رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مقام إبراهيم.. حجر من الجنة تهفو القلوب لرؤيته|انطلق من فوقه نداء الحج (صور نادرة)

مقام سيدنا إبراهيم
مقام سيدنا إبراهيم

بلورة مذهبة تتخذ من أحد جوانب الكعبة الشريفة موقعًا مقدسة وتحوي حجراً رخواً من نوع حجر الماء، مربع الشكل، مساحته 50 سنتيمتراً، ومثلها طولاً وعرضاً وارتفاعاً، يظهر في وسطه أثر قدمي سيدنا إبراهيم الخليل على شكل حفرتين بيضاويتين مستطيلتين.

هو أحد معالم بيت الله الحرام الذي تشتاق النفس والعين لرؤيته وترتاح القلوب بلامسته وتهيم نفوس المسلمين شوقاً لزيارته ،هو مقام إبراهيم عليه السلام، "ياقوتة من الجنة" الذي انطلق من فوقه الأذان والنداء للحج.

هو حجر أثري قام عليه النبي إبراهيم عند رفع قواعد الكعبة ،وقد شُق عليه نتوء الحجارة حيث كان النبي إبراهيم يقوم عليه ويبني، ،وفي هذا الحجر أثر قدمي النبي إبراهيم، بعدما غاصت فيه قدماه، كما روى البخاري عن ابن عباس قال: (فجعل إبراهيم يبني وإسماعيل يناوله الحجارة ويقولان ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾.

حجر من الجنة

هذا الحجر الكريم قد جاء في الحديث الصحيح أنه من الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة، طمس الله نورهما، ولو لم يطمس نورهما؛ لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب".

موقع مقام حجر سيدنا ابراهيم

كان المقام ملاصقًا لجدار الكعبة المشرفة، واستمر كذلك إلى عهد رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، وعهد أبي بكر الصديق "رضي الله عنه"، وقد أخره عن جدار الكعبة الخليفة عمر بن الخطاب"رضي الله عنه"حيث وقع سيل شديد سمى بـ (سيل أم نهشل) وجرف حجر المقام من مكانه وذهب به بعيدا، وجاء عمر فزعًا من المدينة وجمع الصحابة وسألهم: « أناشدكم أيكم يعرف موقع هذا المقام في عهد رسول الله؟» ،فقام رجل وقال: "أنا يا عمر.. لقد أعددت لهذا الأمر عدته.. لذلك قست المسافة التي تحدد موضع المقام بالنسبة لما حوله"، وبالفعل أرسل عمر في طلب الحبل من بيت الرجل وتأكد من صدق كلامه وأعاد المقام إلى مكانه، وكان ذلك في رمضان عام 17هـ فهو في موقعه إلى اليوم.

تطورات شكل المقام

 حظي المقام باهتمام الخلفاء والملوك والحكام والأمراء على مر التاريخ، فتعددت أشكاله خلال العصور المختلفة؛ محاولة للحفاظ عليه من العوامل الطبيعة وعبث العابثين، فكان أول من حلاه الخليفة المهدي سنة 160هـ ، حيث بعث بألف دينار ؛ لتضبيب المقام بالذهب .

 

وفي عهد أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله سنة 236هـ ، جعل ذهبًا فوق الذهب بأحسن منه عملا . وكذلك في سنة 251هـ في خلافة المتوكل، وفي سنة 256هـ من عامل مكة علي بن الحسن العباسي .

وذكر الأزرقي أن المقام في عصره كان في حوض من ساج مربع حوله رصاص مُلَبَّن به ، وعلى الحوض صفائح رصاص ملبس بها ، ومن المقام في الحوض أصبعان ، وعلى المقام صندوق ساج مسقف ، ومن وراء ملبن ساج في الأرض في طرفيه سلسلتان تدخلان في أسفل الصندوق ، ويقفل فيهما قفلان ،ومثله وصف الفاكهي أيضًا .

 

وفي القرن الـ9 كان المقام عبارة عن قبة عالية من خشب ثابتة قائمة على ٤ أعمدة دقاق وحجارة منحوتة بينهما ٤ شبابيك من حديد من الجهات الأربعة ومن الجهة التي يدخل إلى المقام والقبة مما يلي المقام منقوشة مزخرفة بالذهب ومما يلي السماء مبيضة وموضع المصلى ساباط مزخرف على أربع أعمدة عمودان عليهما القبة وهو متصل بها وهو مما يلي الأرض منقوش مزخرف بالذهب.

