رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أن تصل متأخرًا..

أدباء ومفكرون هجروا تخصصاتهم وامتهنوا الكتابة

بوابة الوفد الإلكترونية

إدريس والعقاد والغيطانى.. لحظات التخلى عن حلم المجتمع

 

لربما كان الحلم عظيما، يسكن صدورنا منذ لحظات وعينا الأولى بتلك الحياة.. يكمن هناك، ينتظر التحقق؛ نكبر ويظل هو، يستلب جهدنا نحوه، تتشبث أيدينا به، فنحن حتما محققوه...  

لكن بكرور الأيام والسنين تتكشف الأشياء تباعا، فلا هذا القابع هناك بين صدورنا هو الحلم الأنسب، ولا صرنا نحن نمسك بأدوات تحقيقه، فجأة.. ندرك أن ثمة أحلاما أخرى أكثر ملاءمة لإمكاناتنا وحياتنا، بل قد تجعلنا أكثر نجاحا، وأكثر رضاء عن أنفسنا..

لندرك أن من يصل لحلمه الحق حتى ولو كان الوصول متأخرا أفضل ممن يظل فى هذا الركن القصى من الوهم، يقاتل من أجل حلم قد يفترضه له الآخرون ليس إلا.

هكذا قد يظن الكثير من الشباب أن التحاقه بتخصص ما هو الحلم الأوحد ولا شيء غيره، حتى إذا فاته أقام مندبة لا تنتهي، وقد يحقق فيما ظنه لا يلائمه مكانة ما كان محققها فى حلمه الأبدى..

ولسنا هنا ببعيد.. فها هم الكثير من الأدباء والمبدعين والمفكرين والعلماء اختاروا الابتعاد عن تخصصهم والتخلى عما حققوه عبره من مكانة مجتمعية واضحة، فقط لأنهم تكشفوا ذواتهم فى جانب آخر من حلم كان يطاردهم لكنهم كانوا عنه منشغلين، فقرروا أن يلحقوا بركب الحلم، ليحققوا رضاء نفسيا واتساقا بعيدا عن رغبات مجتمع لا يعى احتياجاتهم..

وبين أيدينا نماذج بلغت أسماؤهم الآفاق شهرة ونجاحا، هجروا مهنتهم الأصلية واتجهوا للأدب والكتابة، فكانوا أنفسهم.

<< محمد حسين هيكل

فيما يعد محمد حسين هيكل من أهم قامات الأدب والفكر، خاصة فى مجال كتابة التاريخ الإسلامى. فرغم اشتغاله بمهنة المحاماة فى مدينة المنصورة وذلك بعد تخرجه فى كلية الحقوق الخديوية سنة 1905 وحصوله على درجة الدكتوراه من فرنسا عام 1912، فإنه خلال وجوده هناك صقل هوايته الأدبية بالقراءة، خاصة فى الأدب الأندلسى. ترك المحاماة بعد اختياره للتدريس عام1917، وخلال هذه الفترة لم ينقطع عن الكتابة فى الصحف المصرية، وله مؤلفات أدبية قيمة من أهمها «حياة محمد»، و«مذكرات فى السياسة المصرية».

<< العقاد

ولد العقاد في أسوان، اقتصرت دراسته على المرحلة الابتدائية فقط؛ لعدم توافر المدارس الحديثة فى محافظة أسوان، حيث ولد ونشأ هناك، كما أن موارد أسرته المحدودة لم تتمكن من إرساله إلى القاهرة كما يفعل الأعيان. واعتمد العقاد فقط على ذكائه الحاد وصبره على التعلم والمعرفة حتى أصبح صاحب ثقافة موسوعية لا تضاهى أبدًا، ليس بالعلوم العربية فقط وإنما العلوم الغربية أيضًا؛ حيث أتقن اللغة الإنجليزية من مخالطته للأجانب من السائحين المتوافدين لمحافظتى الأقصر وأسوان، ما مكنه من القراءة والاطلاع على الثقافات البعيدة. وكما كان إصرار العقاد مصدر نبوغه، فإن هذا الإصرار كان سببًا لشقائه أيضًا، فبعدما جاء إلى القاهرة وعمل بالصحافة وتتلمذ على يد المفكر والشاعر الأستاذ الدكتور محمد حسين محمد، خريج كلية أصول الدين من جامعة القاهرة. أسس بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري «مدرسة الديوان»، وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد فى الشعر والخروج به عن القالب التقليدى العتيق. وعمل العقاد بمصنع للحرير فى مدينة دمياط، وعمل بالسكك الحديدية لأنه لم ينل من التعليم حظًا وافرًا حيث حصل على الشهادة الابتدائية فقط، لكنه فى الوقت نفسه كان مولعا بالقراءة فى مختلف المجالات، وقد أنفق معظم نقوده على شراء الكتب، والتحق بعمل كتابى بمحافظة قنا، ثم نقل إلى محافظة الشرقية.

