رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

اغتيال إسماعيل هنية فى طهران.. الموساد كيف اخترق إيران؟

بوابة الوفد الإلكترونية

طرح اغتيال إسماعيل هنية رئيس مكتب السياسى لحركة حماس فى العاصمة الإيرانية طهران فى مقر إقامته فى طهران الكثير من التساؤلات حول المنظومة الامنية داخل ايران واختراق الموساد لها.

الحرس الثورى الإيرانى أعلن أن هنية قتل فى طهران مع أحد حراسه الشخصيين. وجاء فى بيان صادر عن الحرس الثورى الإيرانى ونشره موقعه الإلكترونى أن «مقر إقامة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة المقاومة الإسلامية حماس، تعرض للقصف فى طهران، ونتيجة لذلك استشهد هو وأحد حراسه الشخصيين.

الى هنا انتهى البيان والخبر ولكن كيف تم الاغتيال؟ وما دلالات ذلك؟ وما تاريخ الاغتيالات التى قام بها الموساد فى ظهران؟

كان اغتيال العالم النووى الإيرانى البارز محسن فخرى زاده، 27 نوفمبر 2020، حلقة من سلسلة الاغتيالات التى استهدفت علماء إيرانيين، وإسرائيلهى من يقف وراءها.

الغريب هو كيف نفذت إسرائيل هذه السلسلة من الاغتيالات التى استهدفت علماء وقاده إيرانيين عبر اختراق العمق الإيرانى دون أن تبدى طهران قدرة على حماية علمائها العاملين فى البرنامج النووى الذى يمثل أهمية بالغة لحكام البلاد؟ ولماذا أخفقت فى وقف هذه الاغتيالات أو الرد عليها بشكل يردع إسرائيل؟ أما الأمر الأكثر إثارة للجدل فهو موقف الولايات المتحدة من الاغتيالات التى استهدفت علماء إيرانيين؟ وهل شاركت أم وافقت أم تحفظت عليها؟

أشهر الاغتيالات التى استهدفت علماء إيرانيين

يمثل اغتيال العالم النووى الإيرانى محسن فخرى زاده، الذى كان يعمل رئيس منظمة البحث والتطوير فى وزارة الدفاع، واحدة من أشهر عمليات الاغتيالات التى استهدفت علماء إيرانيين. اغتيل زادة بالقرب من العاصمة الإيرانية طهران، حيث أوضحت وسائل إعلام محلية أن عملية الاغتيال تمت فى مدينة أبسرد، حيث قام الإرهابيون بتفجير سيارة قبل إطلاق النار على سيارة فخرى زاده.

حينها تناقلت وسائل إعلام إسرائيلية تصريحًا غامضًا لنتنياهو قال فيه «لا أستطيع أن أشارككم بعض الأشياء التى فعلتها هذا الأسبوع، ولكن أود أن أقول لكم إنّ هناك شيئًا ما، يتحرك فى الشرق الأوسط، وإن أمامنا فترة متوترة، بينما قالت القناة الـ 13 الإسرائيلية، إن العالم الإيرانى عمِل تحت قيادة المرشد الأعلى، على خامنئى، وكان رجله السرى، حيث كان يعرف كيف يترجم الإيديولوجية إلى سياسة، العلاقة هذه كانت فريدة من نوعها..

وسلط اغتيال زاده الضوء على أوجه قصور فى المجال الأمنى والاستخباراتى الإيرانى، ولكن فى الحقيقة أن هذا القصور كان موجودًا من قبل، ولكن لم يلقَ الاهتمام الكافى، سواء لتجنب الإيرانيين التركيز على عمليات الاغتيال السابقة، أو لأن البرنامج النووى الإيرانى أصبح محط أضواء أكثر بعد انسحاب الرئيس الأمريكى السابق، دونالد ترامب، من الإتفاق النووى وتخلى طهران عن بعض التزاماتها تجاه هذا الاتفاق، ما خلق مخاوف من قرب التوصل لمرحلة القدرة على إنتاج قنبلة نووية، لكن اغتيال زاده سبقه عدد صادم من الاغتيالات التى استهدفت علماء إيرانيين.

