رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقي

مع افتتاح الدورة 33 صباح اليوم 29 أبريل 2024، يستقبل معرض أبوظبى الدولى للكتاب الأستاذ الكبير نجيب محفوظ، بوصفه (الشخصية المحورية) للمعرض، سيدخل صاحب نوبل 1988 أجنحة المعرض محاطا بالآلاف من عشاقه ومريديه، أولئك الذين كانوا يثمنون إبداعه الفذ فى القرن الماضى ومازالوا يقدرون ذلك الإبداع فى القرن الحالى.

يقام المعرض تحت رعاية رئيس دولة الإمارات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حيث اختار القائمون على المعرض هذا العام مصرنا الحبيبة بوصفها (ضيف الشرف)، ووفقا لما أعلنه الدكتور على بن تميم رئيس مركز اللغة العربية بالعاصمة أبوظبى وهى الجهة المسؤولة عن تنظيم المعرض، فإنه يتوقع أن يبلغ عدد زوار المعرض هذا العام نحو 340 ألف زائر، فيما يتضمن هذا الحدث العالمى أكثر من 1400 فعالية متنوعة.

حسنا فعل القائمون على معرض أبوظبى للكتاب حين قرروا اختيار صاحب (الحرافيش) ليغدو الشخصية المحورية للمعرض، فنجيب محفوظ ترك لنا رصيدُا وافرًا متفردًا متميزًا فى بنك الإبداع. هذا الرصيد الغنى فى حاجة إلى دراسته مرة مرات، والتفاعل معه والانفعال به مرة ومرات، فالمتعة من قراءة محفوظ بتأنٍ لا تتوقف، بل تزيد مع تراكم الخبرة الحياتية والتقدم فى السن.

إن نجيب محفوظ مثل أم كلثوم وعبدالوهاب، فنحن نطرب بفرح فى كل مرة ننصت فيها إلى أغنيات سيدة القرون كلها، ونحن ننتشى بسعادة حين نسمع أنغام الموسيقار الأعظم وصوته الساحر. الأمر نفسه يتكرر مع القارئ الحصيف إذا أعاد قراءة رواية من روايات محفوظ، إذ سيكتشف بيسر كيف استطاع هذا العبقرى أن يبتكر نثرًا جديدًا مترعًا بالعذوبة والجمال.

هذا النثر الفاتن يتكئ على دراية كبيرة بالنفس البشرية وتناقضاتها وأحلامها وآلامها وصراعاتها فى الحياة، كما ينهض على رؤية فلسفية عميقة للكون وما يعتمل داخله من إيقاع التاريخ وحركة الزمن وتعاقب الأجيال. الأمر الذى يجعله قادرًا على (تأليف) رواية كاملة الأوصاف من حيث متانة الحبكة، ورسوخ البناء، فضلا عن براعته فى رسم الشخصيات بدقة راصدًا سعيها الحثيث فى دنيا الله.

اللافت أن محفوظ تصدى للقيام بمهمتين عظيمتين، ربما دون أن يدري، وهما: المهمة الأولى: تأسيس فن الرواية العربية وتعزيز وجودها بوصفه الرائد الأبرز من روادها الأوائل. أما المهمة الثانية، فتتمثل فى قيامه بتطوير هذا الفن الذى أسسه وكان رائده.

مهمة التطوير هذه عادة ما تقوم بها الأجيال التالية بعد غياب المؤسسين، ولكن القدر كان كريمًا معنا ومع فنون الرواية، فأطال عمر الرجل (عاش 95 عامًا) من جهة، ووهبه قدرات خارقة على الانكباب على العمل بانتظام مدعومًا بموهبة جبارة من جهة ثانية، وهكذا أتيح له أن يؤسس ثم يطور ما أسسه فى الوقت نفسه.

راجع من فضلك رواياته المنشورة فى الأربعينيات، وقارنها بما نشره بعد ذلك من عقد إلى آخر، فستكتشف وثبات عظيمة فى هذا الفن الجميل.

شكرًا معرض أبوظبى الدولى للكتاب، فنجيب محفوظ يستحق كل حفاوة وتقدير وتكريم.