رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مع دخول العدوان على غزة شهره الثامن؛ لم تعد الحرب حربا لأمن إسرائيل المزعوم؛ بل هى حرب لأمن نتنياهو أولا وأخيرا. رئيس الوزراء الإسرائيلى يفعل كل شيء للوصول إلى نقطة النهاية فى تلك الحرب، عسى أن طول أمد الحرب يوفر له ملاذا لخروج آمن. الجميع يعرف داخل وخارج إسرائيل، وحتى نتنياهو نفسه يعرف أن مشروعه السياسى انتهى وللأبد، نعم القادم فى إسرائيل أكثر تشددا وتطرفا، لكن رغم كل ذلك لا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلى يناور ويتلاعب بالجميع، يناور داخل حكومته، يناور بالداخل الإسرائيلى ويتلاعب بقضية الرهائن، وحتى الإدارة الأمريكية يتلاعب بها والهدف واحد أمن نتنياهو فقط، حتى ولو على جثث أكثر من مليونى فلسطيني.
المقترح المصرى وضع رئيس الوزراء الإسرائيلى فى ورطة؛ توقع أن ترفضه حماس، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهى نفس نتنياهو هذه المرة، ولم تُقدم له هدية أخرى كهدية هجمات السابع من أكتوبر التى جاءت بمثابة طوق نجاة له. حماس والفصائل وافقت على مقترح الاتفاق المصري، ثقة فى مصر وقيادتها، ثقة نابعة من إدراك ويقين تام من أن الدولة المصرية قيادة وشعب لا هدف ولا مصلحة لها سوى وقف الاعتداءات الإسرائيلية، وحقن الدماء الفلسطينية أولا، ثم الحل الشامل للقضية ثانيا، وليس فقط معالجة الوضع على مستوى العدوان فى غزة. لذلك، إسرائيل ونتنياهو على وجه التحديد تلقيا موافقة حماس بشيء من الصدمة وكثير من المفاجأة، ليس هذا ما كان يريده نتنياهو، ومن جانب آخر حظى المقترح المصرى بتوافق الإدارة الأمريكية التى أصبح لديها نفور من رئيس الوزراء الإسرائيلى ومناوراته وألاعيبه ما دفع الولايات المتحدة لتعليق شحنات قنابل إلى إسرائيل بعد أن أكد الرئيس الأمريكى فى اعتراف نادر قائلا «إن القنابل التى زودت بها الولايات المتحدة إسرائيل وتوقفت الآن عن إرسالها إليها استخدمت فى قتل المدنيين الفلسطينيين» وهى قنابل ذات قوة تفجيرية شديدة زنة 2000 رطل، وأضاف بايدن فى مقابلة مع شبكة CNN، قلت بوضوح أنهم إذا دخلوا رفح، وهو شيء لم يحدث حتى الآن، فلن أقوم بتسليم الأسلحة التى استخدمت فى السابق ضد رفح من قبل، وأن تسليم شحنات أخرى من الأسلحة سيتوقف إذا أقدمت إسرائيل على اجتياح رفح».
هنا الإدارة الأمريكية وجدت أن استمرار الدعم اللامحدود من الولايات المتحدة لإسرائيل يسبب الحرج للإدارة الديمقراطية داخليا ودوليا، وتداعيات الحرب اللاإنسانية الوحشية، البربرية حركت الغضب الداخلى فى الولايات المتحدة، وتورطت الإدارة الأمريكية وأصبح لزاما عليها تبرير الحرب والدعم الأمريكي، وهو ما يؤثر بالسلب على فرص الرئيس بايدن فى الانتخابات القادمة فى نوفمبر.
ومن جانب آخر أصبحت هناك شكوك كبيرة دوليا حول الولايات المتحدة الأمريكية، على اعتبارها الراعى الأول للسلام فى منطقة الشرق الأوسط، وكذلك حقوق الإنسان والقانون الدولى على مستوى العالم. وبغض النظر عن مصداقية الموقف الأمريكى من عدمه، إلا أنه دلالة على مدى النفور الأمريكى من نتنياهو ومناوراته التى لا نهاية لها. حتى الداخل الإسرائيلى سئم هذه الحرب ومزاعمها، ومع دخول الحرب الشهر الثامن، أحدث استطلاعات الرأى فى إسرائيل تشير إلى معارضة 54% من الإسرائيليين سياسات نتنياهو.     
إذن؛ الأمر ليس له علاقة بشروط الاتفاق، أو أنها تحقق مصالح طرف على حساب طرفا آخر، هذه الحرب الكل خاسر فيها، لكن نتنياهو لا يريد الذهاب لطاولة المفاوضات، حتى لو هناك صفقة إسرائيلية بشروط إسرائيلية خالصة، أشك أن يوافق عليها نتنياهو، طالما أن هذه الصفقة تعنى توقف العمليات العسكرية ونهاية الحرب دون أن يحصل على رأسى الضيف والسنوار على الأقل لأن ذلك يعنى ببساطة رأس نتنياهو نفسه.
السيد رئيس الوزراء الإسرائيلى فى حال نهاية الحرب ينتظره ثلاث محاكمات مختلفة؛ الأولى: محاكمة سياسية على شاكلة لجنة «أجرانات» التى تشكلت 21 نوفمبر عام 1973 للتحقيق فى هزيمة إسرائيل فى السادس من أكتوبر 1973، وهى محاكمات فى الغالب سوف تحمل إدانة سياسية عن هجمات السابع من أكتوبر2023 تكتب نهاية مستقبله السياسي.
الثانية: محاكمات قضائية منذ عام 2020، حيث يواجه نتنياهو اتهامات قضائية تتعلق بالاحتيال، خيانة الأمانة، والرشوة، وهى المحاكمات التى كانت توقفت عقب إعلان الطوارئ فى إسرائيل بعد هجمات حماس فى السابع من أكتوبر الماضي.
الثالثة: دوليا؛ ورغم الضغوط السياسية والتهديدات الدولية، قد يواجه نتنياهو إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف تستهدفه شخصيا إذا ما وجهت المحكمة له اتهامات بارتكاب جرائم حرب، ويتم ملاحقته فى نحو 142 دولة، ليصبح محاصر ما بين خطر السجن داخليا، أو التوقيف دولياً. لذلك هى حرب نتنياهو فى المقام الأول قبل أن تكون حرب إسرائيل.
ورغم كل المناورات والممارسات الإسرائيلية يستمر الموقف المصرى الشامخ، والدور المصرى الفاعل ثابت لا يتزحزح، فاضح وكاشف لكل جرائم الاحتلال، ولولا مصر والجهود المصرية المضنية لتمت إبادة قطاع غزة عن بكرة آبيه. وتهجير البقية الباقية من سكانه، وتصفية القضية الفلسطينية للأبد. هى مصر وستظل حجر الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط.