رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ونس الدكة

اكذب واستمر فى الكذب وكرر هذا الكذب كل يوم حتى يصدقك الناس.. مقولة لوزير الدعاية السياسية لهتلر وألمانيا النازية أثناء الحرب العالمية الثانية «جوزيف جوبلز» الملقب بالبعقرى الشرير. الذى تفنن فى استخدام وسائل الإعلام للترويج عن الفكر النازى.

والمتأمل لتاريخ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 والاحتلال الصهيونى لفلسطين عام 1948 سيجد ان الفرق بين التاريخين ثلاث سنوات فقط، وهو ما جعل الصهاينة قريبى العهد بسياسات «جوبلز» الكاذبة.. هنا تعلم الصهاينة الدرس جيدًا وبدأوا منذ الأيام الأولى لاحتلالهم الأراضى الفلسطينية يظهرون كتلاميذ نجباء لمدرسة «جوبلز» اللاإنسانية فى استخدام آلة الدعاية الاسرائيلية «الهاسبارا» مستعينين بكم هائل من الأكاذيب وتكرارها بشكل يومى فى كل أرجاء العالم.

ففى شهر ابريل الماضى نشر موقع الجزيرة الاخبارى تقريرًا مفصلًا عن الدعاية الإسرائيلية مدعومًا بعدد كبير من المواقع الالكترونية، ووصف التقرير ان الدعاية الإسرائيلية من أنجح الدعايات الإعلامية لمعرفتهم كيفية مخاطبة العقل الغربى، إذ سهّلت عليهم جذورهم الغربية أن يحققوا أكبر عملية إقناع وتزوير لمصلحة « قضيتهم» القائمة على تهويد فلسطين وتغيير معالمها وتفريغها من سكانها الأصليين، ومن أهم ما أنتجته هذه الدعاية لتحقيق أهدافها هو «الهاسبارا».

«هاسبارا» كلمة فى اللغة العبرية تعنى «الشرح» أو «التفسير» أو «التوضيح». وتُعَد من الإستراتيجيات التى يعتمدها الاحتلال من أجل بناء صورته فى الخارج، وهى صورة تواجه انتقادات منذ الإعلان عن قيام إسرائيل عام 1948، وأيضا من أجل تفسير سياساتها، وتقديم تقارير عن الأحداث ونشر معلومات إيجابية عنها لمواجهة أى نقد تتعرّض له، فى مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية والإلكترونية.

وبينما لم يكتف «جوبلز»، باستخدام وسائله المتعددة لأقناع الشعب الألمانى بالتيار النازى، وبما سيقدمه هتلر من خلاص لكل أشكال الضعف والهوان التى تتعرض لها ألمانيا، وإنما نظم مسيرة بالمشاعل للميليشيات العسكرية النازية ليلًا فى برلين وبعض المدن الألمانية الكبرى، وصولًا إلى مقر المستشارية بعد فوز هتلر بمنصب مستشار ألمانيا، وأشاع وقتها «جوبلز» أن أعداد هؤلاء فاقت المليون، إلا أن البعض قدر تلك الأعداد بما لا يزيد على خمسة عشر ألف شخص فقط.

وهكذا فعل الصهاينة بنفس المنهج والطريقة تعتمد إسرائيل فى بعض البلدان، مثل الولايات المتحدة، على «الطابور الخامس» من المتعاطفين الناشطين لتضخيم رسائلها، ودحض وتشويه التصريحات التى تتعارض مع روايتها، والطعن فى الموقف الأخلاقى للذين ينتقدون جرائمها.

ومن شأن أساليب التضليل تحريف الحقائق وتزويرها وجعل المجرم والضحيّة متساويين، إضافة للترويج لإسرائيل باعتبارها «دولة ديمقراطية» تتعرّض لحملات الكراهية من جيرانها من دون سبب.

وبواسطة التضليل وتشويه الحقائق وإخفاء الأدلة والشواهد، تتصدى «الهاسبارا» لأى محاولة لإدانة إسرائيل وممارساتها وتسعى إلى اعتراض موجات التعاطف مع القضية الفلسطينيّة فى أرجاء العالم.

بعد وصول النازيين للحكم فى المانيا عام 1933، أنشأ هتلر وزارة جديدة تحت اسم وزارة التنوير والدعاية السياسية ترأسها صديقه جوبلز، إذ تعمل هذه الوزارة على ضمان نشر الرسالة النازية بنجاح، من خلال الفنون، والموسيقى، والمسرح، والأفلام، والكتب، والإذاعة، والمواد التعليمية، والصحافة.

وبنفس الطريقة سارعت إسرائيل فى العمل بنفس منهج عدوها التاريخى «جوبلز» فمع دخول العالم العصر الرقمى فى مطلع الألفية الثالثة، أوجدت إسرائيل شراكة بين القطاعين العام والخاص تقود فيها الدولة ويتبعها المتطوّعون الملتزمون فى تنفيذ إستراتيجية المعلومات، من خلال الاستخدام الكثيف لقنوات التواصل الأكثر انتشارا وتأثيرا مثل «فيسبوك» و«إكس» و«إنستغرام» و«يوتيوب»، باعتبارها تسهم بقوة فى تشكيل الرأى العام.

كما دفعت إسرائيل شركات الإنترنت الكبرى إلى اتخاذ تدابير صارمة بحقّ الأصوات المعارضة والتواطؤ معها لقمع الرأى الآخر وإغلاق الحسابات المنتقدة واعتبارها حسابات «معادية للساميّة»، إذ تُحذف آلاف المنشورات والحسابات المتعاطفة مع فلسطين على تلك المنصّات وغيرها.

بل تكرر إسرائيل أكاذيبها اليومية عبر إنشاء مواقع إلكترونية وحسابات على وسائل التواصل الاجتماعى ورسائل منسوبة إلى هويات مزوّرة بأن «اليهود أساس الحضارة فى أرض فلسطين وأحق الناس بها»، ومن ثم الحصول على تعاطف الرأى العام العالمى وتأييده للمشروع الصهيونى.

أخيرًا أصبح لدىَّ إيمانى الخاص بأن الشر لن ينتهى من العالم قريبًا فقد ظهر «جوبلز« بآرائه المتطرفة ووحشيته وعدوانيته لينتحر عام 1945 تاركًا وراءه دعائم الدعاية النازية التى آمن بها مليون «جوبلز» صهيونى من بعده يكذبون ويكررون الكذب حتى يصدقهم العالم.

وسأترك لك ما قاله «جوبلز» لتدرك مدى التطابق بين إعلام جوبلز وإعلام الصهاينة على الرغم من ان بينهما أكثر من سبعين عامًا. يقول جوبلز أو نتنياهو أو ارييل شارون فجميعهم رجل واحد: ( ينبغى أن نبحث عن الأقليات الموتورة، وعن الزعماء الطموحين الفاسدين وذوى العصبيات الحادة والميول الإجرامية فنتبناهم ونحتضن أهدافهم ونهول مظالمهم ونهيج أحاسيسهم بمزيج من الدعاية والشائعة مثيرين الغنى على الفقير والرأسمالى على البروليتارى، دافع الضرائب على فارضها، الجيل الجديد على القديم، وبذلك نحقق درجة من الفوضى يمكن معها التلاعب بمقدرات العدو وفق ما نشاء).