رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لغتنا العربية جذور هويتنا

فى شمال شرقى الدلتا توجد آثار مدينة عدا عليها الزمن، وطمرتها السنوان والقرون، وهى مدينة (تنيس) تلك التى قامت بدور كبير فى مجال علوم القرآن والحديث، والكتابة والرواية، والحضارة، وهى من الأماكن فى مصر التى طمرت وأزيلت، ونسيها الناس. بينما يذكر المؤرخون ازدهار علوم القرآن والحديث الشريف فيها، وهى مدينة (تنيس) كما وصفها ياقوت الحموى فى كتابه (معجم البلدان) بقوله: «البر المستطيل الحائل بين البحيرة والبحر الأعظم يفصلها عن البحر»، ويقصد بالأعظم: البحر الأبيض المتوسط، ويسمى البحيرة... «بحيرة تنيس»، ويصف الجزيرة: قريبة من البر بين الفرما من الشرق ودمياط من الغرب، وفيها تصنع الثياب الملونة، ويتحدث عن سورها الذى بدئ فى إنشائه فى شهر ربيع الأول سنة 230 هـ زمن الواثق بن المعتصم، وتم بناؤه سنة 239هـ زمن المتوكـل، وازدهرت فى عهد الملك الكامل محمد بن العادل أبى بكر بن أيوب، وقيل كان بها خمسمائة صاحب محبرة (أى كاتب)، يكتبون الحديث الشريف، وحين فتحت مصر سنة 20هـ كانت تنيس فى يد الروم، وبها خصاص من قصب، وقد قاتل الروم عمرو بن العاص، واستشهد بعض المسلمين ودفنوا بها، ويصف ياقوت قبورهم بأنها معروفة بقبور الشهداء، وأنها عند الرمل فوق مسجد غازى، وأن تنيس ظلت تعرف بأنها ذات الأخصاص حتى أوائل العصر الأموى، وأن أهلها بنوا قصوراً. وقد دخلها ابن طولون سنة 269هـ فبنى فيها عدة صهاريج وحوانيت فى السوق، ويذكر أنواع طيورها، وهو ما نعرف بعضه الآن، ويذكر أسماء كثير من أعلامها وعلمائها من رواة الحديث الشريف، ومنهم من قدم من دمشق، أو بغداد، أو الموصل، أو بيروت، أو الشام، ومنهم من انتقل لرواية الحديث الشريف ببيت المقدس، ومنهم من مات، ودفن بتنيس.

 وفى اللسان: قال الأزهرى إنها مدينة فى بحر الروم قرب دمياط مشهورة بالثياب الفاخرة، ووصفها المسعودى فى (مروج الذهب) قال: كانت أرضاً لم يكن بمصر مثلها استواء وطيب تربة، وكان بها الجنات والنخيل والكروم والشجر والمزارع، ومجار على ارتفاع من الأرض، وكان الماء منحدراً إليها لا ينقطع عنها صيفاً ولا شتاء، وسائره يصب فى البحر من جميع خلجانه، ومن الموضع المعروف بالأشتوم، وكان الفرع التنيسى يصب فى البحر الأبيض المتوسط بعد الأشتوم (الفتحة) المعروفة فى العصور القديمة باسم بوغاز تنيس، وسميت بعد ذلك باسم أم فرج، نسبة إلى قلعة كانت موجودة، آنذاك، ومدن أخرى مثل: تونة، وصارت تعرف بابن سلام، نسبة لعبدالله بن سلام. 

وحكم الهكسوس- أثناء وجودهم بمصر(1660ـ 1580ق.م)- تلك المناطق حتى صان الحجر(تل بوباسطة بالشرقية)، وفى سخا، وفى أفاريس(حات أورات) فى سيناء جوار الفرما، حتى تمكن الفرعون سكنن رع من طردهم من مصر.

 وقال المسعودى: «ولم ير الناس أحسن منها ولا أحسن اتصالاً من جناتها وكرومها»، ويذكر أن بها مائة باب، ومن آثار الأوائل، وأهلها مياسير، وأكثرهم حاكة، وبها تحاك ثياب الشروب، المصبوغة بالألوان، وكانت تصنع بها كسوة الكعبة، وللسلطان بها مناسج.

 وفى كتاب (نشق الأزهار) حديث عن طيب هوائها، وندرة الأمراض بها، حتى قيل إن من يدفن بها لا يبلى جسده، إلا بطيئاً، وطولها من الجنوب إلى الشمال 3227 ذراعاً كبيرة، وعرضها من الشرق إلى الغرب 3085 ذراعاً كبيرة، وطول سورها 3270 ذراعاً، ولها تسعة عشر باباً مصفحة بالحديد الثقيل، وبها جامع كبير، ويوقد فيه كل ليلة 1800 قنديل، و160 جامعاً ذات منائر، و72 كنيسة، و36 حماماً، و100 معصرة زيت، و166 طاحوناً، ومخبزاً، و5000 منسج لنسج الأقمشة، وكان بها مساجد وأسواق وصناعات، وصناعة السلاح، وقد حولها صلاح الدين إلى مدينة حربية سنة 588هـ/1192م، وأخلاها الملك الكامل محمد بن العادل سنة 624هـ/1227م تحت تهديد الصليبيين.

وذكر محمد بن أحمد بن إياس الحنفى فى (بدائع الزهور فى وقائع الدهور)، الذى أرخ لمصر حتى الفتح العثمانى 1517:» ولم تزل المدينة عامرة إلى سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة من الهجرة، حتى جاء إليها نحو أربعين مركباً مسبوقة بجماعة من الفرنج فحاصروا أهلها.. وهرب أهلها إلى ثغر دمياط، وتركوا المدينة فاستولى عليها الفرنج ونهبوا ما فيها، ثم ألقوا فيها النار فاحترقت كلها..».

اجتمع فيها، أو وفد إليها العلماء من أقطار عربية شتى، ومن علمائها وشعرائها العلوى الإمام التنسى صاحب (الطراز على ضبط الخراز)، وله قصيدة فى الفاطميين، ونعود إلى ياقوت الذى يذكر من علمائها «أبا الحسن على بن منصور الطينى»، وقد روى عنه الكثيرون.

 

عضو المجمع العلمى 

وأستاذ النقد الأدبى 

بجامعة عين شمس