رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

د. مجدى عاشور المستشار الدينى لوزارة التضامن لـ«الوفد»:

سلوك المتطرفين سبب خوف الغرب من الإسلام

بوابة الوفد الإلكترونية

الطعن فى السنة «زوبعة».. وتجديد الخطاب الدينى مطلوب
الاجتهاد بابه مفتوح.. ولا نحجر الفتوى على المشايخ
الشائعات تسقط دولاً.. وأدوات التواصل سلاح ذو حدين
تفتيت الثوابت.. سبب رئيسى فى ضياع المجتمع


يؤمن الدكتور مجدى عاشور مستشار وزير التضامن للشئون الدينية والمستشار العلمى السابق لمفتى الديار المصرية، بأنَّ الفتوى تمثل حلقة الوصل بين الماضى والحاضر، خاصة أنَّ فتاواه تدل على عقلٍ مستنيرٍ وتقديرٍ حكيمٍ لحاجات الناس وضرورات الوقت. يخاطب الناس فى العديد من البرامج بلغة العصر، ويقدم نموذجًا للفقيه المستنير الذى يصحح مفاهيم مغلوطة لإرساء ثقافة دينية مجتمعية منفتحة على الآخر المختلف وتتصف بوسطية الإسلام الحنيف المنزه عن التطرف والتعصب والمغالاة.
تولى الدكتور مجدى عاشور العديد من المناصب العلمية، فهو عضو اللجنة العلمية لموقع إعداد المفتين عن بعد، وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، صاحب أحد أشهر البرامج الدينية وهو «دقيقة فقهية» فى إذاعة القرآن الكريم، كما أنه كان يشغل منصب المستشار الأكاديمى لفضيلة مفتى الجمهورية والمشرف والمنسق الشرعى لدار الإفتاء المصرية.
ألف العديد من الكتب والدراسات والمقالات المنتشرة منها «الثابت والمتغير عند الإمام أبي إسحاق الشاطبي» و«السنن الإلهية في الأمم والأفراد في القرآن الكريم» و"مدخل إلى السنن الإلهية» و«سيدنا النبي مالوش زى» و«النسائم العطرية من مسك السيرة والشمائل المحمدية» و«كوكب الروضة في تاريخ جزية الروضة للإمام السيوطى»، كما أنَّ له العديد من البحوث والدراسات المنشورة في الدوريات العلمية ومنشورات مكتبة الإسكندرية.


يعد «عاشور» أحد الفقهاء القلائل في مصر، خاصة أنه لم يخاطب الناس من موقع الإرشاد والإفتاء والتوجيه والتثقيف والتعليم فقط، بل انخرط بهمه المعرفي والإنسانى وسط الناس، فقد أتاحت له خبرته الدينية فى مجال الفتوى وتعايشه العلمى والثقافي أنَّ يطلع على احتياجات الناس وظروفهم، حتى يصدر الفتوى بقدر حاجة الناس، مستندًا إلى الكتاب والسنة، إضافة إلى ذلك، فقد عرف عن الدكتور مجدى عاشور زهده وتصوفه وورعه وحبه لآل البيت جميعًا، مما يؤكد أننا أمام فقيهٍ وداعيةٍ مستنيرٍ متصوفٍ أحب الناس إطلالته عبر شاشات التليفزيون والقنوات الفضائية وفى ملتقياتهم وساحاتهم الدينية.
«الوفد» التقت الفقيه الكبير الدكتور مجدى عاشور المستشار الدينى لوزير التضامن، مستشار مفتى الجمهورية السابق، وهذا نص الحوار».
