رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

الضويني: مؤتمر الذكاء الاصطناعي لتحقيق الاستدامة يؤكد حرص الأزهر على مواكبة العصر

الدكتور محمد الضويني
الدكتور محمد الضويني - وكيل الأزهر الشريف

أكد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، أهمية انعقاد مؤتمر الأزهر الهندسي الدولي السادس عشر تحت عنوان «التطبيقات الهندسية والذكاء الاصطناعي لتحقيق الاستدامة»، في هذا التوقيت، ليضع بذلك لبنة جديدة في تأكيد قدرة الأزهر ورجاله على إحداث معاصرة راسخة تقف على جذور الماضي، وتحسن قراءة الواقع، وتتطلع إلى مستقبل مشرق، معربا عن تحيات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ودعواته بأن يخرج المؤتمر بتوصيات عملية تكون لنا نبراسا في طريقنا إلى تحقيق معاصرة رشيدة،

وأشار خلال كلمته بالمؤتمر الذي تنظمه كلية الهندسة بجامعة الأزهر، إلى أن مشايخ الأزهر وعلماءه كما كانوا يكتبون في علوم الشريعة من فقه وتفسير وحديث وغيرها، وكما كانوا يكتبون في علوم اللغة العربية من نحو وصرف وبلاغة وغيرها، فإنهم كانوا يكتبون في الرياضيات والهندسة والجغرافيا والفلك والتشريح والطب وسائر العلوم التي يمكن أن نسميها علوم الحياة. ومن نظر أيسر نظرة إلى كتب مبادئ العلوم، وهي رسائل صغيرة كان يحررها العلماء تجمع أشتات العلوم في اختصارات عميقة، فضلا عن المؤلفات المستقلة التي وضعوها في علوم الحياة وفنونها وجد آثارهم في هذه العلوم ناطقة ببراعتهم فيها.

وتابع أن من العلماء الأزهريين الذين وصفوا بالموسوعية، نجم الدين محمد بن محمد  المصري (عاش في القرن السابع الهجري)، فقد وضع أكبر الجداول الفلكية، ونقل عنه الأوربيون علوما كثيرة في الفلك، والشيخ أحمد السجيني، وقد وصف بالبراعة في علم الجبر والهندسة، والشيخ عبد الله الشنشوري له كتب  في الحساب، والشيخ أحمد عبد المنعم الدمنهوري وله: القول الصريح في علم التشريح، والشيخ أحمد السجاعي، فقد درس الفلك والمنطق، وله من المؤلفات رسالة في منازل القمر، ولقطة الجواهر في الخطوط والدوائر، والشيخ علي الطحان الأزهري، له رسائل في الفلك، والشيخ حسن العطار الذي اشتغل بصناعة المزاول الليلية والنهارية، وأتقن الرصد الفلكي إلى جانب براعته في الطب والتشريح، والأمثلة كثيرة.

وكيل الأزهر: مفهوم التنمية المستدامة يجب أن يشمل الحفاظ على كل ما يتعلق بالإنسان وليس الجانب المادي فقط

واستعرض وكيل الأزهر خلال المؤتمر بعض القضايا المعاصرة التي تجمع بين تخصصات الهندسة وتحتاج المزيد من الجهود مثل مفهوم التنمية المستدامة، الذي يجب أن يتجاوز المحافظة على الثروات الطبيعية والموارد المادية إلى المحافظة على كل ما يتعلق بالإنسان من جوانب ثقافية واقتصادية ودينية واجتماعية، وصيانة حياته حاضرا ومستقبلا، فالتنمية المستدامة في الإسلام لا تقف عند الجانب المادي وحده، بل تجعله جنبا إلى جنب مع البناء القيمي والأخلاقي والروحي، الذي يصون هذه التنمية ويحفظها من العبث بمكوناتها وبرامجها، ولعل من فضل الله علينا أن هويتنا العربية والإسلامية تتميز بهذا الجانب الروحي المشرق.  

