رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يريد البابا استسلام أوكرانيا. والغرب يرى أن هذا من شأنه أن يعطى روسيا الضوء الأخضر لحرب لا نهاية لها. تم تفسير اقتراح البابا فرانسيس بأن أوكرانيا يجب أن تتحلى بالشجاعة لرفع «العلم الأبيض» والتفاوض على تسوية مع روسيا بمثابة صدمة عميقة لكييف ومؤيديها. وهذه ليست المرة الأولى التى يظهر فيها البابا فرانسيس تعاطفاً علنياً مؤيداً لروسيا. وكلمات البابا توفر الغطاء الأخلاقى لخط مؤيد للكرملين، الذى يمتد عميقاً فى بعض الأوساط فى الغرب، من الجمهوريين الترامبيين فى الولايات المتحدة إلى اليمين القومى واليسار الشعبوى فى أوروبا. إن الادعاء بأن الحرب لا يمكن أن تنتهى إلا باستسلام أوكرانيا هو على وجه التحديد ما ظل فلاديمير بوتين يبشر به لأكثر من عامين. وحقيقة أن سلطة دينية مثل الفاتيكان تتبنى نفس النهج توفر ذخيرة سياسية لا تصدق للكرملين وأنصاره فى أوروبا وخارجها.
تشكل كلمات البابا أهمية كبيرة لأنها تعكس وجهات نظر منتشرة على نطاق واسع فى الجنوب العالمى. وفى الواقع، بدلاً من المشاعر المؤيدة لروسيا، فإن ما يعرضه البابا هو معاداة عميقة للغرب.. إن فشل الغرب فى عرض قضيته بشكل مقنع فى الجنوب العالمى يشكل مشكلة بالنسبة له، خاصة أن آراء وأصوات الجنوب أصبحت تشكل أهمية متزايدة فى العلاقات الدولية اليوم. وقد تفاقمت المشكلة إلى حد كبير بسبب عدم رغبة الولايات المتحدة وأوروبا فى وقف الحرب الإسرائيلية الكارثية فى غزة.
بعد مرور عامين منذ بدأ الغزو، بات من المقبول عموماً الآن أن أوكرانيا تكافح على جبهة القتال. وقد يزعم البعض أن دعوة البابا للاستسلام هى بالتالى مدفوعة بواقعية سياسية منفصلة، فمن الأفضل أن نستسلم الآن بدلاً من المثابرة فى الهزيمة.
إن الديناميكية الحالية للحرب، وخاصة المشاكل التى تعانى منها أوكرانيا على خط المواجهة، تنبع من حقيقة مفادها أن المجمع الصناعى العسكرى الغربى، الذى يكرهه البابا، لم يبذل إلا أقل القليل، وليس أكثر مما ينبغى. وبدلاً من أن تعمل صناعة الدفاع فى الغرب على تأجيج الحرب، فإن خسائر أوكرانيا الأخيرة ترجع إلى الافتقار إلى القوى العاملة، وخاصة الافتقار إلى الأسلحة اللازمة لصد الغزو الروسى. فالصناعة الدفاعية فى أوروبا لم توضع على قدم وساق للحرب (خلافاً للصناعة الروسية)، فى حين لا يزال الكونجرس الأمريكى يحتفظ بمبلغ 60 مليار دولار من المساعدات العسكرية لكييف رهينة للمشاحنات السياسية الداخلية.
لا يوجد شىء محدد سلفاً فى نتيجة الحرب، كما يشير البابا: إذا خسرت أوكرانيا، فإن ذلك يرجع إلى حقيقة أن نيران مدفعيتها لا تمثل سوى جزء بسيط مما كانت عليه فى الصيف الماضى، وبينما يتردد الغرب، قامت روسيا بتجديد مخزونها العسكرى. وأرسلت كوريا الشمالية إلى موسكو ما يقرب من 1,5 مليون قذيفة. إن أوكرانيا تحتاج إلى الأسلحة ليس فقط للدفاع عن خط المواجهة، بل أيضاً لحماية السكان المدنيين.
وبالنظر إلى المستقبل، يفترض البابا أن استسلام أوكرانيا من شأنه أن يضع حداً للحرب، من خلال صفقة تسمح لروسيا بالاحتفاظ بالسيطرة على المناطق الأوكرانية الخمس التى ضمتها بشكل غير قانونى، وربما مناطق أخرى قليلة (مثل أوديسا)، هذه هى نوع المصطلحات التى ربما يرغب دونالد ترامب أيضاً فى رؤيتها. وبطبيعة الحال، لا أحد لديه كرة بلورية لمعرفة المستقبل. ومع ذلك، إذا كان سلوك بوتين السابق يمثل أى مؤشر، فلا يوجد أى دليل على الإطلاق يشير إلى أن هذا سيمثل حالة مستقرة تنهى الحرب.