبية بكل أمراضها وشرها تتحكم فى نفسك لتدمر حياتك والآخرين، على كل العقلاء فى هذا العالم أن يدركوا هذا، ليس منا من كانت طفولته سعيدة بالمطلق، حتى الأثرياء ممن يقال عنهم ولدوا فى أفواههم ملاعق ذهب، لا يخلو أى منهم من عقدة ما فى طفولته وشيء سلبي، حتى التدليل المفرط له انعكاسات سلبية على الإنسان حين يكبر، جملة القول كل إنسان بالغ سيجد بداخله شيئًا ما فى ذاكرته يؤرق حياته ويؤثر فيها، وإدراك خطورة هذا الشيء ومحاولة علاجه بكل الطرق أمر ضروروى لتنقية أنفسنا من شوائب الطفولة، تلك الشوائب التى تجعلنا نعتنق مفاهيم وسلوكيات خاطئة فى الحياة، نرتكب الشرور لنحقق أحلامنا وأهدافنا ولو على حساب الآخرين.
والطاقة السلبية طاقة شر، تجعلنا نفقد الشعور بالنعم التى وهبها الله لنا، ونبحث عن المزيد من المكاسب والأشياء التى فى أيدى الآخرين، وأيضًا فى نفس الوقت لا نشعر أبدًا بالرضا، لأننا ننسى ونغفل فى خضم هذا أن بداخلنا كنز هائل هو روح الحياة نفسها، لو أدركنا ماهية روح الحياة هذه لعاش كل منا فى سعادة وراحة بال ورضا بكل ما يهبه الله له من نعم، ولسعى فى رحلة الحياة بنفس راضية مهما صادفه من صعوبات بنفس راضية وارادة قوية دون أن يؤذى فى رحلته أحدًا لتحقيق نجاحات أو مكاسب، لقناعته بأن لديه روح الحياة وطاقتها الإيجابية الخاصة به، فقط عليه تطويع هذه الهبات الإلهية لخير نفسه وعدم الضرر بالآخرين، بل والتعاون معهم ومساعدتهم لأجل مجتمع مترابط تسوده المحبة والمساندة لا الشر والكيد والخذلان.
وجد باولو كويلو مؤلف رواية الخيمائى نفسه من خلال الراعى الأسبانى بطل روايته– والتى أعتقد أن مضمونها يشير اليه شخصيا- فى رحلة بحثة عن ذاته وروح الحياة د، فقد رأى الراعى حلمًا متكررًا حول كنز مدفون في الأهرامات بمصر، وقرر أن يجرى وراء هذا الكنز ليحقق ما رآه فى الحلم، وخلال سفرته الطويلة التى بدأها من إسبانيا وعبر مضيق جبل طارق، مارا بالمغرب، حتى بلغ مصر واجه الكثير من العقبات التى كادت تمنعه من متابعة الرحلة وتجعل من المستحيل عثوره على هذا الكنز، لكنه مع هذه الصعوبات كان يتلقى إشارات غيبية تجعله يواصل الرحلة الشاقة فى إصرار رغم أنه لا يملك دليلًا واحدًا على وجود الكنز فى الواقع.
خلال رحلته يتعرض للسرقة وللمخاطر والموت، ويصادفه رجل إنجليزي يريد أن يصبح خيميائيًا، وخيمياء تعنى تحويل أى معدن إلى ذهب، وهذا الرجل يبحث هو الآخر عن حلمه، ويحثه هذا الرجل على المضى نحو كنزه ويلتقى الراعى الإسبانى ايضا فى رحلته الفتاة الجميلة فاطمة ويقع فى حبها، وتتصارع نفسه بين البقاء إلى جانب حبيبته وبين متابعة البحث عن كنزه المادي، وتحسم فاطمة حيرته وتنصحه بالمضى وراء حلمه وتعده بإنتظار فى الصحراء.
خلال رحلته تنشأ رابطة بينه وبين الكون حتى يصبح عارفًا بلغة الكون فاهمًا لعلاماته وإشارته الغيبية وهو يواجه الذل، الإثارة، الحب، ألم الفراق، الحروب والصراعات بين قبائل الصحراء، وعندما تقبض عليه إحدى قبائل الصحراء هو والخيميائى الإنجليزي، ينجو من الموت بأعجوبة من خلال إيمانه بتلك الإشارات الكونية وقد وضعه هذا الموقف فى اختبار عظيم من علاقته بالكون، وعندما يصل وحده أخيرًا إلى الأهرامات يكتشف أن ما ينتظره هو علامة أخرى ليصل لكنزه، ليدرك أن كنزه الأول هو ذاته، وأن كل هذه الرحلة كانت لتتوطد علاقته الروحية مع الكون ويكتشف طاقته الإيجابية الحقيقية والتى تتلخص فى أن الإنسان عندما يريد شيئًا فإن كل شيء فى الكون يطاوعه لتحقيق رغبته، وأن الكنوز بداخلنا هى التى تثرينا وترضينا وليس كنوز المادة، لأنه بالفعل يجد صندوقًا مملوءًا بالذهب، لكنه لا يتوقف عن مواصلة الرحلة لمزيد من اكتشاف الكون. قد لا يقتنع كثيرون بهذا الطرح ولكن سيتعجبون حين يعلمون أن مضمون وجوهر الرواية فى علاقة الإنسان بالكون وإيجاده لكنزه الذاتى أولًا ليسعد وهو يرتحل فى الحياة ويغامر ليحقق أحلامه بلا يأس ودون أن يؤذى أحدًا، لذا كانت هذه الرواية الأعلى مبيعًا فى العالم، فقد بيع منها 210 ملايين نسخة فى 170 دولة وترجمت لأكثر من 81 لغة.

[email protected]