وأضاف أن التنمية في الإسلام لا تقف عند إصلاح الدنيا بل تتجاوزها إلى الآخرة، وذلك كله تحت اسم «الإعمار» الذي كلفنا به، والذي يشمل القلب والعقل، والعلم والعمل، والدنيا والآخرة، ويكفي أن نتأمل هذا الإيمان الذي رتب عليه دخول جنة الخلد، وسعادة الأبد، كيف قرنه الله بالعمل الصالح في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه في عشرات المواضع منه، وتأملوا قوله تعالى: ﴿والعصر * إن الإنسان لفي خسر  إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر﴾، ثم تأملوا كيف ترجمت هذا العمل الصالح سنة النبي ﷺ في أحاديث كثيرة تعنى بصغار أمور الحياة قبل كبارها؛ حتى جعلت إصلاح الطريق، وإماطة الأذى عن المارة فيه شعبة من شعب الإيمان

واستطرد وكيل الأزهر أن من التنمية المستدامة أن نحسن استخدام عطاء العصر، ومنه الذكاء الاصطناعي الذي لم يعد لدينا رفاهية الاختيار في رفضه أو قبوله؛ فهذا الذكاء الاصطناعي إما أن ندير له ظهورنا، ونرفض ما يحمله من فرص فنكون قابعين هنالك في زاوية من زوايا الحياة بلا أثر ولا نتيجة كلا وجود، وإما أن نتلقاه بالإيجابية وحسن الاستثمار والتفاعل المثري للحياة؛ فنكون أهلا للخيرية التي وصف الله بها الأمة، مع الأخذ في الحسبان أن الذكاء الاصطناعي قد تصحبه تحديات كبيرة ومخاطر متعددة، يصفها بعض من استحدثوه بأنها أخطر من القنابل النووية؛ وقد تدمر البشرية؛ بسبب وجود بعض البرامج والتطبيقات التي قد تستخدم بطرق غير أخلاقية، لذلك كان من الواجب ونحن نتأمل الذكاء الاصطناعي وما يتيحه من فرص جديدة، أن نلقاه بتخطيط استراتيجي مرشد.

كما سلط وكيل الأزهر خلال كلمته الضوء على قضية التخطيط بوصفه ضرورة من ضرورات الحياة، بدأ مع الإنسان منذ خطواته الأولى على ظهر الأرض، وإن تفاوتت درجاته باعتبارات الزمان والمكان والإنسان، إلا أن التاريخ يثبت أن الأمم التي تتبنى التخطيط أسلوبا للحياة يمكنها أن تتدارك أخطاء ماضيها، وأن تدير واقعها، وأن تتنبأ بمستقبلها. والتاريخ شاهد كذلك أن التخطيط من مميزات الحضارة الإسلامية، فهو مبدأ ديني بامتياز، تجلى في كثير من آيات القرآن التي أشارت إشارات واضحة إلى أهميته وضرورته في حياة الرسل والأنبياء، وفي حياة سيدنا رسول الله ﷺ جاء التخطيط واقعا ناطقا، وممارسة شاهدة بأهميته وضرورته.

وأكد وكيل الأزهر أن ما نعيشه اليوم من فيض معرفي وتكنولوجي في كل مناحي الحياة يوجب على مؤسساتنا أن تحرص على أن تكون الأمة كلها أفرادا ومجتمعات صاحبة خطة طموح واقعية، وإلا كانت الأمة بأفرادها ومجتمعاتها ومقدراتها وثرواتها في خطة غيرها. وإذا كنا نسمع كثيرا في الفترة الماضية عن مفردات التقدم والرقي والبناء والتنمية، ومثل هذه المفردات التي تهيج العواطف وتثير المشاعر، وتحلق بالسامعين إلى غد أفضل؛ فإن هذه الألفاظ الرنانة سرعان ما يتلاشى بريقها مع خروج آخر حرف من لفظها، ولا ترى لمفردة منها وجودا ولا أثرا.

واختتم وكيل الأزهر كلمته بأن هذه المفردات والأطروحات لا بد أن يصحبها تخطيط علمي سليم، يحولها من اللفظ إلى العمل، ويحول الأمة من السكون إلى الحركة، ومن الرؤية إلى الإنجاز، ومن التنظير إلى التنفيذ؛ فلا تطور للمجتمعات، ولا مستقبل لها دون تخطيط، بل إن الأمم الحية هي التي تتأمل الماضي، وتدرك الواقع، وتخطط للمستقبل، وإنا لنثق أن بلادنا تخطو خطوات وثابة بما تملكه من أدوات تخطيط علمية، وخطط مدروسة.