رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اتسم الكاتب الراحل (جلال عامر) ببعض الجمل والعبارات القوية.. هى تتخذ فى ظاهرها العام الجو الساخر أو المعنى الساخر، لكن عندما تتأمل الكلمات تكتشف أنها تحتوى الكثير والكثير من الحكمة والمعنى والدلالة.. وهذا يجعلنا نقول إن فى القول الساخر اللاذع الكثير والكثير من المعنى والحقيقة التى ينبغى أن نلتفت إليها.. والقارئ العادى سوف يعجب من تلك العبارات والجمل.. وتجذبه الطريقة البسيطة التى قيلت بها تلك العبارات.. لكن فى الحقيقة عندما تقف عند تلك الجمل تجدها تحوى الكثير من المعنى والدلالة والكثير من الأسئلة التى لا إجابة لها.. أو أن الإجابة عنها مشكلة.. هى كشف عن الحقائق وتعرية لها. 

لذلك فمن لديه القدرة أن يقف عندها سوف يكتشف مدى العمق والحكمة وهو ما كان يقصده الكاتب.. فهو يستهدف القارئ القادر على أن يلتقط الحقائق من بين الكلمات وألا يمر مرور الكرام عليها. 

يقول جلال عامر: (ليس عندنا شباب عاطل بل مُعطل.. ولا مواطن جاهلًا بل مُجهل.. ولا إنسان غائبًا بل مُغيب). فماذا يعنى ذلك.. إذا كنا ننظر إلى هذا الكم من المجتمع هو عاطل عن العمل.. وفى حالة من الإحباط والزهق ولا يجد إلا المقاهى أو إدمان المخدرات وغيرها.. السؤال هنا.. هل اختار كل هؤلاء مثل تلك الحالة؟ مؤكد (لا).. ولكن غياب التوجه وغياب تحديد الأهداف العامة والمرجوة.. هى التى خلقت لنا كل هذا الكم من العاطلين.. إنها دليل قوى على غياب الكثير والكثير من التخطيط والعشوائية وانعدام استثمار كل هؤلاء.. فمن الضرورى أن تعلن المجتمعات والدول ما تريده، وما هو المستهدف تحقيقه فى المستقبل القريب أو البعيد. إن هذا الكم من العاطلين هو فى حقيقة الأمر فيه درجة من القصدية.. هناك هدف من هذا التعطيل.. كيف ولماذا ولمتى؟ لا أعرف.. كل ما أعرفه أن تلك الطاقة يمكن استثمارها واستغلالها عندما تتضح الرؤية والأهداف والسبل داخل المجتمع.. لكن مع التغييب لكل شىء تكون تلك الظاهرة من التعطيل.. ما هو ملاحظ هو عرض وليس الأصل.. أنها أعراض المرض.. فعلينا أن نبحث عن أسباب المرض ونقوم بعلاجها وإلا استفحل المرض ويصبح من المستحيل علاجه. إن مقولة جلال عامر تريد أن تقول الكثير والكثير، فالشباب العاطل هو فى الحقيقة (مُعطل) سواء بقصد أو بغير قصد.. والمواطن الجاهل هو (مُجهل) وربما يكون الأمر فيه قصدية.. فعندما يسود الجهل يسهل التحكم ويسهل الانصياع ويسهل قيادته بسلاسة، ونفس الأمر عند الإنسان الذى يعيش فى حالة من التوهان والغياب.. كل ذلك له أسبابه.. ما هو ظاهر الأعراض وعلينا أن نبحث عن الأسباب الجوهرية المؤدية إلى كل ذلك.. وهذا أمر مشكوك فيه كثيرا.. فإن الأمر مقصود بشكل أو بآخر. هذا ما يريد جلال عامر قوله.. رحمه الله.

 أستاذ الفلسفة وعلم الجمال – أكاديمية الفنون.