< بداية..كيف تقرأ أوضاع المسلمين اليوم..وما أسباب تدهورها بهذه الصورة وإلى أى مدى يمكن عودة الناس إلى الإسلام الصحيح؟
<< عندما نطلق لفظ الإسلام فإنه يُطلق ويراد به عدة أمور، فمن الممكن أن يراد به مجرد العبادات والشعائر، ومن الممكن أن يراد به المعاملات، ومن الممكن أن يراد به كل هذا، فالإسلام عقيدة، والإسلام عبادات ومعاملات وأحوال شخصية وجنايات وحدود وغيره، لكن الأهم من ذلك، هو عودة الإسلام، بمعنى عودة الأخلاق، لأنَّ العقيدة عندنا إذا لم تدخلها أخلاق تكون عقيدة مختلة، بمعنى أنَّ الإنسان يعبد الله بدون إخلاص، والإخلاص من منظومة القيم والأخلاق تكون عبادته فيها شئ منقوص، وهذا يشمل المنافقين وغيرهم من ذوى الوجهين، وعبادة من غير أخلاق أولا تنتج أخلاقًا تبقى عبادة ناقصة، ولذلك يقول القرآن الكريم "وأقم الصلاة إنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر» يعنى عبادتك إن لم تؤد إلى نتائج من أخلاق فلا قيمة لتلك العبادة، وهذا الذى جاء في بعض الأحاديث إن الإنسان إذا لم يزدد بطاعته أو بعبادته أو بصلاته خلقًا كان أبعد من الله عز وجل، حتى فى الأحوال الشخصية والتعامل بين الزوج والزوجة والحضانة، فلو قسنا مؤشرات الطلاق الآن سنجد سببها انتزاع فتيل الأخلاق من التعامل بين الأسرتين أو بين الزوجين أو بين الزوج والأولاد، وهكذا، والتعامل بين الناس به صلة الأرحام وذوى القربى بين الزملاء والأصدقاء، فعندما نزعت منظومة الأخلاق أصبحت الحياة جافة، أصبحت هناك أنانية وأثرة أى يفضل مصلحته على مصلحة غيره، وهى غير الإيثار أى يفضل مصلحة غيره على مصلحته" ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة»، إذن حتى نعود بالإسلام إلى الوراء فلابد من الأخلاق، ولذلك في مرحلة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات وبداية الألفينات انتشر ما يسمى بالشكل الإسلامى الخارجى، وهو ما يسمونه «الشكل الإسلامى» وهو لا وجود له فى الإسلام، فلدينا إنسان مسلم فلماذا زاد الشكل الإسلامى في السنوات الأخيرة وقلت الأخلاق، لأننا ركزنا على الشكل وتركنا المضمون، والقالب على القلب، بالعارض على الجوهر، لذلك ننطلق من الآية الكريمة» وذروا ظاهر الإثم وباطنه» ظاهر الإثم(بالجوارح) وباطنه بالقلوب (الحقد والكراهية والحسد والضغينة وعدم الإخلاص) وكل هذا مكان القلب، فحتى نعود لإسلامنا مع تحققاته في الاعتقاد والعبادات والمعاملات لابد أن يبث في كل مكان الأخلاق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».


< كيف يمكن تصحيح المفاهيم الخاطئة حول الإسلام بعد تشويهها من قبل الجماعات المتطرفة؟
<< هذا موضوع مهم جدًا، وقد كتبت فى تصحيح المفاهيم، لأنَّ المفاهيم اختلت واحُتلت، اختلت يعنى أصبحت على غير معناها، مثل الجهاد، فمطلق الجهاد فإذا اختلت مع شخص أمامك، فأنا أجاهده، فهذا ليس جهادًا، فالجهاد هو أن تجاهد عدوك الذى يريد أن يعتدى على أرضك وعرضك، أو يمنعك من انتشار دينك فى أرضك، فهذا هو الجهاد، فعندما اختل مفهوم الجهاد اختلت المفاهيم التى تترتب عليه، مثل الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، الولاء والبراء، لذلك عندما اختلت المفاهيم في معانيها وأصبحت غير دقيقة، بل الطرف الآخر المتطرف أو المتشدد أو المنحرف أخذ هذه المفاهيم وركب لها معانى أخرى، وعندما ركب لها معانى أخرى أصبحت مُحتلة، فأخذوا كأن هذه المفاهيم لهم هم، وليس لنا، ثم وضع فيها معانٍ أخر، وحاولوا أن يدخلوها إلى أفهام الناس وأذهانهم، ولذلك لابد من تحديد المفاهيم أولا ثم بعد ذلك ننطلق من تحديد المفاهيم، لئلا يحدث اختلال للمفاهيم ولا اختزال ولا احتلال للمفاهيم، فلو نظرنا إلى الجهاد، الحاكمية، الولاء والبراء، النهى عن المنكر والأمر بالمعروف، سنجد أن هناك خللا بين العلماء والمتطرفين، فالعلماء بينوا معانى هذه المفاهيم لكن المتطرفين لا يقبلون بها.
