رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) نبى الإنسانية ورسولها، سواء من حيث كون رسالته جاءت رحمة للعالمين حيث يقول الحق سبحانه: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ «، أم من حيث كونها للناس كافة، حيث يقول الحق سبحانه «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا»، وحيث يقول نبينا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : «وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ «، أم كان ذلك من جهة ما تضمنته الرسالة من جوانب الرحمة والإنسانية وتكريم الإنسان لكونه إنسانًا بغض النظر عن دينه أو لونه أو جنسه أو لغته، حيث يقول الحق سبحانه : «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ».

ويتجلى البعد الإنسانى فى حياة سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى معاملته لأصحابه وأزواجه وأحفاده والناس أجمعين، فكان (صلى الله عليه وسلم) يقول عن سيدنا أبى بكر الصديق رضى الله عنه : «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِى صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ» وفى رواية أنه (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِى إِلَيكُمْ فَقُلْتُمْ: كَذبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقَ، وَوَاسَانِى بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِى صَاحِبِى»، وكان يقول عن سيدنا سلمان الفارسى: «سلمان منا آل البيت»، وكان خير الناس لأهله وهو القائل عن أم المؤمنين خديجة (رضى الله عنها) : « آمَنَتْ بِى إِذْ كَفَرَ بِى النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِى إِذْ كَذَّبَنِى النَّاسُ، وَوَاسَتْنِى بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِى النَّاسُ، وَرَزَقَنِى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِى أَوْلَادَ النِّسَاءِ»، وظل وفيًّا لها طوال حياتها حتى بعد وفاتها، فكان يكرم صديقاتها ومن كن يأتيه على عهدها، فقد جاءت عجوز إلى بيته (صلى الله عليه وسلم) فقال لها: مَنْ أَنْتِ؟ «قَالَتْ: أَنَا جَثَّامَةُ الْمُزَنِيَّةُ، فَقَالَ: «بَلْ أَنْتِ حَسَّانَةُ الْمُزَنِيَّةُ، كَيْفَ أَنْتُمْ؟ كَيْفَ حَالُكُمْ؟ كَيْفَ كُنْتُمْ بَعْدَنَا؟» قَالَتْ: بِخَيْرٍ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمَّا خَرَجَتْ قُالْتُ عائشة : يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُقْبِلُ عَلَى هَذِهِ الْعَجُوزِ هَذَا الْإِقْبَالَ؟ فَقَالَ : « إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَنَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ .

وكان شديد الحب لأحفاده شديد الحفاوة والعناية بهم، فعن أبى بكرة قال: رأيت النبى (صلى الله عليه وسلم) على المنبر والحسن بن على معه، وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة ويقول: إن ابنى هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ، ولما رآه الأقرع بن حابس يقبل الحسن والحسين، قَالَ : إِنَّ لِى عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ قَالَ: «مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ» وفى رواية: «أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ».

وكان (صلى الله عليه وسلم) أرحم الناس بالناس وبخاصة الأطفال والضعفاء حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : «إِنِّى لَأَقُومُ فِى الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِى صَلاَتِى كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ»، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : «من صلى بالناس فليخفف فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة». 

وعلمنا (صلى الله عليه وسلم) الجود الإنسانى والذوق الراقى فى آن واحد  فقال (صلى الله عليه وسلم): «لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق», وقال (صلى الله عليه وسلم): «لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة», سواء من جهة المعطية المنفقة التى لا ينبغى أن تستحى من قلة ما تملك فتحجم عن العطاء , فرب درهم سبق ألف درهم , يقول (صلى الله عليه وسلم): «من تصدق بعَدل تمرة من كسب طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب- فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربى أحدكم فَلُوَّه حتى تكون مثل الجبل», أم كان ذلك من جهة الآخذة أو الآخذ, إذ لا ينبغى أن نُحرج المعطى أو المهدى وإن كان ما يهديه قليلا , بل علينا أن نشكر له صنيعه وإن كان يسيرًا, حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «من لم يشكر الناس لم يشكر الله»، وهو ما أكده سيدنا عبد الله بن عباس (رضى الله عنهما) فى حديثه عن الوصايا العشر فى سورة الأنعام. 

ومن هنا فإن إعلاءنا للقيم الإنسانية ليس أمرًا سياسيًّا أو مجرد أمر إنسانى, إنما هو عقيدة وشريعة ودين ندين به لله (عز وجل) , فبدل أن تتناحر الأمم والشعوب وتتقاتل ويعمل بعضهم على إفناء أو إضعاف أو إنهاك أو تفتيت بعض, فليتعاون الجميع لصالح البشرية جمعاء , حيث يقول الحق سبحانه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا».

ولو أن البشرية أنفقت على معالجة قضايا الجوع والفقر والمرض والتنمية معشار ما تنفق على القتال والحروب والتخريب والتدمير , لتحول حال البشرية إلى ما يصلح شئون دينها ودنياها.

وزير الأوقاف