عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

يخطئ من يظن أن مخطط اجتياح لبنان وليد اللحظة أو نتيجة لأحداث راهنة، ويخطئ أيضًا من يعتقد أن هذا الاجتياح جاء لردع خطر يمكن أن يهدد أمن الكيان المحتل، ويخطئ كذلك من لا يدرك أن مخططات إسرائيل التوسعية بشن هجمات عسكرية استعمارية وما يتبعها من عمليات قتل وتدمير ومذابح وإبادة جاءت من أجل السلام، فما تفعله «تل أبيب» الآن أوراق سابقة التجهيز لتحقيق الحلم التوراتى «من النيل إلى الفرات »، وكل ما تحتاج إليه لتنفيذ هذا الكابوس «أرض يسرائيل» التى وعدهم بها الرب ذريعة لشن العدوان كلما سنحت الفرصة بذلك، وما حدث أمس يفسر ما يحدث اليوم وما سيحدث غدًا، فقط صفحات التاريخ تعيد طباعة نفسها مرة أخرى وربما مرات على أوراق ملطخة بدماء عربية!
ما حدث أمس:
فى 15 يناير 1982 بث التليفزيون الإسرائيلى تصورًا لسيناريو تسلسل أحداث الحرب العربية الإسرائيلية الخامسة المحتملة، وجاءت المشاهد كالتالى:
تبدأ الأحداث بسيارة ناسفة تنفجر وسط مدينة «عكا»، يسفر الحادث عن سقوط عدد كبير من القتلى وعشرات الجرحى بينهم أطفال، تعلن القيادة العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية مسؤوليتها عن الحادث، يحضر رئيس وزراء إسرائيل مراسم جنازة الضحايا، ويقوم بزيارة الجرحى ثم يعلن عن ضرورة استئصال الإرهاب من المنطقة، فى نفس اليوم يؤكد «شارون» وزير الدفاع أمام المسؤولين الأمريكيين أن جنوب لبنان أصبح مركزًا للإرهاب الدولى، وبعد ذلك تعبر المدرعات الإسرائيلية نهر«الليطانى» فى جنوب لبنان، وقبل نهاية البرنامج قال معلق التليفزيون إنه يكفى شرارة أو حادث اعتداء خطير على سبيل المثال كى يتحقق هذا السيناريو!
استمرت المناوشات والتهديدات وعمليات التربص والترصد و«التحرش السياسى» لتنفيذ مخطط اجتياح لبنان بعد اعتبارها جزءًا من الأرض الموعودة!، وفى 3 يونيو 1982 استغلت اسرائيل حادث محاولة اغتيال سفيرها فى لندن «شلومو أرغوف» وألقت بالتهمة علي« منظمة التحرير الفلسطينية» التى نفت أن يكون لها أى دور فى هذا الاغتيال، لكن الحدث كان الشرارة المنتظرة لتنفيذ عملية الاجتياح!
فى 4 يونيو 1982 بدأت الغارات الإسرائيلية بقصف الأحياء السكنية ومخيمات «صبرا وشاتيلا»، وفى 6 يونيو 1982 اجتاحت قوات الإستعمار الصهيونى جنوب لبنان بعد ساعات من صدور قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار الفورى!
ما يحدث اليوم:
علينا فقط إعادة تركيب وإحلال مشاهد الأحداث فى سيناريو الحرب الخامسة الذى بثه التليفزيون الإسرائيلى فى الفقرة السابقة، لنجد أن عملية «طوفان الأقصى» التى قامت بها حماس وربما التى سمحت إسرائيل بحدوثها، هى الشرارة والذريعة لإعادة تنفيذ مخطط الاستعمار الصهيونى وبدء عمليات التدمير الشامل والإبادة لغزة وأهلها، ثم الانتقال إلى الجنوب اللبنانى واغتيال قيادات «حزب الله »، ثم الحديث عن عملية برية لإجتياح لبنان وضرب اليمن بمباركة غربية أمريكية، تحت غطاء محاربة جذور الإرهاب وإحلال السلام والأمن فى المنطقة!
ما يحدث غدًا:
أحداث الغد تتنبأ بها أحداث أمس واليوم، وتشير إليها الإجابة عن سؤالين، الأول: لماذا يتحدث «نتنياهو» بكل هذا الغرور وتلك «البجاحة» بمواصلة الحرب حتى تحقيق النصر الكامل، دون أن يخشى حسابًا أوعقابًا، وأن يد اسرائيل «الطويلة» يمكنها الوصول لأى مكان فى الشرق الأوسط برمته وليس إيران فقط؟!، والثانى: هل سلمت إيران رقبة «حسن نصر الله» وقيادات حزب الله إلى إسرائيل.. ولماذا؟، إجابة السؤال الأول لا تحتاج إلى عناء فى ظل الدعم اللا محدود وغير المشروط الذى تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل، ودور«كلب الحراسة» الذى تلعبه الثانية لحماية وتأمين مصالح أمريكا والغرب فى الشرق الأوسط خاصة فى البحر الأحمر، ونترك إجابة السؤال الثانى للأيام القليلة القادمة تجيب عنه وتؤكد شرعيته أو بطلانه.
فى النهاية:
ما يجرى الآن هو عملية «ارتجاج سياسى» قد يغير موازين القوى فى الشرق الأوسط، وتتوقف نتائج هذا «الارتجاج السياسى» على قدرتنا والعالم بالتصدى لهذا «اللغم التوراتى، من النيل إلى الفرات»، قبل أن ينفجر هذا الكابوس ويجر المنطقة إلى حرب إقليمية «تجر» بعدها العالم لحرب عالمية.

[email protected]