عالم معتدل سياسيًا لدرجة إثارة الشكوك بأن المتشددين وراء اغتياله

كان مسعود على محمدى عالمًا فى فيزياء الجسيمات وكان يبلغ من العمر 51 عامًا، كما كان منظرًا إيرانيًا رائدًا فى حالات الحقل الكمومى (نظرية فيزيائية، وعُرف بين أصدقائه بأنه معتدل سياسيًا، لكن لم يحمه هذا الاعتدال من الاستهداف، فى يناير/كانون الثانى 2010.

فعندما فتح محمدى باب سيارته، المركونة بجانب منزله فى شمال طهران بينما تقف بجواره دراجة بخارية صغيرة متوقفة على جانب الطريق، ضغط الشخص الذى كان يراقبه على زر بجهاز تحكم عن بعد. انفجرت الدراجة انفجارًا قويًا، لدرجة أدت إلى تحطم زجاج جميع نوافذ منزل محمدى المكوّن من أربعة طوابق. قُتل العالم على الفور، وأصيب المارة القريبون. أما الشخص الذى ضغط الزر، وهو حسب المزاعم رجل يدعى آرش قردكيش، فقد توجه نحو سيارة كانت تنتظر بالقرب وابتعد عن المشهد.

فى بداية الأمر، تكهن البعض بأن المتشددين الإيرانيين عاقبوا عالمًا إصلاحيًا بقتله، غير أن مصادر استخباراتية مجهولة إيرانية وغربية سردت فى نهاية المطاف قصة مختلفة: كان عالم الفيزياء شخصية مهمة فى برنامج بحوث نووية يديره الحرس الثورى الإيرانى.

الجاسوس ذاته يقوم بعملية مشابهة

بعد 9 أشهر وفى صباح 29 نوفمبر/تشرين الثانى، كان عالم إيرانى فى فيزياء الكم يدعى مجید شهریاريý، يقود سيارته عبر شوارع طهران ومعه زوجته الدكتورة، بهجت قاسمى، فى المقعد المجاور للسائق، عندما مرت عديد من الدراجات البخارية بجانبه بالقرب من شارع أرتيش.

وبينما طوّق أحد ركاب الدراجات سيارة شهريارى، ألصق راكب آخر (يُعتقد أنه آرش قردكيش أيضًا) عبوة متفجرة فى الباب المجاور للعالم الإيرانى، ثم قاد دراجته وضغط على زر تفجير. تسبب التفجير فى قتل شهريارى وجرح زوجته وأحد زملائه، بل أطاح بالقتلة من فوق الدراجات البخارية التى كانوا يركبونها، وتسبب فى جرح أحدهم.

إبنة داريوش ما زالت ترسم مشهد اغتيال والدها

«ظلت الابنة البالغة من العمر 5 أعوام ترسم صورًا للحظات وفاة أبيها»، بهذه الكلمات علقت شهرة، زوجة داريوش رضائى نجاد، طالب الدراسات العليا فى الهندسة الكهربائية على ما حدث لأسرتها جراء الصراع الإستخباراتى على البرنامج النووى الإيرانى.

فى 23 يوليو/تموز 2011، كان داريوش رضائى نجاد وزوجته يقودان سيارتهما ليصطحبا ابنتهما أرميتا من رياض الأطفال. وفى الرابعة مساء، أنزل الرجل زوجته وابنته على الرصيف وعاد ليصف سيارته، وعندها اقترب منه رجلان ملتحيان يركبان دراجة بخارية وأطلقا الرصاص عليه من مسدسات عيار 9 ملم. تلقى رضائى نجاد 5 رصاصات فى ذراعه ورقبته وصدره.

حاولت زوجته، شهرة بيرانى، ملاحقة المهاجمين، لكنهما أطلقا الرصاص عليها هى الأخرى. توفى المهندس بعد مدة قصيرة من دخوله مستشفى «رسالت» لإسعافه، وتعافت شهرة بعد ذلك.

ذكرت الزوجة، فى مقابلة لاحقة، أن زوجها كان عضوًا فى البرنامج النووى الإيرانى، وأنه تلقى تهديدات من مجهولين قبل وفاته. ألقت طهران اللائمة على الولايات المتحدة وإسرائيل فى عمليات القتل. أنكرت الولايات المتحدة هذه الاتهامات، بينما أوحت الحسابات الرسمية للحكومة الإسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعى بأنها لا تعرب عن إدانتها عمليات القتل، أيما كان من ارتكبها، حسب تقرير المجلة الأمريكية.