< بالرغم من أنَّ التطرف الدينى ظاهرة عالمية، فقد تم تجاهل جميع أشكاله والتركيز على ما لدى المسلمين وتضخيمها حتى أصبحنا نوصم بدين التطرف فما ردكم على هذه الأكاذيب؟


<< هذا به جزء أو عامل كبير بيد المسلمين، لأنَّ بعض المسلمين من أصحاب الفكر المتطرف أو غيره نجدهم يغزون هذا المعنى عند الخارج، لدرجة أنهم أصبحوا يخوفون الخارج من الإسلام الصحيح، وكأنَّ الإسلام سيف، ولا يعلمون أنَّ الإسلام رحمة ، الإسلام غصن زيتون، فالإسلام أمان، استقرار، لكنهم أخذوا أن القتل وامتهان المرأة والاعتداء على الأطفال والتشريد، وكأن الإسلام يقول هذا، ولذلك نقول لهم دائمًا إن لديهم مشكلة في الخلط بين الإسلام والمسلمين، أو بين الإسلام وتطبيقات بعض المسلمين، فنحن لا نؤاخذ الإسلام بتطبيقات بعض أهله المخطئين وإنما نؤاخذ الإسلام بما نقرؤه فيه بالفهم الصحيح عند العلماء المجتهدين، لذلك عندما يقرأ من فى الخارج الفهم الصحيح للإسلام من خلال العلماء المعتبرين لا يختلف مع الإسلام، وساعتها يعرف أن تطبيق بعض المسلمين هو الذى فيه خطأ وهو الذى يخوف الناس، بينما الإسلام جاء كما قال النبي لسيدنا عمر بن الخطاب: يا عمر « ما جئنا لنروع الناس أو نخوفهم إنما جئنا لنؤمن الناس» أى نجعلهم آمنين، لذلك قال صلي الله عليه وسلم» المسلم من سلم الناس من لسانه ويده» هذا هو الإسلام، هو الذى يحتوى جميع الناس، الذى يقول « وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله» وهذا هو الإسلام الحقيقي، ولذلك بعض المستشرقين وغيرهم عندما يقرأوا هذا النص فى الآية التاسعة من سورة التوبة يقول ما أعظم الإسلام وما أشد بركته، فإذا يفعل ذلك مع الآخر المشرك فكيف بأهله، لذلك فإنَّ نسبة كبيرة من الخوف لدى الغرب إنما هى من تطبيقات بعض المسلمين سواء المتطرفين من ناحية أو الذين لا يحبون الإسلام من ناحية.


