رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى 26 مايو 2000، وصل الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، إلى بلدة بنت جبيل اللبنانية الصغيرة، على بعد بضعة كيلومترات من الحدود الإسرائيلية. كان يبلغ من العمر 39 عامًا آنذاك، ويرتدى عمامته السوداء المألوفة وثوبًا بنيًا،وألقى أحد أشهر الخطب فى حياته المهنية.
وفى اليوم السابق لوصوله، انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان بعد احتلال دام سنوات، حيث تعرضت لمضايقات من جانب حزب الله وجماعات أخرى. وتجمع الآلاف من المؤيدين هناك تحت الرايات الصفراء لحزب الله.
ألقى نصر الله خطابا شهيرا أكد فيه أن إسرائيل «ضعيفة مثل بيت العنكبوت» على الرغم من أسلحتها النووية. وقد أصبحت المواضيع التى تناولها فى خطابه فى ذلك اليوم تحدد رؤية نصر الله للعالم فى العقود التى تلت ذلك، حيث دمجت مفاهيم اللاهوت الشيعى وخطاب التحرير، وتأسست على الاعتقاد بأن المقاومة الحقيقية يمكنها التغلب على قوة عسكرية متفوقة بكثير.
ومنذ ذلك الحين، تحول حزب الله، سواء كقوة مقاتلة أو فى علاقته مع الدولة اللبنانية الهشة، ليصبح قوة سياسية واجتماعية. ولكن فى حين أن خطاب نصر الله ربما ظل دون تغيير، فإن تقديره لهشاشة القوة، حتى بالنسبة لأقوى جهة فاعلة غير حكومية مسلحة فى العالم، قد تحور وقاد حزب الله إلى حافة صراعه الأكثر خطورة. لقد أرسلت صواريخ وطائرات بدون طيار إلى إسرائيل، بينما تضرب إسرائيل أهدافًا فى لبنان وحزب الله بغارات جوية.
عندما يلقى نصر الله خطاباً هذه الأيام، لا يظهر نصر الله شخصياً، بل على شاشة التلفزيون. أصبحت خطابات نصر الله الطويلة والمتكررة فى كثير من الأحيان موضوعاً لتفسيرات لا نهاية لها خلال الأشهر الثمانية الماضية من الحرب فى الشرق الأوسط.
فى حين يتم تصوير نصر الله وحزب الله فى كثير من الأحيان باعتبارهما وكيلين لإيران، فإنهما أكثر من ذلك. فهما لاعبان إقليميان مهمان فى حد ذاتهما، إلى جانب ارتباطهما العميق بطهران.
إن سياسة نصر الله فى الأسابيع الأولى من الاشتباكات عبر الحدود التى بدأت فى 8 أكتوبر، أى بعد يوم واحد من هجوم حماس المفاجئ على جنوب إسرائيل، كانت مصممة ظاهرياً لتخفيف الضغط على الجماعة الفلسطينية المسلحة فى غزة، وهى استراتيجية يبدو أنها كانت أكثر فعالية. على الصعيد الدبلوماسى أكثر منه على الصعيد العسكرى. نسج نصر الله القضايا الإقليمية العالقة على الحدود اللبنانية بما فى ذلك مزارع شبعا التى تحتلها إسرائيل، والتى تطالب بها سوريا أيضاً.
ومن خلال تنحية الوضع الراهن بين إسرائيل وحزب الله جانباً والذى ظل قائماً منذ نهاية حرب لبنان الثانية التى دامت شهراً فى عام 2006 والتى جلبت دماراً هائلاً للبنان، فقد رمى نصر الله حجرا. مكذبا الغموض المتعمد فى تصريحاته، التى تتأرجح بين التهديدات للمدن الإسرائيلية والإصرار على أن جماعته لا تريد حربا شاملة.
وفى الأشهر اللاحقة، أدت ديناميكيات الحرب المتصاعدة إلى وصول الاعتبارات التى دفعت نصر الله إلى دخول الصراع إلى نقطة الانهيار. لقد أصبح «الصراع المُدار» خارج نطاق السيطرة على نحو متزايد مع استهداف إسرائيل كبار مسئولى حزب الله وإطلاق حزب الله النار على أهداف عسكرية ومدنية إسرائيلية، ومؤخراً هدد حيفا ومدن أخرى.
وفى الحقيقة أن الصبر الاستراتيجى هو جزء من نظرة حزب الله. وما نفعله لفهم موقف حزب الله لا يتجاوز التخمينات والافتراضات، لكننا لا نصل إلى الشبكة الداخلية لفهم عمليات صنع القرار.