اغتيال مسئول بمعمل تخصيب لليورانيوم بعد الإعلان عن قرب بدء الإنتاج به

فى يناير/كانون الثانى 2012، أصبح مصطفى أحمدى روشن هدف الاغتيال التالى، حسبما ورد فى تقرير لموقع «ميدل إيست آي» البريطانى، واستُعين بسائق دراجة نارية آخر، الذى اقترب من سيارة روشن، وألصق بها قنبلة مغناطيسية أدت إلى مقتل العالم وسائقه.

وجاءت وفاة روشن، الذى كان أستاذًا فى جامعة تقنية بطهران ومشرف قسم فى معمل تخصيب اليورانيوم فى نطنز، بعد أسبوع من إعلان أكبر مسؤول نووى إيرانى عن قرب بدء الإنتاج فى ثانى أكبر موقع لتخصيب اليورانيوم فى إيران.

وقبل شهرين من هذه العملية، نشرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرًا زعمت فيه أن العلماء الإيرانيين عاكفون على جهود سرية ومتواصلة لبناء سلاح نووى، فيما أصدرت منظمة الطاقة الذرية فى إيران بيانًا حذَرت فيه من أن «فعلة الولايات المتحدة وإسرائيل الشنيعة لن تثنِ الأمة الإيرانية عن مسارها».

من جانبها، أدانت الولايات المتحدة جريمة القتل ونفت أية مسؤولية لها، بينما أعرب المتحدث العسكرى الإسرائيلى عما يشبه عدم الإنكار فى بيان على «فايسبوك»، وكتب اللواء يوآف مردخاى «لا أعرف من انتقم من العالم الإيرانى. لكننى بالتأكيد لن أذرف دموعًا عليه».

إعدام أحد المتورطين

ومع ذلك، نجح عملاء مكافحة التجسس الإيرانيون فى وزارة الاستخبارات والأمن الوطنى فى اكتشاف غموض بعض العمليات، وعلاقة الموساد بها.

ففى العام 2011 بفضل ما زُعم أنها معلومات سرية من دولة ثالثة، ألقت وزارة الاستخبارات والأمن الوطنى الإيرانية القبض على ملاكم واعد يبلغ من العمر 24 عامًا ويدعى ماجد جمالى فاشى، الذى ادعى أنه من ترك الدراجة البخارية المتفجرة التى قتلت على محمدى. اعترف فاشى على شاشة التلفزيون الحكومى بأنه تلقى تدريبًا ومبلغ 120 ألف دولار من الموساد، وهى وكالة الاستخبارات الإسرائيلية المرتبطة بعشرات الاغتيالات على مدار السنوات، بما فى ذلك اغتيال علماء صواريخ ألمان (ساعدوا مصر فى برامج التسليح فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر)، ومنفذى عملية ميونيخ، واغتيال الكندى جيرالد بول، مطور مشروع بابل العراقى، الرامى إلى تطوير مدافع خارقة.

شُنق فاشى فى مايو/أيار 2012، وأعلنت طهران أنها اعتقلت ثمانية إيرانيين وست إيرانيات متورطين فى عمليات الاغتيال. بثت وسائل الإعلام الإيرانية بعد ذلك عملًا وثائقيًا مدته نصف ساعة يصورون فيه الاعترافات.

تجنيدهم يتم عبر منظمة مجاهدى خلق

وقد أُشير إلى أن هؤلاء الإيرانيين المتورطين جندوا عن طريق أعضاء من حركة “مجاهدى خلق”، أو متعاطفين معها. وبحسب هذه الاعترافات، تلقى هؤلاء العملاء تدريبًا لمدة 54 يومًا فى إسرائيل، ثم عملوا فى فرق متعددة الخلايا تجسست بدقة على ضحاياها لتحديد روتينهم، ثم تنفيذ هجماتهم استنادًا إلى تعليمات من متعهديهم الإسرائيليين.

لدى قوات الأمن الإيرانية سمعة سيئة بأن أفرادها يستخدمون التعذيب والاعتداء الجنسى وتهديد الأقارب من أجل إجبار المعتقلين على الإدلاء باعترافات مغلوطة بأنهم مذنبون. غير أن مصادر مجهولة فى الدوائر الدبلوماسية الأمريكية والدوائر الاستخباراتية الإسرائيلية، نقلت إلى وسائل الإعلام أن إسرائيل كانت بالفعل تقف وراء حملة الاغتيالات وأن فاشى على الأقل أدلى باعترافات حقيقية فى العموم، وأن إسرائيل كانت حقًا تعطى تدريبات إلى مجاهدى خلق ليكونوا عملاء لها فى إيران، حسبما ورد فى تقرير «ناشيونال إنترست».

