عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قضية ورأى

فى أعماقنا يبدو أن الاستقطاب الحاد يسكن ويمدد قدميه ولا يخلع نعليه.

استقطاب ينتشر رويدا رويدا، إلى أن أصبح مشهدا ثابتا وطبعا غالبا فى المؤسسات، بعد أن سيطر ليس على المجتمع المصرى فحسب ولكن على مجتمعات دول كثيرة.

إذا لم تكن معى فأنت ضدى.

قد يكون مألوفا أن تسمع لغة الاستقطاب وتهديده من أقصى اليمين أو اليسار المتطرف، أو فى حالات الحرب كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر، وحشدها العسكرى ضد أفغانستان ثم العراق.. لكن لا يمكن أن تتحول دول ومجتمعات بكاملها إلى هوة الاستقطاب وقتا طويلا، ثم تنجو وتستمر.

لن أستدعى من التاريخ نماذج لهذا الاستقطاب وكيف انتهى إلى زوال، فالأمثلة كثيرة، وحالات الاستقطاب فى مصر حاليا كثيرة.. فلماذا نستدعى الذاكرة؟

وتنقل السوشيال ميديا عمليات تفريخ يومية لتطرف فكرى وعقائدى وعرقى وسياسى ومذهبى.

وأصبحت غالبية السوشيال ميديا هى جامعة أفكار الاستقطاب الحاد، وبالتالى يخفت صوت العقل لصالح الصوت العالى.

وبلغ من سطوة حالة الاستقطاب السائدة أن مؤسسات سياسية أصبحت تخشى الإعلان عن قراراتها وآخرها وزارتا البترول والكهرباء.

فكلتاهما كانت ترفض تحمل جانب من تفاصيل الإعلان عن مسئولية قطع الكهرباء، فقط خوفا من حالة الاستقطاب المسيطرة على السوشيال ميديا.

ورغم المسئولية المشتركة، فإن كم الشتائم والإرهاب النفسى الذى يطولهما دفع قيادات الوزارتين للتفكير بعمق وإلقاء المسئولية على الآخر.

فى بعض المؤسسات الحزبية لا يختلف الأمر كثيرا.. فإن لم تكن معى، فأنت شيطان تحبو على الأرض.. وتنتظرك قائمة من الاتهامات الطويلة بين الرشوة والعمالة والتطبيل.

الأمر نفسه يتكرر مع مواقف الدولة نفسها من قضايا عالمية وإقليمية، ويبدأ تسفيه الدولة ومواقفها وشيطنة قياداتها، وطرح رؤى غير واقعية.

وهكذا تدور رحى عجلة السوشيال ميديا لتصفية الخصوم، ولا فرق بين عمليات ممنهجة أو عمليات عفوية.. فالنتيجة واحدة.

لكن فى الحقيقة هى ليست تصفية للخصوم، وإنما عمليات تصفية للذات، تهدم المؤسسة وتجهز عليها حتى «لا نفعنا ولا تنفع غيرنا».

وهكذا ننقض غزلنا، ونتحول رويدا رويدا إلى التحلل والموات، بينما يعتقد بعضنا أنه انتصر.

وإذا كان البعض يفرح باتساع هذا الاستقطاب يوما بعد آخر، معتبرا أنها عودة لما يصفه بالوعى، فربما تستحضرنى عبارة مضمونها: «إذا كنت تسير بسرعة فاحترس، فلربما كنت تسير على منحدر».

نحتاج رؤى واقعية، وحلولا قابلة للتنفيذ، أكثر من احتياجنا لنصوص أدبية منمقة تحمل رؤى خيالية أو قائمة شتائم متخصصة فى تدمير الذات.