<< يوسف إدريس

فها هو رائد القصة القصيرة، العبقرى يوسف إدريس، الذى هجر مهنة الطب من أجل حلم الكتابة، فقد حصل على بكالوريوس الطب من جامعة القاهرة 1947وتخصص بعدها فى الطب النفسي، وانعكست دراسته على كتاباته.

لما كانت الكيمياء والعلوم تجتذب يوسف فقد أراد أن يكون طبيبًا. وفى سنوات دراسته بكلية الطب اشترك فى مظاهرات كثيرة ضد المستعمرين البريطانيين ونظام الملك فاروق. وفى 1951 صار السكرتير التنفيذى للجنة الدفاع عند الطلبة، ثم سكرتيرًا للجنة الطلبة. وبهذه الصفة نشر مجلات ثورية وسجن وأبعد عن الدراسة عدة أشهر. وكان أثناء دراسته للطب قد حاول كتابة قصته القصيرة الأولى، التى لاقت شهرة كبيرة بين زملائه.

عمل كطبيب بالقصر العيني 1951-1960؛ حاول ممارسة الطب النفسانى سنة 1956، مفتش صحة، ثم صحفى محرر بالجمهورية، 1960، كاتب بجريدة الأهرام، 1973 حتى عام 1982.

منذ سنوات الدراسة الجامعية وهو يحاول نشر كتاباته. وبدأت قصصه القصيرة تظهر فى المصرى وروز اليوسف. وفى 1954 ظهرت مجموعته أرخص الليالى. وفى 1956 حاول ممارسة الطب النفسى ولكنه لم يلبث أن تخلى عن هذا الموضوع وواصل مهنة الطب حتى 1960 إلى أن انسحب منها وعين محررًا بجريدة الجمهورية وقام بأسفار فى العالم العربى فيما بين 1956-1960.

ويعد ادريس من أكثر الأدباء الذين لديهم وفرة ثقافية، ومن أهم أعماله الأدبية: أرخص ليالي، النداهة، بيت من لحم، جمهورية فرحات، وغيرها، كما أنه ألف للمسرح عدة أعمال منها: اللحظة الحرجة- المهزلة الأرضيّة، الفرافير.

<< مصطفى محمود

وعلى الدرب ذاته سار الدكتور مصطفى محمود الفيلسوف والكاتب الذى درس فى كلية الطب تخصص أمراض صدرية وتخرج فيها عام 1953.. ولكن حبه للأدب والكتابة جعله يترك مهنة الطب مبكرا عام 1960، فقد أثبت نفسه فى مجال الكتابة بجدارة وتميز أسلوبه بالجاذبية مع العمق والبساطة، كتب 89 كتابا منها العلمية والدينية والفلسفية والاجتماعية والسياسية، بالإضافة إلى أدب الرحلات، والمسرحيات.

<< سعد الدين وهبة

أما سعد الدين وهبة فقد تخرج فى كلية الشرطة عام1949وعمل ضابطا، ولحبه للأدب دخل كلية الآداب بجامعة الاسكندرية وتخرج فيها عام 1956. وأصبح من أفضل مؤلفى المسرح، له عدد كبير من المسرحيات من أهمها: سكة السلامة (1964)، كوبرى الناموس (1966)، كما كتب سيناريو وحوارا لعدد من الأفلام السينمائية والأعمال التليفزيونية منها: زقاق المدق عام1963، الحرام عام 1965. ومن رواياته الأدبية: أرزاق 1958، كفر العشاق 1994، وقد حصل على العديد من الأوسمة والجوائز فى مجال الأدب.

<< يحيى حقي

وعن الروائى يحيى حقي، فقد التحق بكلية الحقوق عام 1921وعمل بالمحاماة ثم اشتغل أيضا بالسلك الدبلوماسى إلى أن تزوج من سيدة أجنبية عام 1954فترك هذا المجال واستقر فى مصر ليتفرغ للكتابة، فاشتغل فى الصحافة وكتب أربع مجموعات من «القصص القصيرة» من أشهرها «قنديل أم هاشم» 1968، وأصبح من كبار الأدباء المصريين البارزين فى تاريخ الأدب والسينما.

<< نزار قباني

وكان نزار قبانى الشاعر والكاتب السورى يميل للشعر الذى تملكه منذ طفولته. درس نزار فى كلية الحقوق جامعة سوريا وتخرج فيها عام 1945وبعدها دخل السلك الدبلوماسى فانتقل خلال فترة عمله إلى كثير من البلدان حتى قدم استقالته عام 1966 ليتفرغ للشعر وأسس دار نشر فى بيروت، ويمتلك رصيدا هائلا من الدواوين الشعرية التى تصل إلى 35 ديوانا.

