عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

موائد الرحمن.. ملاذ الفقراء وعابري السبيل بالمنيا

موائد الرحمن
موائد الرحمن

مع بداية شهر رمضان المبارك، يسارع الجميع لفعل الخير، وخاصة القادرين الذين يقومون بإعداد موائد الرحمن، لإطعام الفقراء والمحتاجين خلال أيام الشهر الكريم.

وفي هذا الموضوع نتحدث عن موائد الطعام التي تنتشر في غالبية مراكز ومدن المنيا، وتنظم موائد الرحمن بكوادر من الشباب والطباخين لإعداد وجبة فطور وسحور رمضان؛ لتصبح ملاذا للفقراء وعابري السبيل .

وتتنوع الوجبات بموائد الرحمن من أطباق ، الأرز ، واللحوم أو الدواجن ، والسلطة ، والخبز، والماء ، والعصائر ، وذلك خلال وجبة الإفطار ، وفي السحور تقدم اطباق الفول والأجبان والعصائر والخبز ، وهناك من يقوم بتجهيز الوجبات الساخنة قبل الإفطار وتوزيعها على الأسر الفقيرة والأكثر إحتياجا ، لكون هناك من الفقراء من يمنعهم الحياء والتعفف من الذهاب لموائد الرحمن ، لذا يسارع رجال الأعمال والقادرين بتوصيل الوجبات الساخنة للفقراء والمحتاجين بنفس راضية وفرحة بما تقدم حتى ابواب المنزل قبل أذان المغرب بوقتِِ كافِِ .

تعتبر موائد الرحمن أحد أعمال الخير في الشهر الكريم، وهي بمثابة تكافل إجتماعي ، لكون سنة الصيام هي ان يشعر اغنياء القوم بجوع الفقراء ، وتعد موائد الرحمن من أهم المظاهر التي تشهدها المنيا في شهر رمضان المبارك ، لتعكس الكرم والجود والترابط الإجتماعي بين المصريين ، ويعود تاريخ موائد الرحمن في مصر إلى عهد أحمد بن طولون ، حيث يعتبر أول من أقامها ، وكان يقوم بجمع كبار التجار والأعيان في مصر في أول يوم من شهر رمضان على الإفطار، ثم يلقي عليهم خطبة يذكر لهم فيها أن الغرض من المائدة أن يذكرهم بالإحسان والبر بالفقراء والمساكين.

وفي عهد الفاطميين ، أمر ابن طولون أن تظل هذه المائدة موجودة طوال شهر رمضان ، كما طلب من التجار وكبار الأعيان أن يفتحوا منازلهم  ، ويمدوا موائدهم للمحتاجين، وفي عهد الفاطميين أطلق على موائد الرحمن "سماط الخليفة"، حيث كان العاملون يقومون بتوفير مخزون كبير من الطعام، ليكون كافيا لأكبر عدد ممكن من المصريين.

وكان يُطلق على موائد الرحمن الخاصة بالفاطميين "دار الفطرة"، وكانت تقام الأسمطة 175 مترًا وعرضها 4 أمتار في عهد العزيز بالله الفاطمي، وفي عام 975 م، بعث إلى أمير دمشق يطلب قراصيا بعلبكية، فعاد الحمام الزاجل وفي إبط كل واحدة "حبة قراصيا" ، وكان الفاطميون يخرجون من بيوتهم نحو ألف ومائة قدر من مختلف ألوان الطعام لتوزع على الفقراء والمساكين ولتمد بها الموائد، وقلدهم في ذلك الأغنياء وأصحاب الأسر المتوسطة بتجهيز الطعام أمام منازلهم وفي حجرات الاستقبال لانتظار ضيوف الرحمن من الفقراء والمسافرين.

وفي عهد المماليك ، ظلت فكرة موائد الرحمن قائمة ، وكان السلطان حسن يقدم كل يوم من أيام رمضان 117 ذبيحة ، لأنه بدأ في تقديم الذبائح منذ أن كان عمره 17 سنة ، فأضاف عليها مائة واستمر السلاطين من بعده ، يقدمون الذبائح في رمضان، واستن الملك الظاهر بيبرس سنة طيبة ، وهي توزيع عدد من أحمال ، الدقيق ، والسكر ، والمكسرات ، ولحم الضأن على الفقراء ، حتى يتمكنوا من تناول الطعام في بيوتهم.

ووصف سماط رمضان بقاعة الذهب  ، "حيث تقرر أن يتم عمل 40 صينية حلوى وكعك ، ويعمل 500 رطل من الحلوى ، يتم توزيعها على المتصدرين والقراء ، والفقراء ، ثم يجلس الخليفة في القصر ، ويتوافد كبار رجال الدولة ، ويتلو المقرئون القرآن الكريم ، ثم يتقدم خطباء الأزهر وجامع الأقمر ، مشيدين في خطبتهم بمناقب الخليفة ، ثم ينشد المنشدون ابتهالات وقصائد عن فضائل الشهر الكريم".

وفي العصر العثماني ، انتشرت فيه الموائد أمام البيوت ، فكان أمام كل مائدة أمير، وتوسع في ذلك الوالي العثماني عبد الرحمن كتخدا الذي أطلقوا عليه إمام الخيرات، وموائد الرحمن خلال شهر رمضان على وجه العموم ، تحفل بالحلويات والمشروبات وغيرهما ، التى سجلتها بعض الأغنيات التى يقول مطلعها : « جبت لنا معاك الخير كله ، من الصبح نقوم ونحضرله ، بالقمر الدين وبلح على تين ، من المغرب للمدفع واقفين » .

ويعد الفول أول الأطباق ولا تكاد تخلو منه مائدة من موائد الرحمن خلال شهر رمضان ، ويتفنن المصريون في عمل أصناف منه ، حيث تحرص عليه كل أسرة وخاصة في السحور ، ومن أشهر الحلويات : الكنافة ، القطايف ، أم على ، اما المشروبات فأشهرها ، العرقسوس ، و الكركديه ، التمر الهندى ، قمر الدين ، الخروب.