< هل نحن فى حاجة إلى قانون لضبط الفتوى عبر وسائل الإعلام؟
<< عندما نضع قانونًا لابد أن نمهد له، فالمشكلة لدينا هى الثقافة، بمعنى أنه أصبح لدينا فى مصر الآن 100 مليون مفتى ، كل واحد يفتى لنفسه، وهو ليس من أهل الاختصاص، فنحن لل نحجر الفتوى على المشايخ، لكن نحجرها على المتخصصين من المشايخ، لذلك حتى بين المشايخ بعضهم البعض ليس كل شيخ يستطيع أن يفتي في كل المسائل كالطلاق وأعمال البنوك والمستجدات وفقه الدولة، والحفاظ على الدولة لابد أن يكون يعلم النص ويعلم الواقع وكيف ينزل هذا النص على ذلك الواقع بما فيه التيسير على الناس وبما فيه مصلحة الناس ولا يخالف أصلا من أصول الشريعة الإسلامية، لذلك نحتاج إلى نشر ثقافة فأسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، نشر ثقافة أنَّ الدين علم كأى علم، فهل نسأل أى شخص في الطب أم نسأل متخصصًا، فلماذا نسأل في مسائل الفتوى أى إنسان ليس متخصصًا في الدين أو الشرع أو الفتوى، فإذا سألنا كما أمرنا الله لابد أن نسأل أهل الذكر، قال تعالى:» فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» وأهل الذكر هنا أهل الشريعة في شريعتهم وأهل الطب في طبهم، ولابد أن يكون هناك ميثاق شرف ندعو إلى الفتوى ألا يتكلم في الفتوى إلا المتخصص، حتى بين المتخصصين هناك أبواب في الفقه والفتوى لا يستطيع أن يتكلم فيها كل المتخصصين، بل بعض المتخصصين الذين تخصصوا في ذلك وهم أهل الفتوى، وطبقًا للمؤسسات الموجودة فى الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية.
< كيف يمكن غرس منظومة القيم الدينية والوطنية وترسيخ العادات الأصيلة عند الشباب؟
<< هذا يحتاج إلى تنسيق وتعاون بين الوزارات والمصالح والجهات المختلفة لنغرس هذه المنظومة من الأخلاق منها المؤسسات الدينية، سواء الإسلامية أو المسيحية، فلابد أن يكون للشيخ والقسيس على فهم بما يحدث في الواقع وينشر كثيرًا من الأخلاق، ثم لابد من تنسيق بين وزارتى التعليم العالى والتربية والتعليم وتنسيق بين وزارتى الثقافة والشباب، وتنسيق بين وزارة التضامن التى تدخل إلى القرى الأكثر فقرًا من خلال مبادرة (حياة كريمة) لنصل إليهم، وأخيرًا لابد من التنسيق الإعلامى حتى يكشف لنا المناطق التى تحتاج والمجهود الذى يحدث وما الذى نريده، بالإضافة إلى المزيد من تدريب العلماء والمشايخ المتخصصين في كيفية التواصل منع الآخر، من خلال تنمية الموارد البشرية والتواصل والمهارات، التدريب على الأداء والإلقاء والاندماج مع الشبياب، الأمر الثانى لابد أن نتكلبم بلغة الشباب التى نفتقدها كثيرًا، ولذلك نحتاج إلى فريق يشتغل عليه، يتكلم بلغة الشباب، الأمر الثالث وهو القدوة فلابد من إيجاد القدوة في هذه المؤسسات وفى المجتمع كله حتى يرى الشباب القدوة فيرتاح إليها ويعلم أنَّ بعد التعليم والتدريب أصبحت هناك قدوة نقتدى بها في مصلحة ما، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان خير قدوة، «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا» إذن لابد من هذه الأمور الثلاثة مع العلم في الخلفية أننا نقول إنَّ العصر ليس عصر تعليم فقط وإنما عصر تعليم وتأهيل بالتدريب.
< مواقع التواصل الاجتماعى أصبحت مراكز لبث الشائعات والأكاذيب ..كيف ترى ذلك وكيف تصدى الإسلام للشائعات؟
<< بالطبع نحن نرى أنَّ أدوات التواصل الاجتماعى بأنواعها المختلفة سلاح ذو حدين، يستخدم حسب المُستخدم، ليس لها حكم شرعى، وإنما الحكم الشرعى فعلب المكلف على تعامله أو فعله، لأن لدينا خطاب الله تعالى المكلف بأفعال المكلفين، ولذلك نقول لأولياء الأمور أولا نحن لا ندعو إلى أن تمنعوا أبناءكم عن السوشيال ميديا ولكن ندعوكم إلى أن ترشدوهم إلى الخير الذى فيه وأن تتم متابعتهم في اختياراتهم وليس مراقبتهم، وما أسس الاختيار وما معاييره، لأنَّ بعض الدول أصبحت تسقط بمجرد شائعات الآن، فأفضل طريق لمواجهة الشائعات أمران، شق دينى وآخر إجرائي، الأمر الدينى أن نحذرهم بقوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا "وفى رواية"فتثبتوا» أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين»، أم الأمر الإجرائي أنه إذا حدثت شائعة وانتشرت يجب الرد عليها، كل جهة ترد عن نفسها وتبين الحقيقة للناس، فعند الحقائق تسقط الرقائق «الأشياء الضعيفة» حتى نئد الشائعة في مهدها، فعندما يتحدث الله عز وجل في القرآن الكريم عن الشائعة " الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم»، فالفاحشة هنا ليست الزنا فقط، فمن الممكن أن تكون بمعنى يؤدى إلى سقوط دولة، وهذا ليس تقليلا من الزنا، فهناك ضرر كبير وهناك ضررأكبر، ولذلك نحذر الشباب من إشاعة الفاحشة، لأنها شهادة منكم"ستكتب شهادتهم ويسألون».


