رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الحكومة الجديدة.. المسار الشكلي والسياساتي في ضوء التجارب الدولية (2) 

ساعات تفصلنا عن بيان الحكومة المصرية أمام البرلمان، بعد الاطلاع على فلسفة تشكيل الحكومة واختيارها والتي طالت مداولات ومناقشات تكوينها لنحو ثلاثة أسابيع منذ استقالة الحكومة السابقة، ففي الأعراف السياسية وخاصة تلك المتعلقة بتشكيل نخب تنفيذية جديدة قد لا تمثل تلك الفترة مُهلةً طويلة. 

إلا انه قد سيطرت ملامح إيجابية عدة على تكوين الحكومة المشٌكلة حديثاً ؛حيث هيمن ملمح الاستعانة بالعديد من الكوادر والشخصيات الوطنية من الخبرات الدولية فزادت نسبة الخبرات الدولية والإقليمية إلى 35% من أعضاء الحكومة مقارنة بـ 25% في الحكومة السابقة، إذ أن الحكومة أصبحت تضم 11 وزيرا ذا خبرات دولية وإقليمية و20 وزيراً ذا خبرات محلية بنسبة 65%.  

وفي هذا الإطار، تتعدد الملامح الرئيسة لتشكيل حكومة، وذلك بجانب عدد من مقومات التغيير أبرزها ما يلي: - 

• شمول التغيير لوزرات اقتصادية وخدمية بالأساس: حيث تتضمن التغيير الوزارات الخدمية التي تهم المواطنين بشكل مباشر، والمجموعة الاقتصادية بالكامل، ممّا ساهم في حدوث انعكاسات إيجابية.
• استحداث وزارات فرضتها شواغل المرحلة الحالية، حيث تم استحداث وزارة الاستثمار وضم لها التجارة الخارجية بعد فصلها عن وزارة التموين، وذلك عقب مرور 4 سنوات على إلغاءها. 
• الدمج بين عدد من الوزرات المعنية بأهداف استراتيجية محددة: دمج وزارتي التخطيط والتعاون الدولي، والخارجية والهجرة، وذلك تفعيلا للبعد التنسيقي بين الوزارات المعنية بملفات بعينها من جهة وترشيدًا للنفقات من جهة أخرى.
• اسناد مهام جديدة داخل بعض الوزرات: مثل استحداث "مهمة" التواصل السياسي ضمن أعمال وزارة الشئون النيابية والقانونية والمنبثقة بالأساس من تتويج نجاح تجربة الحوار الوطني في مصر والذي دام لمدة عام ومستمر حتى الآن، وهي آلية مفصلية وضرورية لتفعيل التنسيق بين بين الحكومة والمجالس النيابية بأشكالها من جهة، وأيضا لتعظيم التواصل بين الحكومة والمواطنين والأحزاب والقوي السياسية على كافة اطيافها.
• انخفاض متوسط الاعمار: حيث بلغ متوسط الأعمار في الحكومة الجديدة 56 عامًا، حيث شهدت أغلب الوزارات التي شهدت تغيير انخفاضًا في الأعمار، ومنها وزارة التضامن الاجتماعي حيث تبلغ الدكتورة مايا مرسي 50 عامًا، ويبلغ أحمد كجوك وزير المالية الجديد 50 عاماً ، ووزير الخارجية والهجرة بدر عبد العاطي يبلغ 58 عاماً، بينما بلغ سامح شكري 71 عاماً، وزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبداللطيف يبلغ من العمر 52 عاماُ، فيما بلغ الدكتور رضا حجازي 64 عاماً، وفي وزارة التموين بلغ الدكتور شريف فاروق الوزير الجديد 59 عاماً، بينما بلغ عمر الدكتور على المصيلحي 75 عاماً.

وعلي الرغم من فاعلية الملامح المذكورة أعلاه، إلا انه من المفيد أن يتضمن بيان الحكومة في فحواه فلسفة دمج بعض الوزرات كالاستثمار والتجارة الخارجية، وذلك بالنظر انه بلا شك تعد هذه الخطوة محمودة بل وقد تم التوصية بها في المقال السابق وذلك استنادًا على قراءة ومراجعة النماذج الدولية المختلفة والتي تبين معها أن معظم دول العالم تعمل بكفاءة بعدد من الوزارات أقل من الموجود في مصر. 
وأيضاً، يتوقع أن يركز البيان على سبل إعادة بناء الثقة بين الحكومة والمواطنين وبالتالي فمن الممكن أن يتم توظيف ازمة الكهرباء لإعادة الثقة بين الجانبين وذلك خلال حلها وفقا للجدول الزمني المعلن وبالأليات المتفق عليها. 
وعلي غرار التغيير الشكلي للحكومة الجديدة، فيتعين ان يصاحبه تغيير في مضمون برنامج الحكومة والذي من المفترض ان يدُرس من قبل البرلمان في 10 أيام، وذلك خلال الإعلان عن التحرك الاستراتيجي المخطط للفترة المقبلة خاصة فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية المستهدفة عبر ألقاء الضوء على الازمات الحالية مع الاخذ في الاعتبار التحوط إزاء الازمات المستقبلية، عن طريق إصدار خطة عمل مصغرة وتكليفات واضحة تبرز الخطوط العريضة لعمل الحكومة الجديدة، ويستتبعها اسناد المهام الي الوزرات المعنية.
وذلك بدلا من إطلاق برنامج للحكومة بالشكل المعتاد والمتضمن مستهدفات كمية طموحة تعكس مجهودات كل وزارة على حدة ولا تعكس بالضرورة اولويات التحرك ، وذلك خاصة في ضوء تشعب وتفاقم التحديات الحالية في ظل تحديات عالمية سريعة يشوبها الضبابية في كثير من الاحيان. 
وفي نظري يعد هذا النموذج الامثل لتحقيق التكامل بين الوزرات في ظل اهداف واضحة ومشتركة، مما يساعد في تجنب التداخل في بعض الأحيان أو بعثرة الجهود في الملفات المختلفة محل الدراسة، وبالتالي فمن الأفضل ان تعمل الحكومة في هذه الفترة، على تحديد اهداف استراتيجية واحدة تعمل كافة عناصرها علي تحقيقها بما يضمن فك وتشريح التحديات الآنية.