ففي عهد الملك فيصل رحمه الله كانت هناك آراء بنقل مقام إبراهيم عليه السلام إلى الخلف ؛ ليحصل بذلك توسعة على الطائفين ، وكانت هناك آراء مخالفة بعدم نقله من مكانه ، فأحيلت المسألة إلى المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي ، الذي اتخذ في جلسته الحادية عشرة المنعقدة بتاريخ 25/12/1384هـ قرارًا ، والذي جاء في مقدمة نصه : « تفاديًا لخطر الزحام أيام موسم الحج ، وحرصًا على الأرواح البريئة التي تذهب في كل سنة تحت أقدام الطائفين ، الأمر الذي ينافي سماحة الشريعة الإسلامية ويسرها ، وعدم تكليفها النفس البشرية أكثر مما في وسعها ، يقرر المجلس الموافقة على المشروع الآتي ورفعه إلى الجهات السعودية " .

وتحقيقًا للقرار هدم البناء القائم على المقام ، وجعل في غطاء مقبب من البلور الشفاف الثمين (كريستال) ؛ ليسهل من خلاله رؤية حجر المقام وآثار قدمي إبراهيم عليه السلام ، وقد غلف الغطاء البلوري بشبكة معدنية مذهبة تحمل قبة لطيفة صغيرة وهلالاً في أعلاه ، وقاعدة المقام على بناء بيضاوي من الخراسانة المسلحة مكسوة بالرخام الأسود في مترين مربعًا .

في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز"رحمه الله " رُمم محل مقام إبراهيم عليه السلام حيث تم استبدال الهيكل المعدني الذي كان مركبا عليه بهيكل آخر جديد مصنوع من نحاس ذي جودة عالية، كما تم تركيب شبك داخلي مطلي بالذهب وتم استبدال كساء القاعدة الخراسانية للمقام التي كانت مصنعة من الجرانيت الأسود بقاعدة أخرى مصنعة من رخام كرارة الأبيض الصافي والمحلى بالجرانيت الأخضر ليماثل في الشكل رخام الحجر شكل الغطاء البلوري مثل القبة نصف الكرة ووزنه 1.750 كجم وارتفاعه 1.30 م وقطره من الأسفل 40 سم وسمكه 20 سم من كل الجهات وقطره من الخارج من أسفله 80 سم ومحيط دائرته من أسفله 2.51م حيث أصبح محل المقام بعد هذه التحسينات انسيابيا حيث كان قبل ذلك مضلعًا ، وبقي المقام على هيئته الأخيرة إلى سنة (1387هـ) حيث تم إزالة المقصورة التي عليه وجعله في غطاء بلوري .

جدير بالذكر أنه جرت العادة من زمن سلاطين آل عثمان من حيث قاموا بعمل كسوة الكعبة المعظمة أنهم كانوا يكسون مقام إبراهيم بكسوة سوداء مطرزة بأسلاك الفضة المموهة بالذهب على شكل ستارة باب الكعبة والحزام ، وتوضع هذه الكسوة على التابوت الخشبي الذي هو داخل الشباك الحديد فوق حجر المقام.

 

قصة بناء الكعبة

روى البخاري في صحيحه في حديث طويل عن ابن عباس رضي الله عنهما قصة بناء إبراهيم وإسماعيل للكعبة المعظمة ووقوف إبراهيم عليه السلام على حجر المقام قال : "يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر" ، قال: "فاصنع ما أمرك ربك "، قال : "وتعينني؟" قال : "وأعينك" ، قال :" فإن الله أمرني أن أبني ها هنا بيتًا ، وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها "، قال : "فعند ذلك رفعا القواعد من البيت" ، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة ، وإبراهيم يبني ، حتى إذا ارتفع البناء ، جاء بهذا الحَجَر فوضعه له ، فقام عليه وهو يبني ، وإسماعيل يناوله الحجارة .

وصف حجر ابراهيم

قال المؤرخ باسلامة : " وأما صفة حجر المقام ، فهو حجر رخْو من نوع حجر الماء ، ولم يكن من الحجر الصوان ، وهو مربع على وجه الإجمال ، ومساحته ذراع يد في ذراع يد طولاً وعرضًا وارتفاعًا ، أو نحو خمسين سنتيمتر في مثلها طولاً وعرضًا وارتفاعًا ، وفي وسطه أثر قدمي إبراهيم الخليل "عليه السلام" ، وهي حفرتان على شكل بيضوي مستطيل ، وقد حفرهما الناس بمسح الأيدي ووضع ماء زمزم فيها مرات عديدة ، فنتج من كثرة مرور الأيدي في أثر القدمين واستبدال موضعهما حفرتان ، كما دل على ذلك الروايات .