< من آنٍ لآخر تظهر بعض الأصوات التى تهاجم السنة النبوية وتسعى إلى التشكيك والطعن فيها فما ردكم على هؤلاء؟ وكيف ترى أبعاد هذه القضية وهل الطعن في السنة مخطط له منهج محدد؟
<< طبعًا هو مخطط قديم، فالسنة النبوية منذ المستشرق المجرى «جولدتسيهر» وغيره من المستشرقين الذين يريدون أن يفرقوا بين القرآن والسنة وأيضَا في آخر الأمر يريدون أن يطعنوا في القرآن، فالسنة النبوية عندنا غالبها بيان لما في القرآن، وهذا مهمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله تعالى:" وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون» فمن غير السنة كيف تعرف عدد ركعات الصلاة، وأنصبة الزكاة، وأركان الحج، فالنبي صلى الله عليه وسلم جاء مبينًا لمجمل ما فى القرآن، وأرى أنَّ بعض من يطعنون في السنة دخلوا من مدخل بعض الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة وتستدل بها، ويقولون راجعوا هذه الأحاديث، ونحن معهم في أن نراجع الأحاديث الموضوعة والمكذوبة والتى لا أصل لها لابد أن نراجعها في الاستدلال بها، أما غير ذلك من الأحاديث الصحيحة، وبعد ذلك الأحاديث الصريحة معها، فلماذا يشككون فى السنة النبوية المطهرة، فإن شككوا في السنة النبوية الصحيحة شككوا فى القرآن، فالقرآن يقول"وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا» فالمتطرفون قد يفهمون بعض معانى القرآن بفهم خطأ، وكذلك في السنة، فالمسلمون مرآة للعالم وينبغي على كل مسلم أن يرد السنة النبوية، ويرد القرآن الكريم إلى أهل الفهم والاعتبار والاجتهاد هم الذين يبينون معانى ومضامين هذه النصوص من القرآن والسنة، وفى الوقت نفسه فإنَّ الطعن فى السنة زوبعة تظهر بين الحين والآخر، وتخفت وستظل السنة قائمة، لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذكره باقٍ إلى يوم القيامة، قال تعالى:"ورفعنا لك ذكرك» بكتاب الله وسنته، فالسنة النبوية مبينة للقرآن، ولا يستطيع المسلم أن يأخذ بشئ منهما دون الآخر، وهما متشابكان، وإلا كان ذلك من باب الانتقاص والاختزال والتحريف، وهذا لايقبله عاقل فضلا عن أن يكون مسلمًا.
