«التريلات».. موت يجرى على عجلات

تسبب 60% من حوادث الطرق.. و30% من سائقيها يتعاطون المخدرات

 الدقهلية الأولى فى الإصابات والقاهرة الأولى فى الوفيات.. ويناير وإبريل الأكثر وفيات وأكتوبر الأعلى فى الإصابات

 10 آلاف جنيه راتب السائق شهريا.. و45 دقيقة راحة إجبارية بعد كل 270 دقيقة قيادة.

 سائق نقل ثقيل: تعاطى المخدرات والمنبهات يفقد الانتباه أثناء القيادة

 وآخر: 70% من الحوادث بسبب إهمال القيادة وتناول المخدرات.. بعض السائقين يتركون القيادة لأطفال!

 خبير مرورى يطالب بتركيب جهاز تحكم فى سرعة التريلات حتى لا تزيد على 70 كم

فى مصر 94 ألفا و923 مقطورة ملحقة بسيارة نقل ثقيل تسمى «تريلا».. كل واحدة منها تمثل موتا يجرى على عجلات.

وحسب دراسة أعدتها وزارة النقل، بالتعاون مع وزارة الداخلية، فإن النقل الثقيل يتسبب فى 60% من حوادث الطرق فى مصر، وأن المقطورة وحدها تتسبب فى 13% من هذه الحوادث، وأن 30% من سائقيها يتعاطون المخدرات.

وطبقا للنشرة السنوية لحوادث السيارات عام 2023، والصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فإن إصابات حوادث الطرق بلغت 71016 إصابة عام 2023 مقابل 55991 عام 2022 بنسبة ارتفاع 27%، وكان أعلى عدد إصابات فى محافظة الدقهلية والتى شهدت 14192 إصابة وأقل عدد إصابات فى محافظة الإسماعيلية وشهدت 170 إصابة عام 2023.

وجاء عـدد المصابين من الذكور 57198 مصابا بينما بلغ عـدد إصابات الإناث 13531.

ويعد شهر أكتوبر أعلى شهور السنة من حيث إصابات حوادث الطرق مسجلا 6723 إصابة بينما شهر فبراير هو أقل الشهور مسجلا 4690 إصابة.

 وبالنسبة لفئات السـن جاء أعلى عدد مصابين فى الفئـة العمرية (أقل من 15) بعدد 21151 مصابا ويليه فئة (أقل من 25) بعدد 12654 مصابا، بينما أقل عدد كان فئة (أكبر من 65 سنة) بعدد 2127 مصابا عام 2023.

وجاءت إصابات حوادث الطرق حسب مستخدم الطريق (الركاب) فى المرتبة الأولى بعدد 22454 مصابا، يليها (مشاة) بعدد 17553 مصابا عام 2023، وبلغ معـدل (مصاب /100 ألـف نسمة) 67.5 مصاب عام 2023 مقابل 54.0 مصاب عام 2022 بنسبة ارتفاع 25%.

وبلغ عدد المتوفين فى حوادث الطرق 5861 متوفى عام 2023 مقابـل 7762 عام 2022 بنسبة انخفاض 24.5٪، وأعلى عدد للمتوفين على مستوى المحافظات فى محافظة القاهرة حيث بلغ 718 متوفى وأقل عدد وفيات فى محافظة شمال سيناء حيث بلغ 18 متوفى عام 2023.

ويعد شهرا يناير وإبريل أعلى شهور السنة من حيث وفيات حوادث الطرق وسجل كل منهما 540 متوفى وجاء شهر ديسمبر أقل الشهور مسجلا 431 متوفى، وبلغ عدد وفيات الذكور 4902 متوفى بينما بلغ عدد وفيات الإناث 959 متوفى، وبالنسبة لفئات السن جاء أعلى عدد متوفين فى الفئـة العمرية (اصغر من 15 سنة) بعدد 1409 متوفين ويليه فئـة (أكبر من 35سنة) بعدد 891 متوفى، بينما أقل عدد كان فئة (أقل من 5 سنوات) بعدد 291 متوفى عام 2023.

10 آلاف جنيه راتب شهري

الواقع يقول إن قيادة النقل الثقيل تضمن دخلا كبيرا لمن يمتهنها، فمتوسط راتب سائق النقل الثقيل يقترب من 10آلاف جنيه شهريا.

