رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ونحن فى خضم أزمة اقتصادية عالمية، خرجنا منها جميعًا بدرس مفاده أنه لا سبيل لاستقرار جهود التنمية ودعم الاقتصاد المصرى فى مواجهة الأزمات والتقلبات، إلا من خلال الإنتاج الوطنى وزيادة معدلات التصدير، وهو ما لن يتحقق دون دعم للإنتاج الوطنى صناعيا كان أو زراعيا. إحدى المشاكل الرئيسية للاقتصاد المصرى تتمثل فى العجز فى الميزان التجارى المصرى ما بين الصادرات والواردات؛ وهو ما شكل ضغطا على الغطاء
النقدى المصرى من العملات الأجنبية.
مصر هى أكبر مستورد للقمح فى العالم العربى وأفريقيا، تعتمد فى معظم وارداتها على منطقة البحر الأسود، وعلى الرغم من أن الحكومة حاولت تنويع إمداداتها من دول مثل الهند، البرازيل، وفرنسا، لكن الآثار السلبية للحرب امتدت سواء على حجم الإمدادات أو على أسعارها. الدراسات تشير إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية سيصاحبها انعكاسات سلبية على مؤشر الأمن الغذائي، تتمثل فى تراجع قيمة هذا المؤشر بحوالى 24% بين عامى 2022 و 2027.
التحدى الرئيسى للدولة المصرية يتمثل في: انخفاض معدلات الاكتفاء الذاتى من أغلب السلع الاستراتيجية، وانخفاض مستوى الأمن الغذائى خاصة مع تنامى التحديات التى تواجه التنمية الزراعية المستهدفة حتى عام ٢٠٣٠، وبما ينذر بعدم الوصول إلى الأهداف المحددة؛ فالتحديات المتعلقة بالمساحة الزراعية وجودة الأراضي، وندرة المياه، والتغييرات المناخية، وضعف الاستثمار الزراعى وتزايد الفجوة الغذائية، فى مقابل هذا كله، هناك زيادة السكانية مطردة مع الزمن، ينتج عنها تزايد الاحتياجات الكلية من المواد الغذائية التى تتطلبها تلك الأعداد من السكان، الأمر الذى يتطلب السعى الحثيث نحو توفير اطار شامل
ومتكامل لحصر كافة العقبات التى تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة فى ظل
إستراتيجية التنمية الزراعية.
بالنظر لمعدلات الاكتفاء الذاتى والذى يعنى درجة إمكانية بلد ما على إشباع احتياجات مواطنيه من إنتاجه الوطنى الخاص به، وهو عبارة عن نسبة كمية الإنتاج الى كمية الاستهلاك كنسبة مئوية، فهو مقياس يعتمد فى حسابه على الكميات دون القيم، وبذلك لا يتأثر بالأسعار وتقلباتها، وعليه فنسبة الاكتفاء الذاتى الغذائى تعطى انطباعا أكثر واقعية عن حالة الغذاء على المستوى الوطني، فهى تعكس قدرة الإنتاج على مواجهة متطلبات الاستهلاك .
مصريًّا، تقرير صادر عن وزارة التخطيط كشف عن زيادة المساحة المحصولية خلال خطة العام المالى الجديد 2024/2023 للوصول بإجمالى المساحة إلى نحو 18 مليون فدان.
وأشار إلى أن الخطة تستهدف التوسع فى المساحات المخصصة لزراعات القمح، لتصل إلى 3.43 مليون فدان، ولزراعات الذرة إلى 2.8 مليون فدان، ولزراعات الفول البلدى إلى 220 ألف فدان، لافتًا إلى أنه فى إطار خطة 2024/2023 من المستهدف زيادة نسبة الاكتفاء الذاتى من القمح والذرة إلى 49%، (يعنى لا تزال هناك فجوة وعجز يقدر بنحو (51% ومن الفول إلى 30%، ومن اللحوم الحمراء إلى 70%، ومن الأسماك إلى 98%، مع تحقيق فائض تصديرى لأصناف عديدة من محاصيل الخضر والفاكهة.