< يكثر الحديث عن تجديد الخطاب الدينى فقط مع وقع الأزمات وكأنه»موضة» وليس رسالة وهدفًا يتم تحقيقه وفق برنامج منظم فما مفهوم التجديد وما آلياته في رأيك؟
<< التجديد فى العموم مطلوب، لأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال: « جددوا إيمانكم بلا إله إلا الله» وقال:" يأتى على كل رأس مائة سنة من يجدد لهذه الأمة دينها أو أمر دينها، فقد بين أن التجديد مطلوب، لتغاير العصور والزمان والمكان ، فلابد أن تتوافق الشريعة مع كل زمان ومكان، الذى لا يكون بالتجديد يكون بالجمود، والجمود لا يكتب له الخلود، إلا فى الثوابت، فلذلك نقول إن التجديد مطلوب، لكن فى أى شئ، فلدينا ثوابت ومتغيرات، والتجديد في الثوابت أن نثبتها كما هى ، وأن نبين للناس أدلتها، مثل من يعترض على وجود الله وهو من الثوابت أو يعترض على بعض الأحكام القطعية في القرآن وهى من الثوابت، فلابد من أن نبين له بالدليل والحجة،فالأمر القطعى تجديده بثبوته والحفاظ عليه، وهذه تشغل 7% من النصوص الشرعية، أما المتغيرات 93% فمن الممكن أن يكون فيها تجديد حسب الزمان والمكان والحال، الأمر الثاني في التجديد هو لغة الخطاب وكيف أصل للناس بلغة خطاب يصل إلى أذهانهم وثقافتهم، فالخطاب بعد هضمه من المتخصص إلى أقل المستويات، فالنبي يقول:"الضعيف أمير الركب» وهو أقل المستويات لابد أن يتم التوضيح له، فالتجديد يكون فى الثوابت بإثباتها كما هى مع بيان أدلتها والحفاظ عليها، أما المتغيرات فما لايصلح في هذا الزمان يجتهد فيه العلماء وقد يتغير .
< ما مدى أهمية فقه الأولويات وحاجتنا إليه فى مجال الدعوة والإفتاء؟
<< فقه الأولويات من أعظم الأشياء، فالعقل والشرع يقول إذا تعارض أمران فيهما مصلحة فلابد من الإتيان بالأمر الأكبر في المصلحة، فلابد من فعل أعظم المصلحتين، وفى المقابل ارتكاب أخف الضررين، وهذا واجب إن لم يفعله الإنسان يأثم شرعًا، فدفع الضرر الأكبر وجلب المصلحة الأعظم واجب على الإنسان من منظور فقه الأولويات، فبعض المتشددين ينظرون إلى السنة ويجعلونها كالفريضة، فتفتيت الثوابت يضيع المجتمع، وتجميد المتغيرات يضيع المجتمع.
< ما رأيك فيمن يقولون إن الاجتهاد الحقيقي يبدأ مع النص وأن مقولة لااجتهاد مع النص خاطئة؟
<< ليس له إلا معنى واحد يسمى قطعى الدلالة ولا اختلاف فيه مثل «وأقيموا الصلاة», «وأحل الله البيع وحرم الربا» فالنص في أصول الفقه بمعنى ليس له إلا معنى واحد فهذا لا اجتهاد فيه، لأنه ليس محلا للاجتهاد، أما النص الشرعى في القرآن ظنى الدلالة أو السنة النبوية، فهذا يجتهد فيه العلماء بحسب حاجة المجتمع وحسب دلالة النص.
< هل تعتقد أنَّ العالم الإسلامى يملك ما يقدمه الآن للإنسانية؟
<< يملك الكثير، فالعالم الإسلامى في أى وقت طالما يوجد القرآن والسنة النبوية، فالعالم الإسلامى والمسلمون عندهم ما ينشرون به الحضارة كما فعل في الزمان الماضى، وأهم شئ ينشرونه أن يكونوا قدوة في الأخلاق لغيرهم وتحقق رسالة النبي صلي الله عليه وسلم:»وإنك على خلق عظيم» ولابد من التعامل مع الخلق بالرحمة وإحياء منظومة الأخلاق، فالأمم المتحدة لديها إحدى عشرة قيمة منها السعادة والإخاء والتعاون والأمن والسلام، وليس فيها الرحمة، ولكن فى الإسلام كل هذه القيم لابد أن تحاط بالرحمة، فالله عز وجل قال عن نبيه» وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» ,»فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك» ولابد أن نفهم ما نعطيه من الأخلاق وأننا نتحلى بهذه الأخلاق فلا تختلف أفعالنا عن كلامنا حتى لا تحدث انفصال في الشخصية، فلذلك منظومة الأخلاق مع عبادة الله عزوجل هى من أهم الأشياء التى تجمع بيننا وبين أهل الكتاب.
