رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

تأملات

قبل أن تقرأ.. ليس فى هذا الحديث أى شماتة تجاه إيران أو حتى نقد لها أو إدانة، بل على العكس حديثنا ينصرف إلى ادانة حال النظام الدولى على خلفية ما نعتبره أو عنوننا به هذه السطور وهو مأزق إيران!

فبعد أسبوعين من الإعتداء الواضح على سيادتها من قبل اسرائيل باغتيال اسماعيل هنية على أراضيها، تجد طهران نفسها فى وضع لا تحسد عليه، فلا هى قادرة على رد الاعتداء باعتداء مقابل ومواز، ولا هى قادرة على ابتلاع الإهانة. دعك بالطبع من حالة الاستنفار القصوى فى إسرائيل والتحسب لهجوم وهو امر اعتبره زعيم حزب الله حسن نصر الله جزءًا من العقاب!

ليس فيما نذهب اليه تشكيك فى رد إيران، أيا كان هذا الشكل، فهو فى تصورنا قادم، ولكن ملحوظتنا ترد على السرعة وقوة الرد، على النحو الذى تولد فى ذهن كل متابع للأزمة منذ بدايتها وراح يتصور معها أن الضربة أتية فى التو واللحظة وأنها ستمثل ثمنا باهظا تتحمله تل أبيب على فعلها.

المشكلة ليست فى إيران، وإنما فى حقائق النظام الدولى التى راحت تفرض نفسها، وأولها أنه نظام قائم على القوة والتى تستدعى معها البلطجة وغياب العدالة وقدرا من النفاق! ورغم الأصوات الزاعقة التى خرجت من طهران إثر اغتيال هنية وهى أصوات لديها كل الحق، ولكن فى النهاية يمكن اعتبارها بتعبير الشوام «فشة خلق»! ما جعل طهران، على ما يبدو، وفى حدود قراءتنا لموقفها تتعامل بمنطق أو بمبدأ أن السياسة هى «فن الممكن وليس المستحيل» وأن ما لا يدرك كله لا يترك كله، وما قد لا يتم الآن يمكن أن يتم لاحقًا، وأن أى رد فعل ساخن يمكن بمرور الوقت تبريده! 

ولذلك فإنه بعد أن كان الكل يضع يده على قلبه من حرب إقليمية شاملة لا يعلم عواقبها الا الله، تلاشت تلك المخاوف وهو أمر رغم كل مزاياه إلا أن له دلالاته السلبية أيضا، أولاها أن إسرائيل يمكن لها أن تمرح فى المنطقة شرقا وغربا شمالا وجنوبا دون أن يرف لها جفن أو تقلق من أن يمسها أحد بسوء بفعل مظلة الحماية الأمريكية! والتى تمتد وتتوسع ليغلفها غطاء مساندة أوروبية رغم أن الحق واضح جلي! 

اذا تغافلنا عن أكبر مقبرة جماعية فى العالم تعكس الحرب على غزة مظهرها، وهذا ليس موضوعنا رغم أنه لب الأزمة، فإن المدهش والمذهل أن لا الولايات المتحدة ولا الغرب يرون بأسا فى اقدام تل أبيب على انتهاك سيادة إيران، الحدث مر عليهم مرور الكرام، ولا يرون سوى تبعاته ممثلا فى رد إيران، فراحت واشنطن والعواصم الغربية تدعو طهران لالتزام الحكمة وعدم التصعيد، وإلا فإن الأساطيل والغواصات وحاملات الطائرات أقرب للشرق الأوسط من حبل الوريد، تزيدها جدية وحزما تهديدات أوستن وزير الدفاع الأمريكى بالويل والثبور لإيران ومن هم على موقفها. ليس ذلك بل عززت واشنطن موقفها المنحاز بالحصول على بيان خماسى بريطانى فرنسى المانى ايطالى أمريكى بالدفاع عن إسرائيل حال تعرضها لهجوم. وزاد الموقف وطأة على طهران نصيحة بوتين بألا تنخرط فى رد فعل كبير ضد اسرائيل.

كل ذلك انعكس فى موقف طهران وتغليب صوت العقل على نحو عكسه الرئيس الإيرانى الجديد مسعود بزكشيان ليصبح وقف النار فى غزة هو أولوية إيران والأمر الذى يمكن أن يجعلها تتراجع عن الرد على العملية الإسرائيلية.

فى النهاية فإن أهم دلالة على ما جرى هو ترويض ما يسمى بمحور المقاومة الصوت العالى الباقى الوحيد فى مواجهة تغول قوة إسرائيل، بغض النظر عن حجم اختلافنا أو اتفاقنا مع هذا المحور ومكوناته.

[email protected]