التحديات
المحددات الرئيسية للأمن الغذائى فى مصر تتمثل فى:
1- الإنتاج الزراعى ونموه.
2- متغير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وتأثيره على فاتورة الواردات
من السلع الزراعية والمنتجات الغذائية، بالإضافة إلى مستلزمات الإنتاج
المستوردة.
3- أسعار الطاقة تعد أيضًا أحد المحددات الرئيسية للأمن الغذائى.
هذه المحددات هى أيضا تمثل التحديات الرئيسية للأمن الغذائى فى مصر، على سبيل المثال الدولة المصرية أعلنت عن 6 محاور لتحقيق استراتيجية الأمن
الغذائى تتمثل في:
التوسع الأفقى من خلال إضافة أراضٍ جديدة فى ضوء الموارد المتاحة.
التوسع الرأسى من خلال استنباط أصناف عالية الإنتاجية وتطبيق ممارسات زراعية حديثة والتوسع فى الزراعات المحمية.
- زيادة تنافسية الصادرات الزراعية وتدعيم الصحة النباتية والحيوانية.
- دعم القطاع الزراعى بزيادة الاستثمارات الموجهة له.
- تدعيم أنشطة الإنتاج الحيوانى والداجنى والسمكى.
- تغيير الأنماط الاستهلاكية كإحدى الآليات لتخفيف الضغوط على الموارد.
أولا: فيما يتعلق بمحور التوسع الأفقى الخاص بتوسيع وزيادة الرقعة الزراعية، نجد أنه يواجه بتحدى الموارد المائية، والعجز الواقع فى ميزان المياه المصرى، إجمالى الموارد المائية فى مصر يقدر بحوالى ٦٤,٤ مليار متر مكعب سنويًّا، تأتى من موارد تقليدية وموارد غير تقليدية، فى المقابل تشير الاحتياجات المائية فى مصر إلى أن قطاع الزراعة وقطاع الشرب أكثر القطاعات استهلاكًا للمياه، حيث يستهلك قطاع الزراعة حوالى ٦٣,٢٥ مليار متر مكعب مع حساب الفاقد في التوزيع للترع، ويستهلك قطاع الشرب حوالى ١٠,٥٥ مليار متر مكعب/ سنة.
ثانيا: يعانى الاقتصاد المصرى من ضعف معدلات الاستثمار الزراعى بالرغم من أن قطاع الزراعة فى مجمله قطاع خاص، إلا أن الاستثمار الخاص ما زال أقل من الحجم المأمول، ويرجع ذلك فى المقام الأول إلى محدودية الطاقة الادخارية للسكان فى الريف نتيجة محدودية دخولهم من ناحية، ونمط توزيع الدخل الزراعى من ناحية أخرى، إذ إن حوالى 85٪ من الحيازات الزراعية تقل مساحة كل منها عن خمسة أفدنة، الآن ومع تخطيط الدولة للتخارج كليا من بعض الأنشطة بقطاع الزراعة، كما أشارت وثيقة سياسة ملكية الدولة، فالتوصية هنا بالعمل على إجراء مزيد من التقييم والدراسات لقياس وتحديد الأثر المتوقع لهذا التخارج من اجل تحديد دقيق للأنشطة التى يفضل تخارج الدولة منها، والأنشطة التى يفضل تواجد الدولة بها منعا للممارسات الاحتكارية، والقيام بدور الدولة فى عملية ضبط الأسواق، وبما يسهم فى زيادة الإنتاج الزراعى ودعم الأمن الغذائي.
على مستوى القطاع الخاص، أدعو إلى مزيد من تفعيل أدوات السياسة المالية والنقدية التحفيزية لتشجيع الاستثمار الزراعى، خاصة على مستوى المشروعات الصغيرة والمتوسطة ودون المتوسطة، وإقرار آليات تحوط من مخاطر تغير سعر الصرف.