ووفقا للوائح وأنظمة نقل البضائع ووسطاء الشحن وتأجير الشاحنات على الطرق البرية، فإنه يجوز للسائق القيادة لمدة أقصاها «9» ساعات فى اليوم، ويمكن تمديدها بحد أقصى إلى «10» ساعات مرتين فقط فى الأسبوع، ويجب أن يتوقف السائق لفترة راحة مدتها «45» دقيقة بعد فترة قيادة متواصلة لمدة أربع ساعات والنصف ( تعادل 270 دقيقة)، ويجب ألا تقل فترة الراحة اليومية للسائق عن «11» ساعة متصلة.

واشتراطات ساعات العمل والراحة تعكس مدى خطورة هذه المهنة، وتكمن الكارثة فى أن أغلب سائقى النقل الثقيل عموما لا يلتزمون بتلك الاشتراطات، فبعضهم يقضى 12 ساعة كاملة خلف عجلة القيادة، وبعضهم يواصل القيادة ليوم كامل مستعينا بتعاطى المنبهات، ومن هنا تقع الكوارث، ولهذا كان تحليل المخدرات إجراء شديد الأهمية مع سائقى النقل الثقيل.

وحسب حسن على -المستشار القانونى- فإن تحليل المخدرات يمثل اختبارا للكشف عن تعاطى السائق أدوية غير مصرح لها أو مواد مخدرة مثل الأفيون، أو الحشيش، أو الكوكايين، أو غيرها ويتم إجراء التحاليل من خلال عينات الدم، أو البول، أو اللعاب، وأكثر أنواع التحاليل المستخدمة فى الكمائن هو تحليل البول كونه سريعًا وأكثر شيوعًا، فإذا ظهرت نتيجة العينة سلبية كان دليلا على أن جسم السائق خالٍ من أى نوع من المخدرات، أما لو كانت إيجابية فتعنى أن السائق يتعاطى المخدرات، لهذا يتعرض للعقاب القانونى حفاظًا على أرواح المواطنين اثر الحوادث الناتجة من عند اتزانه العقلى والنفسى والجسدى.

وأوضح المستشار القانونى، أن كل من قاد مركبة وهو تحت تأثير مخدر أو مسكر أو يسير عكس الاتجاه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة طبقا لنص المادة 76 من قانون المرور تعاقب، وإذا ترتب على القيادة تحت تأثير مخدر أو مسكر أو سار عكس الإتجاه إصابة شخص أو أكثر فالعقاب يكون الحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه»، وفى حالة ترتب على ذلك وفاة شخص أو أكثر أو إصابته بعجز كلى فيعاقب السائق بالحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 7 سنوات وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه.

وأقر القانون المصرى عقوبات التحاليل الايجابية لسائقى المركبات، وتشمل سحب رخصة القيادة لمدة 90 يوماعند ضبط قائد المركبة لأول مرة يقودها تحت تأثير خمر أو مخدر وعند امتناع قائد المركبة عن الفحص الطبى أو لجوئه إلى الهرب عند تقرير فحصه طبيا أو إحالته للفحص الطبى للاشتباه فى وقوعه تحت تأثير خمر أو مخدر، ووفقا لقانون المرور الجديد يحرم السائق من الحصول على الرخصة إذا تكررت نفس المخالفة مرة أخرى.

شهود عيان

اشتكى عدد من المواطنين، وسائقى سيارات الملاكى والدراجات النارية، من تهور سائقى التريلات، مؤكدين أن العديد منهم لا يبالون بما يتعرض له الآخرون، بسبب سرعتهم الجنونية ورعونتهم على الطرق السريعة مما يعرض حياة الناس للخطر. 

قال محمد سامى من سكان الدائرى بشبرا الخيمة، إن سائقى التريلات يقودون التريلات بطريقة «فرد العضلات»، ولا يلتزمون بالإشارات والتعليمات المرورية الواجب اتباعها حفاظًا على أرواح المواطنين طالبًا من شرطة المرور ضرورة نشر دوريات المرور وأمن الطرق لتوجيه الشاحنات، وردع تجاوزاتهم المروعة على الطرق.