< كثير من مدارس التفكير تتهم التراث الإسلامى بأنه سبب ضعفنا وتخلفنا وأنه كثقافة لم يعد صالحًا للتفاعل مع علوم العصر وابتكاراته ونظرياته العلمية والفلسفية والأدبية فما رأيك؟
<< لست مع الإطلاق، فلابد من وضع قواعد، القاعدة الأولى أنَّ التراث الإسلامى من الأشياء التى قام بها العلماء فى أوقاتهم فكان واجب وقتهم فيجب أن نحترمه ونضعه فوق رؤوسنا، حتى المسائل التى كانت عندهم ولا تصلح أن ننزلها الآن في بعض المسائل نحترم أنهم دربونا على ملكة التفكير والاستدلال في هذه المسائل، فلابد من احترام التراث بعيدًا عن القرآن والسنة، فالتراث ما سوى القرآن والسنة نحترمه ولا نقدسه، ولكن في الوقت نفسه نقول لابد أن نبنى عليه، فلكل أمة تراثها، فلماذا نريد أن نتهاون في تراثنا أو نتركه، فنقول نعم نأخذ من التراث خاصة في المسائل الظنية ما يصلح لهذا العصر وما يحتاج إلى مزيد اجتهاد نظرًا لتغير الواقع، هذا لا نأخذ به في هذه المسألة وإن كنا نأخذ بمنهجهم في التفكير ولكن لم نأخذ بمسائلهم التى كانت في وقتهم ومرتبطة بزمنهم، فهناك اجتهاد في الأمور الظنية، أما التراث الذى يتحدث عن القطعيات مثل الإجماع، أو المعلوم من الدين والضرورة فهذه لا نقربها لأنها تراث مجمع عليها من قبل العلماء.
< من المعلوم أنك تنتمى للصوفية..فمن هو الصوفى الحقيقى؟
<< الصوفي الحقيقي هو الذى يعمل على ثلاثة أشياء وهى الرجوع إلى عبادة الله تعالى عز وجل، وتزكية النفس وهى عمارة الكون ، بمعنى أنك تعبد الله عز وجل وتنفع نفسك والآخرين بما ينفعك في الدنيا بطريق صحيحة عن طريق الشرع وبما ينفعك في الآخرة بالأجر والثواب ، فالصوفي الحقيقي يكون رحمة للناس ، حيث وجد فى أى مكان والصوفي الحقيقي يكون رحمة للمطيع وللعاصي، فالله عز وجل قال» فبما رحمة من الله لنت لهم، كان يتكلم عن وجوده مع الكفار فلو لم تلن يا محمد للكفار لما دخلوا دينك، فلما وجدوك لينا سهلا لجأوا إليك واستمعوا مقولتك، فالصوفى الحقيقي هو الذى تشبع بكل مديح صحيح ويترك كل مذموم قبيح.
< يواجه التصوف حالة من التشويه بصورته الحالية وبعض السلوكيات التى تنتسب إليه من شعوذة ودجل وغير ذلك ..كيف نواجه ذلك ونقدم الصورة الحقيقية؟
<< التصوف مبني على الارتباط بالكتاب والسنة، فكل شئ يخالف الكتاب والسنة وأقوال العلماء المعتبرين هذا لايكون تصوفًا لذلك ظلم وحرام أن يقرنوا بين التصوف وبين التيارات المنحرفة أو التى لها توجه معين فى أى بلد من البلاد،ـ أيضًا من الظلم ربط التصوف بالشعوذة والدجل أو السحر، فالتصوف لا يعرف ذلك، فهو يعرف الإنسان المتصف بالأخلاق الحميدة، لأنه يأخذ من سيدنا النبي صلي الله عليه وسلم ويحاول أن يكون «ترسًا» في منظومة الأخلاق كما قال النبي «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».