ثالثا: من المحددات والتحديات المؤثرة أيضًا؛ إشكالية الدعم الفنى لقطاع الزراعة بعد ما كانت نقطة تميز، أصبحت نقطة ضعف، هناك تراجع فى الدعم الفنى المقدم خاصة لصغار المزارعين، بالتالى يمكن  إجمال المشاكل ذات
الصلة بالاستثمار العام فيما يلي:
. محدودية مياه الرى وانخفاض كفاءة استخدامها.
. عدم الاستفادة المناسبة من امكانات الجهات البحثية.
. ضعف جهاز الإرشاد الزراعي.
. محدودية استثمارات التنمية الزراعية.
. تقليدية وضعف نظم التمويل الزراعي.
رابعا فى ضوء ما سبق تبدو الحاجة ملحة لتحول سريع نحو «الاقتصاد الأخضر، والاقتصاد الأخضر هو مصطلح مستحدث من قبل برنامج الأمم المتحدة للبيئة يهتم بتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحسين جودة حياة البشر، لكن فى الوقت نفسه يهتم بالحد من المخاطر البيئية، والحاجة للاقتصاد الأخضر ظهرت عام 2008، حيث أطلقت الأمم المتحدة عام 2008 مبادرة التحول نحو الاقتصاد الأخضر المواجهة أزمة الغذاء والمناخ الناجمة عن الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية عام 2007، وما تبعها من كساد وتردٍّ للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وفقدان الاقتصاد العالمى لملايين الوظائف آنذاك، وكذلك ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتفاقم الآثار السلبية للتغيرات المناخية. لذلك اتجه العالم للتحول إلى الاقتصاد الأخضر لتحقيق الأمن الغذائى لنحو أكثر من 9 مليارات نسمة على مستوى العالم بحلول عام 2050، كما يساهم بشكل كبير فى سد فجوة الغذاء العالمية، حيث يلعب دورًا رئيسيًّا فى دعم الأنظمة الحديثة للرى والزراعة المستدامة والتى تعمل على الحفاظ على البيئة وزيادة الإنتاجية من المحاصيل الرئيسية، لمواجهة مشكلتى ندرة المياه والأمن الغذائي.
مصر بدأت التحول الفعلى نحو «الاقتصاد الأخضر»، حيث تم توجيه 14% من إجمالى الاستثمارات العامة لمشروعات الاقتصاد الأخضر بموازنة 2021/2020، وبلغت قيمة محفظة مصر من المشروعات الخضراء المؤهلة 1.9 مليار دولار حتى سبتمبر 2020، منها 16 فى مجال الطاقة المتجددة، و19% فى مجال النقل النظيف، و26% فى مجال المياه والصرف الصحي، و39% فى مجال الحد من التلوث، كما تستهدف الحكومة تحسين تنافسية مصر فى مؤشر الأداء البيئى من خلال زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء الممولة حكوميًّا إلى ٥٠% بحلول عام 2025، كذلك كان المشروع القومى لتبطين وتأهيل الترع للحد من الفواقد المائية وتحسين منظومة الرى والاستغلال الرشيد للموارد المائية المصرية، لذلك؛ فالتحول للاقتصاد الأخضر ضرورة لا رفاهية.
خامسا: أدعو لتبنى مصر استراتيجية تكامل زراعى غذائى «أفرو عربية» يتم الاستفادة فيها من وفرة الموارد المائية فى عديد الدول الأفريقية، فى مقابل تقديم مصر الدعم الفنى اللازم لاستغلال تلك الموارد فى زراعة الأراضى الأفريقية بالمحاصيل الرئيسية، وأن تقدم الدول العربية الصديقة التمويل المالى اللازم.
مصر قدمت فى سد جوليوس نيريرى، فى دولة تنزانيا، نموذجا فعليا
وناجحا للتعاون والتكامل التنموى المتبادل يمكن البناء عليه فيما يتعلق
بقضايا الزراعة والأمن الغذائى.