رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

داخل روسيا، لن يكون هناك بديل مثل نافالنى فى قدرته على التواصل والسحر والتعبئة. ومع وجود معظم حلفائه الآن فى المنفى، ومع إحكام قبضة الكرملين على الساحة العامة الرقمية أكثر من أى وقت مضى، فإن السبل التى سلكها نافالنى للوصول إلى قلوب وعقول الشباب بدأت تختفى بسرعة. ومن الصعب أن نرى من أين سيخرج خليفة. وبالتالى، ليس للمعارضة الروسية قائد، ولا نقطة محورية تتحد خلفها، ولا وجه يمثلها، ولا صوت يتحدث نيابة عنها
إن هذا التحول المظلم للأحداث لا يشكل مجرد مأساة بالنسبة لروسيا؛ إنها إشارة مخيفة إلى المدافعين عن الديمقراطية الليبرالية فى كل مكان. يقال فى كثير من الأحيان أن الأمل يضىء بشكل مشرق فى أحلك الأوقات، ما يشير إلى أن التحول نحو الأفضل هو قاب قوسين أو أدنى. ولكن فى سياق الوضع الحالى الذى تعيشه روسيا، فإن هذا التفاؤل يبدو فى غير محله. الأمة ليست مستعدة لاحتجاجات واسعة النطاق. ومن عجيب المفارقات هنا أن الحرب فى أوكرانيا ربما أسهمت عن غير قصد فى تعزيز قطاعات معينة من الاقتصاد الروسى، وتنشيط إنتاج الأسلحة وتوليد فرص العمل العسكرى للعمال غير المهرة.
وبينما تستمتع الجماهير بهذه الفرص الاقتصادية الجديدة، فإن وفاة نافالنى تبعث برسالة عالية وواضحة إلى المعارضة المستقبلية وكذلك النخب الفكرية: المعارضة لم تعد خياراً فى روسيا بوتين. إن روسيا اليوم بلد لا يستطيع فيه المرء حتى وضع الزهور كنصب تذكارى دون التهديد بالاعتقال.
للوهلة الأولى، يبدو أن بوتين يفوز فى جميع النواحى. كان نافالنى، بحيله الذكية التى تهدف إلى تعطيل تصميم بوتين السياسى، المصدر الأخير لعدم اليقين بشأن الفوز المرتقب فى الانتخابات. وعلى الصعيد الداخلى، يبدو أن بوتين لا يمكن إيقافه. هو صاحب السيادة، إنه يتصرف دون عقاب، كلمته مقدسة ولا يواجه أى عواقب لأفعاله.
ومع ذلك، هذه الرواية لا معنى لها تماماً، إن الفوز فى الانتخابات ضد خصم متوفى لا يصور بوتين كشخصية تتمتع بقوة هائلة. السؤال الذى يطرح نفسه: لماذا استهداف نافالنى الآن؟ لقد كان شخصية معروفة لأكثر من عقد من الزمان، وقد نجح بوتين بشكل فعال فى تحييد التحديات السابقة التى واجهها نافالنى من خلال تكتيكات أكثر تقليدية، مثل حرمانه من الترشح لمنصب فى الانتخابات الرئاسية لعام 2018. ومع احتجاز نافالنى فى أحد سجون القطب الشمالى، بدت قدرته على تشكيل تهديد أكثر تضاؤلاً.
إن بوتين فى موقع قوة الآن، وهو يعلم أن هذا هو وقته لتمهيد الطريق لتحرك كبير فى المستقبل. هو يقوم بتطهير الطوابق. وهو يعلم أنه ليس دجاجاً ربيعياً، وربما يرغب فى الالتزام بشكل كامل بما يريده حقاً: الاستيلاء على أوكرانيا أخيراً.
لقد بدأ صبره ينفد فى انتظار أن يتضاءل الدعم الغربى، وأن تتولى القوى السياسية الأكثر تأييداً السلطة فى أوروبا والولايات المتحدة. إنه يحتاج إلى أن تكون يديه مقيدتين، حتى يتمكن من القيام بما يلزم: إعلان التعبئة الكاملة، وزيادة الإنتاج العسكرى، حتى على حساب الانكماش الاقتصادى وخطر تجدد المعارضة الداخلية. وعندما يفعل ذلك، فهو لا يريد أن يؤدى القادة الذين يتمتعون بشخصية كاريزمية مثل نافالنى إلى إضعاف دعمه السياسى فى الداخل، حتى لو بطريقة محدودة.
إن اتخاذ خطوة جريئة مثل التخلص من خصم سياسى رئيسى قد لا يكون له معنى إذا كان بوتين يريد ببساطة الاستمرار فى العمل كالمعتاد بعد الانتخابات التى أصبحت نتيجتها مضمونة بالفعل..