أغانى الحج فرحة الروحانيات بلغة البسطاء

رافقت الأغانى رحلة الحج منذ بدء الاستعداد لها وحتى رجوع الحاج، وكانت رحلة الحج طويلة قبل ما يقرب من قرن من الزمان، فكانت الأغانى تصاحب رحلة الحاج عبر الجمال والمراكب، ثم تطورت تلك الأغانى عبر الزمن ومبدعيه لتصل لتلك الصورة التى غنتها أم كلثوم «إلى عرفات الله.. يا خير زائر» و«القلب يعشق كل جميل» ثم «لبيك اللهم لبيك» لمحمد عبدالوهاب التى ختم بها حياته الفنية، بدأت أغانى الحج فكلورية، وأكثرها خفيف الوزن مثل «خدونى معاكم يا زوار النبى»، و«رايحة فين يا حاجة.. يام الشال قطيفة»، و«سلم لى على النبى» وكذلك «إيه العمل يا أحمد». و«بشاير بشاير.. من عند الحبيب» و«يا نبى نبى ياما ليك أحبة .. هملوا عيالهم يا نبى وجولك محبة» وكذلك أغنيات تذكر الحجاج بآل بيت رسول الله وزيارة واحة «فاطمة الزهراء» ومقامات آل البيت بالمدينة المنورة ومكة، ومع بداية عصر التسجيلات الصوتية بدأت أغانٍ من نوع آخر مثل ما سجلته المطربة «نجاة على» من كلمات بديع خيرى وألحان زكريا أحمد فى أغنية «يا ذهاب الحجاج.. يا عودة الحجاج» و«يا رايحين للنبى الغالى» التى غنتها «ليلى مراد» لتؤكد بها إسلامها، وتواصلت أغانى الحج حتى ختم بها الموسيقار محمد عبدالوهاب حياته بأغنية للحج وهى «لبيك اللهم لبيك» والتى حرص فيها على أن تكون كلمة «حبيبى» هى المرة الأجمل فى مشواره الغنائى التى يغنى فيها هذه الكلمة بأعظم ما امتلك عبدالوهاب من جمال تأدية ساحرة، فكلمة «حبيبى» فى هذه الأغنية هى أجمل ما تغنى به صوت فى أغنية عربية على الإطلاق اعزازا من  عبدالوهاب لقدر الله تعالى جل شأنه.

كما تجلت قدرة الشاعر بيرم التونسى ورياض السنباطى فى رائعة «القلب يعشق كل جميل» بإيقاع المقوم ومقام الرصد معبرة عن حالة جذب ورقص صوفى فى محبة الذات الإلهية.

وستظل رحلة الحج ملهمة للمبدعين فى كل زمان محرضة على تتبع الفن الجميل، فمازال الغناء الدينى عموما محصناً من محاولات الاسفاف الغنائى التى طالت كل لون.

ومن وقت لآخر يعاد تقديم أغنية من أغانى الحج فتصبح أكثر شهرة من غيرها مثل «رايحة فين يا حاجة». وما أحوج الحالة الغنائية إلى الغناء الدينى ومن بينه ومن بين فصائله أغانى الحج التى لا تعبر وحسب عن قيمة دينية وتؤصل لمنسك من مناسك الإسلام، وإنما تروج للجمال وللروحانية.