لماذا ضغطت واشنطن على إسرائيل لوقف الاغتيالات فى 2014؟

فى العام 2014، كشف صحفى عن أن واشنطن ضغطت على إسرائيل لتوقف الاغتيالات، التى هددت بعرقلة محاولات التفاوض مع طهران حول برنامجها النووى. وفى وقت سابق أشارت تقارير إلى أن الرئيس الأسبق، جورج دبليو بوش، غضب عندما علم أن إسرائيليين تظاهروا بأنهم عملاء فى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وجندوا إيرانيين فى باكستان من أجل حملة التخريب والاغتيالات التى أطلقتها فى إيران.

من المؤكد أن الرواية المعلنة فى إيران والرواية الإسرائيلية الصادرة من مصادر مجهولة، غير موثوقة وتخضع فى سردها لحسابات كل طرف. كما يعتقد أن هناك دورًا كبيرًا لعملاء إسرائيليين من وحدة كيدون (وهى كلمة عبرية تعنى رأس الحربة)، التى تعد وحدة نخبة تابعة للموساد متخصصة فى الاغتيالات. وبحسب بعض الروايات، لعل توقف الهجمات يُعزى إلى أن تنفيذ مزيد من الاغتيالات كان سيشكل خطرًا بالغًا، وأن الأهداف الباقية كانت تحظى بحراسة مُحكمة، وفقًا للمجلة الأمريكية.

«تسمم بالغاز».. إتهام للحرس الثورى فى اغتيال أحد العلماء

كان هناك أيضًا قليل من الحالات الغامضة التى يمكن وضعها فى الحسبان. فى وقت سابق وتحديدًا فى 15 يناير/كانون الثانى 2007، توفى العالم الإيرانى أرديشير هوسينبور فى ظروف غامضة فى أصفهان نتيجة تسمم بالغاز. زعم مركز «ستراتفور» للدراسات الاستراتيجية وصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن وفاة هوسينبور، كانت بفعل الموساد، بينما أنكرت الحكومة الإيرانية ومصادر داخل الموساد هذا الاتهام.

وبعد سنوات، زعمت أخت هوسينبور أن أخاها العالم الإيرانى قُتل على يد الحرس الثورى الإيرانى لرفضه العمل مع البرنامج النووى. وفى العام 2015، زعمت قوات الأمن الإيرانية أنها أحبطت هجمات أخرى للموساد، ولا يبدو أن المصادر الإسرائيلية تحركت لإثبات أو دحض الادعاءين.

قصة مسئول الموساد الذى يقف وراء حملة الاغتيالات

وُصفت حملة الاغتيالات التى استهدفت علماء إيرانيين التى نفذها الموساد بأنها «الشق الخامس» من استراتيجية من أربعة أجزاء، وضعت فى العام 2003 من قبل تامير باردو، الذى كان يشغل حينها منصب نائب مدير الموساد، عندما كان يرأسه مئير داغان، حسب ما ورد فى مقالة للكاتب الصحفى الإسرائيلى رونين بيرغمان فى موقع «بوليتيكو» الأمريكى.

كان الهدف الضغط على إيران لتتخلى عن برنامجها النووى باستخدام العقوبات الاقتصادية والضغط الدبلوماسى ودعم الأقليات الإيرانية وجماعات المعارضة الإيرانية، واعتراض التكنولوجيا الإيرانية الرئيسية. كما تضمنت الحملة الأوسع تعاونًا وثيقًا مع الولايات المتحدة، التى سبق أن طورت فيروسًا حاسوبيًا يدعى «ستوكسنت» كان مسئولًا عن تدمير مئات من أجهزة الطرد المركزية الإيرانية.

ومع ذلك، كانت إسرائيل وحدها متورطة فى تدبير الاغتيالات، التى ادعت وكالة الاستخبارات المركزية أنها لم تكن راغبة فى التورط فيها وفضلت ألا تُبلَغ بشأنها، حسب تقرير المجلة الأمريكية.

نهاية يعد اغتيال اسماعيل هنية فى طهران هو العملية الأكبر التى يقوم بها الموساد فى ايران، ذلك ان لم يكن متورطًا فى اغتيال ابراهيم رئيسى رئيس ايران السابق.