وحكى إبراهيم سيد -من سكان الدائرى بشبرا الخيمة- حوادث شاهدها بنفسه أثناء وقوفه فى شرفة منزله المطل على طريق الدائرى.. وقال: يوميا أشاهد تجاوزات بعض سائقى الشاحنات على الطريق، منها تعمد بعض السائقين استخدام طرق ومنافذ ضيقة جدا، مع السير بسرعة جنونية دون اتباع لأى قواعد مرورية مما يسبب حوادث مروعة، وإذا ما نجا السائق من الموت نجده غير متزن عقليًا أو جسديًا!

ويقول سعيد حامد - سائق نقل بسوق القليوبية- «أثناء تواجدى على طريق الدائرى فى الأسبوع الماضى فوجئت بسيارة تريلا تشق طريقها بسرعة جنونية متنقلة بين الحارات بتهور شديد، وكان سائقها يستمع إلى صوت الكاسيت العالى جدا ولا ينتبه لما يحدث على الطريق ولا يدرك السائق أن أفعاله قد ينتج عنها كوارث بشرية».

 قال عوض حماد سائق نقل ثقيل، إن السائق المتهور يعرض حياته وحياة الآخرين للخطر، وحوادث سائق التريلا، تختلف عن جميع حوادث السيارات الأخرى بسبب قوة دفعها فتصدم التريلا الواحدة أكثر من 10 سيارات فى آن واحد، ويمكن أن تدهسهم فى لحظات دون أن يشعر السائق بمدى الكارثة التى تسبب فيها».

واضاف «بعض سائقى التريلات يتناولون العقاقير المخدرة أثناء قيادتهم ظنا منهم أن تلك العقاقير تزيد من قدرتهم على التركيز، ولكنها فى الحقيقة تفقدهم الانتباه، أثناء القيادة».

 وكارثة أخرى كشفها - عطا حسين - قائد سيارة نقل مؤكدا أن بعض السائقين، يتركون قيادة الشاحنة لمساعديهم وأغلبهم يكونون أطفالا صغارا غير مؤهلين للقيادة ولم يحصلوا على رخص قيادة وينام السائق بجوار الصبى الصغير، فتحدث كوارث»، مطالبا بتشديد العقوبات على سائقين النقل الثقيل خاصة التريلات لأنهم على دراية كافية بالقواعد المرورية والمحظورات ورغم ذلك لا يلتزم العديد منهم بالقواعد المرورية زاعمين أن «كله قدر ومكتوب، مؤكدًا أن السائق مسئول بنسبة 70% عن الحوادث بسبب إهمال القيادة أو تناول العقاقير المخدرات على اعتقاده أنها تساعد على الانتباه أثناء القيادة.

السير يمين الطريق

وسير النقل الثقيل على الطريق تحكمه اللائحة التنفيذية لقانون المرور رقم 2777 لسنة 2000 والتى تشدد على أن يلزم قائد النقل الثقيل أقصى الجانب الأيمن للطريق أثناء السير خاصة إذا كانت السرعة الفعلية لسير المركبة تقل كثيرًا عن الحد الاقصى المقرر للسرعة فى الطريق، أوعندما تكون الرؤية فى الطريق أمامه غير كافية.

جهاز تحكم

 وطالب اللواء أحمد هشام خبير مرورى بتركيب جهاز تحكم فى سرعة سيارات النقل الثقيل والمقطورة والنقل العام، بحيث لا تزيد على 70 كيلو مترا فى الساعة للتصدى للحوادث المرورية، مع تحديد حارات مخصصة فى شبكة الطرق الحديثة والقديمة، لسيرة النقل الثقيل والمقطورات، وتركيب كاميرات ورادارات للتأكد من التزام قائدى السيارات بالتعليمات المرورية، وإذا تجاوز قائد السيارة، يتم إيقاف السيارة، وسحب رخصة القيادة وحجز السيارة مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على شهر نتيجة مخالفة الحارة المرورية.

وشدد الخبير المرورى على ضرورة إجراء كشف دورى على قائدى مركبات النقل الثقيل والمقطورة، فى المعامل المركزية والطب الشرعى للتأكد من عدم تعاطى السائقين مواد مخدرة أو مواد مسكرة مع إجراء التحاليل كل ثلاثة أشهر على الأكثر فى الأكمنة الثابتة والمتحركة، للكشف على قائدى السيارات بنتائج عشوائية للتأكد من عدم تناول المواد المخدرة أو المسكرة، وبذلك نستطيع الحد من وقوع الحوادث بشكل كبير.