رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ضوء فى آخر النفق

الجسارة لغة العقل وليس العضلات .. لكن الروح ايضا لا بد أن تدعم العقل. الأرواح المسلوبة.. مثل «اللبن المأخوذ خيره» لا خير فيها .. باهتة .. لا أحد يهتف بحياة أرواح ميتة.. الأرواح المشعة تضيء الوجود.. يتصاعد فيها الدم، ويأخذها إلى أعلى الذرى. هذا بالضبط هو المفقود فى حياتنا. 

تفقد رغبتك فى الاستيقاظ ..تكره التوجه إلى العمل، وأنت توقع فى دفترك تتساءل وأنت تنظر الى ساعتك: متى الفرار من هنا؟ استبداد اللحظة بك يسلبك حتى الشغف .. لا ابتسامة تخرج من القلب تصافح بها زميلًا، ولا نظرة محبة تتبادلها  مع صديقة أو معجبة .. تحول العمل من قيمة إلى مهمة، باتت كل المهام نسخًا مكررة من عملية كريهة نسميها  «تستيف الأوراق». حالة تعكس براعة  هذا المجتمع فى التحدى والاستجابة .. كان المجد فى السابق للموظف العام ، «إن فاتك الميرى اتمرغ فى ترابه» .. هذا النوع من الوظائف كان  معشوق المصريين، باعتباره الطريق  إلى تكوين حياة .. شقة وعروسة ومطبخ (تفوح منه رائحة التقلية  بتعبير لنجيب محفوظ) انقلبت الآية وضربت الوظيفة «الميري» عاصفة القطاع الخاص، حدث احتقار للموظف العام،  منذ ذلك اليوم وكل شيء مرتبط  بالقرش!

حالة «التستيف» طالت كل شيء، العام والخاص: المدير والغفير.. الجندى والوزير.. الأب والابن .. الزوج والزوجة.. الزواج والطلاق نفسه صار اجراءات تستيف أوراق!

الأرواح مسلوبة .. من قبلها الجسارة لم يعد لها ضرورة .. بضاعة غير مطلوبة! نقل المشتغلون فى الخليج عن أهلنا هناك  جملة تقول «فخار يكسر بعضه» وعملوا بها! زمن فقد فيه الناس الشغف .. فلا الشاب بات يعرف الحب «بتاع زمان.. أيام «جوابات» نجاح سلّام و»ساكن قصادى» يا نجاة.. و«بعيد عنك حياتى عذاب». لم تعد الفتاة مولعة بالاسمرانى مفتول العضلات، وانما يستبد بروحها - المنسحقة - الولد ال «مُزْ» بالبنطلون المقطع وحِجْر ساقط وتسريحة  عرف الديك .. وداعًا  ترمس وحلبسة الكورنيش.. مرحبًا بعناق بصمة الدم، أو العناق العرفى أو بدون، حتى المستقبل ليس مهما، يتخيلون أنه سيصل  «ديليفرى»!

أرواح مأخوذ خيرها .. سجينة .. مسلوبة الإرادة والحرية. هل كان الكواكبى يكتب فى  طبائع الاستبداد ويعرف أننا لن  ننتبه؟ هل خالد محمد خالد عندما حاور عبدالناصر «من هنا نبدأ» كان يعرف أننا لن نبدأ حتى اليوم؟ تخيلوا؟ آلاف الكتب  أهرق حبرها دفاعًا عن الحرية والديمقراطية ورفض الاستبداد، كى لا يأتى يوم يبهت فيه هذا كله على الارواح،  فيشرخها ويطبعها نسخًا خاوية من الشغف ..الموت المقيم بمعنى أدق.

الجسارة معادل طبيعى للروح الحية.. ولاستمرار الشغف بالحياة. لا يكفى أن تقول لصاحبك أو حبيبتك إنك تحب الحياة! يحدث ذلك حينما يكون لك رأى وتعبير وعمل ومشاركة وتغيير. دعكم من المتع الصغيرة  المسروقة من الزمن .الحياة هى ابتكار مقاومة للتمتع بما فى أرواحنا من جسارة. تستلب إرادتنا فنناضل لاستردادها، نفشل مرات وننجح احيانا. الهزيمة  فى معركة النفس الانسانية وقعت لاننا لم  ننصت فى داخلنا لكلمات تربينا عليها.. زينا بها حللنا العقلية الانيقة،   وبقيت أرواحنا تعوزها الجسارة!

يائسا أكتب؟ ربما منبها.. المقاتل علاء سويلم يكتب مقاوما.. كتب عن بطولة المقاتل شطا! عنهما وعن البطولات المصرية المدفونة اتحدث معكم الاسبوع المقبل.