<< جمال الغيطاني

أما الكاتب الصحفى جمال الغيطانى فقد بدأ حياته بمهنة مختلفة وبعيدة تماما عن الأدب فعمل رساما للسجاد الشرقى ومفتشا على مصانع السجاد الصغيرة.

فقد تلقى تعليمه الابتدائى بمدرسة عبد الرحمن كتخدا، وأكمله فى مدرسة الجمالية الابتدائية. فى عام 1959 أنهى الإعدادية من مدرسة محمد على الإعدادية، ثم التحق بمدرسة الفنون والصنائع بالعباسية. وقد ولد الغيطانى لأسرة فقيرة وعمل وهو طفل كصانع سجاد ثم عمل بأحد مصانع خان الخليلي وعمل سكرتيرا للجمعية التعاونية المصرية لصناع وفنانى خان الخليلى.

وقال جمال الغيطانى إنه تعلم من دراسته لصناعة السجاد، التى أكملها بعامين فى الصباغة والطباعة بكلية الفنون التطبيقية الإتقان والصبر الشديد، وأشار إلى أن «للسجاد كفن علاقة بالتاريخ والرمزية».

 كما عمل الغيطانى مفتشا حينها على بعض مصانع السجاد الصغيرة ثم مشرفا على مصانع السجاد بمحافظة المنيا. ويعتقد أن هذا العمل كان له تأثير كبير على طريقة تفكيره وأسلوبه الروائي، و«بدا فى رواياته كمن يعيد نسج وقائع التاريخ القديمة فى أعمال إبداعية بطرق جديدة، وبطريقة محكمة».

وبمجرد أن وجد الغيطانى فرصة لإثبات موهبته فى الكتابة اشتغل بالصحافة، وكان مسئولا لسنوات طويلة عن الدوريات الأدبية حتى توفى عام 2015، من مؤلفاته «اعتقال المغيب» 1966، حيث تضمنت الرواية تجربته فى المعتقل فى بداية حياته نتيجة اتجاهاته السياسية.

عمل رئيس تحرير صحيفة أخبار الأدب المصرية. وُصف بأنه «صاحب مشروع روائى فريد استلهم فيه التراثَ المصرى ليخلق عالمًا روائيًا عجيبًا يعد اليوم من أكثر التجارِب الروائية نُضجًا».

<< نبيل فاروق

أما الدكتور نبيل فاروق فترك أيضا مهنته كطبيب للتفرغ للأدب بعد ان اشتغل طبيبا فى بلدة صغيرة وذلك بعد تخرجه فى كلية طب جامعة طنطا تخصص جراحة.

ولكن بعد نجاح سلسلة الجيب التى كان يقوم بتأليفها، استقر فى القاهرة عام 1990واعتزل الطب. من سلاسل الجيب التى اشتهر بها: «رجل المستحيل»، و«ملف المستقبل»، وبانوراما، كوكتيل ٢٠٠٠، الأعداد الخاصة، زهور.

<< أحمد خالد توفيق:

أحمد خالد توفيق (10 يونيو 1962 – 2 أبريل 2018)، أستاذ جامعى، وطبيب، وكاتب، ومؤلف، ومترجم مصرى. يُعد أول كاتب عربى فى مجال أدب الرعب. والأشهر فى مجال أدب الشباب، والفنتازيا، والخيال العلمى. لُقب بـ«العراب».

استمر نشاطه الأدبى مع مزاولته مهنة الطب، فقد كان عضو هيئة التدريس واستشارى قسم أمراض الباطنة المتوطنة في كلية الطب (جامعة طنطا).

بدأت رحلته الأدبية مع كتابة سلسلة ما وراء الطبيعة، ورغم أن أدب الرعب لم يكن سائدًا فى ذلك الوقت، فإن السلسلة حققت نجاحًا كبيرًا، واستقبالًا جيدًا من الجمهور. ما شجعه على استكمالها، وأصدر بعدها سلسلة فانتازيا عام 1995، وسلسلة سفاري عام 1996. فى عام 2006، سلسلة دبليو دبليو دبليو.

ألف أحمد توفيق روايات حققت نجاحًا جماهيريًا واسعًا، وأشهرها رواية يوتوبيا عام 2008، وقد تُرجمت إلى عدة لغات، وأُعيد نشرها فى أعوام لاحقة. وكذلك رواية السنجة التى صدرت عام 2012، ورواية مثل إيكاروس عام 2015، ثم رواية فى ممر الفئران التى صدرت عام 2016، بالإضافة إلى مؤلفات أخرى مثل: قصاصات قابلة للحرق، وعقل بلا جسد، والآن نفتح الصندوق التى صدرت على ثلاثة أجزاء.

توفى في 2 أبريل 2018 عن عمر يناهز 55 عامًا، على أثر أزمة صحية مفاجئة.