رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عانى المصريون بالخارج لعقود طويلة من فجوة بينهم وبين وطنهم الأم، بسبب إهمال الدولة هذه الفئة من أبناء مصر، رغم وجود كيانات مسئولة عن التعامل مع المصريين بالخارج ومشكلاتهم، لكن مع كل أسف لم يترجم ذلك لاهتمام حقيقي، لكن جاء الرئيس عبدالفتاح السيسى محاولا إعادة بناء الثقة بين الدولة المصرية ومواطنيها فى الخارج، من خلال حصولهم على حقوقهم أسوة بالمصريين فى الداخل، فكان حصولهم على حق المشاركة السياسية (التصويت والترشيح)، ثم كان قرار الرئيس فى سبتمبر 2015 بإنشاء وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، اتساقا مع نص المادة  88 من الدستور التى تلتزم فيها الدولة برعاية مصالح المصريين المقيمين بالخارج، وحمايتهم، وكفالة حقوقهم وحرياتهم، وتمكينهم من أداء واجباتهم العامة نحو الدولة والمجتمع وإسهامهم فى تنمية الوطن.

وجاء قرار إنشاء الوزارة بهدف تأطير العمل مع هذه الفئة، والتأكيد على أن مصر دولة مواطنة  قادرة على استيعاب جميع أبنائها فى الداخل والخارج. ولعب المصريون بالخارج دورا مهما فى دعم وتعزيز الاقتصاد القومي، ومثلت تحويلات المصريين بالخارج أهم مصادر العملات الأجنبية للاقتصاد المصري، إلى جانب عائدات السياحة، وقناة السويس، لذلك واجه الاقتصاد المصرى ضغوطاً قويةً نتيجة انخفاض تحويلات المصريين بالخارج، لذلك فإن تعزيز جسور الثقة والانتماء والولاء لدى المصريين بالخارج لم تعد رفاهية ولكنها ضرورة الحفاظ على واحد من أهم التدفقات الدولارية فى مصر.

ويقدر عدد المصريين العاملين بالخارج بنحو 14 مليون شخص، يعمل معظمهم فى دول الخليج العربي، حيث تأتى السعودية فى صدارة وجهات العاملين المصريين، ويعمل بها نحو 2,5 مليون مصري، تليها الإمارات والكويت، ويعمل بكل منهما نحو 600 ألف مصري، ورغم هذا الكم الضخم من المصريين العاملين بالخارج، إلا أن الجهود المبذولة من جانب وزارة الهجرة لا تتناسب مع حجم هذه الفئة وأهميتها للاقتصاد المصري، خاصة أن معظم اهتمامها منصب على بعض العواصم العربية التى تضم عدد كبير من المصريين، ومن ثم لا تصل جهود الوزارة إلى جميع المصريين بالخارج، مما يزيد من عزلتهم، وانفصالهم عن وطنهم الأم، الأمر الذى يتطلب فاعلية أكبر للتعامل مع قوة مصر الناعمة بالخارج، والعمل على حل جذرى لعدد من المشكلات التى تواجههم فى الدول المختلفة، ومن بينها نظام الكفيل الذى تطبقه بعض دول الخليج رغم ما يجسده من انتهاك صريح لحقوق الإنسان ، لأنه يقيد حرية التنقل للعامل، ويمنح الكفيل حق الاحتفاظ بجواز سفر العامل، وغيرها من الحقوق المهدرة، وهو ما يتطلب إجراء حوار جاد مع الأشقاء السعوديين لإنهاء العمل بهذا النظام.

كما يعانى المصريون بالخارج من غياب دور وزارة التأمينات أو القوى العاملة فى التأمين على حياة العمالة المصرية والمصريين بالخارج، كذلك محدودية المقار الانتخابية فى الاستحقاقات المختلفة، الأمر الذى يمثل عائقا أمام مشاركة الكثيرين فى الانتخابات الرئاسية، لذلك لابد من توسيع الاعتماد على التكنولوجيا من أجل إتاحة فرصة المشاركة لجميع المصريين بالخارج، إلى جانب ارتفاع الضرائب الجمركية على الممتلكات المستقدمة من الخارج، والبيروقراطية الإدارية المعقدة فى تنفيذ المعاملات المالية والإدارية والاستثمارية، فضلا عن غياب تقديم الاستشارات والمساعدات القانونية للمصريين فى الخارج  وعدم توافر الإمكانيات اللازمة لحماية حقوقهم من توفير هيئة دفاعية ومترجمين، الأمر الذى يتطلب تفعيل دور السفارات والقنصليات فى الخارج وإيجاد وسيلة للتفاعل بينها وبين المصريين المقيمين بهذه الدول وتوعيتهم بقوانين البلدان المختلفة وكيفية حل المشكلات التى تواجههم وتفعيل آلية لتلقى الشكاوى بهذه السفارات.

كما أظهرت هذه المشكلات الحاجة الملحة لبناء قاعدة بيانات محدثة بشأن التوزيع الجغرافى لجميع المصريين بالخارج ومجالات عملهم  من خلال وزارة الهجرة، حتى  يمكن الاعتماد عليها فى توظيف مهاراتهم وقدراتهم فى أوطانهم المضيفة ووطنهم الأم أيضا، إضافة إلى إنشاء  صندوق لحل الأزمات الطارئة ورعاية المصريين فى الخارج، لتقديم الدعم المالى والقانونى للمصريين فى الخارج، كما يتثنى للصندوق المساهمة فى نقل نقل جثامين المتوفين خارج أرض الوطن، والتدخل لحل كافة المشكلات التى تواجه المصريين بالخارج، على أن يتم تمويل هذا الصندوق من المصريين بالخارج أنفسهم، من خلال اشتراكات دائمة، وهو ما يدعم روح التكافل أيضا بين مصريى الخارج.

وأخيرا.. ننتظر خلال الفترة المقبلة مزيد من التفاعل الإيجابى مع المصريين بالخارج، والذى يبدأ من تقديم تسهيلات وامتيازات تعزز ترابطهم بوطنهم الأم، كذلك العمل الفورى على حل المشكلات التى تواجههم بحلول حقيقية وفق جدول زمني، يتناسب مع مسيرة الجمهورية الجديدة.