عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مسافة السكة

نعيش فى الحياة الدنيا المؤقتة ونعتقد أن هناك شيئاً دائماً ولا نعلم أن لا شىء بالحياة مضمون؛ لا أشياء مضمونة ولا أيضا أشخاص؛ وهذا سبب تعاسة البعض وفقدان أحب الأشياء والأشخاص لديهم! فالإنسان لذا امتلك شيئاً اعتقد أنه ضمنه للأبد؟ وأيضاً إذا امتلك شخص اعتقد أنه ضمنه للأبد؟ ولا أعلم من أين أتوا هؤلاء بفكرة ضمان الأشياء والأشخاص؟! فقد تعلمت من أحداث الحياة الشخصية وأيضاً العامة أن لا شىء مضمونا؛ فلنعُد بالأحداث خطوة إلى الخلف ونتذكر أحداث كورونا وكيف ما ظننا أننا امتلكناه للأبد انتهى فى لحظة! ليت الأمر توقف عند هذا الحد فتوابع كورونا أعطتنا درسا ولكن القليل فقط من استوعبه أن لا شىء مضمون وأننا فى حقيقة الأمر نظن أننا نمتلك أشياء أبدية لمجرد أننا اتولدنا بها؟! فلنتذكر خبر إعلان السعودية السماح للفرد بزيارة الروضة الشريفة مرة كل 30 يوم خلال أحداث كورونا، وقتها تبادر إلى ذهنى أن الله يؤدب بعض عباده وإلغاء فكرة الضمان لدى البعض، فعند تواجدى بالسعودية تفاجأت أن هناك الكثير ممن يتواجدون بالأراضى السعودية العديد من السنوات ولم يتسن لهم فرصة زيارة الحرم المكى والنبوى، فالبعض يشعر بضمان تواجد الحرمين الشريفين وأنهم فى أى وقت يستطيعون الذهاب ولا يعلمون أن لا شىء فى هذه الحياة الدنيا المؤقتة مضمون أو دائم، فهل الله يعلمنا درس إلغاء فكرة الضمان؟!

فمن كان يتوقع أن هناك وباء سينتشر فى جميع بقاع العالم وعلى غراره سيتم منع المصلين من الصلاة فى الحرمين الشريفين؟ من كان يتوقع أن يأتى يوم وتكون فيه الصلاة بحساب فى هذا المكان الطاهر؟ فهل هذا درس من الله للعالم بإلغاء فكرة الضمان واستشعار النعم والشعور بقيمتها؟! فهذا حال بعض النفوس البشرية التعامل مع الأشخاص والأشياء بفكرة الدوام والبقاء، فالبعض لا يشعر بقيمة ونعمة بعض الأشخاص والأشياء إلا عندما يفقدونهم! أو تكون رؤيتهم والحديث معهم بحساب! فبعض النفوس البشرية تشعر بدوام الأشياء عند امتلاكها ورؤيتها، فهؤلاء أكبر درس قاسٍ لهم هو حرمانهم من تلك الأشياء أو منحهم لها بحساب!.

فعقب إعلان السعودية أن زيارة الحرمين أصبحت بحساب أى بشروط وضوابط، رأيت الكثير يُسارع بالزيارة والبعض الآخر يبذل قصارى جهده لأداء العمرة وأصبح من تمكن من الزيارة ينتابه الشعور بالفرحة وكأنه فاز فى سباق ! فالزيارة بحجز ولوقت معين عكس ما كان الأمر سابقًا فتستطيع زيارة الحرم فى أى وقت! وأداء العمرة فى أى يوم وزيارة الروضة الشريفة كما يتسنى لك! 

فمن أهم دروس كورونا للبشرية هو الإحساس بالنعم التى أنعم الله بها علينا ونحن بجهلنا شعرنا أنها حق مكتسب حتى نرى غيرنا يفتقدها أو تُسلب منّا ويتم منحها لنا بحساب!، فكم شعرنا أن النفس الذى نتنفسه بيسر نعمة! فيوم واحد لمريض كورونا يُكلفه الآلاف من الجنيهات! أيضًا من فقد حاستى التذوق والشم شعر بتلك النعمة التى لم يخطر ببال احد قط أنها نعمة إلا أن فقدها ولو لبضعة أيام! التنفس بدون أنبوبة الأكسجين نعمة وخاصة بعد ما رأينا العجز الذى شهدته ليس فقط مصر بل والعالم نتيجة نقص عدد أنابيب الأكسجين! فهل استوعب البعض الدرس الذى أراد البعض تلقينه للبشرية أجمع؟! أم مازال البعض يتعامل مع الأشياء والأشخاص التى يمتلكهم بحياته بمنطق الضمان؟! فالإنسان إذا حصل على وظيفة بعد جهد ظن أنه امتلكها ولا يعلم أن فى ثانية قد يفقد وظيفة إذا لم يبذل الجهد الكافى للحفاظ عليها! كذلك الأمر بالنسبة للأشخاص فى حياتنا فمن بذل جهدا للوصول إلى شخص يعتقد أن الأمر يتوقف عند الوصول للشخص ولكن فى حقيقة الأمر لا ضمان للأشخاص إلا بذل مجهود بالقدر الكافى للحفاظ عليهم وعلى العلاقة.

أختم مقالى هذا بنصيحة لنفسى قبل الكل بإلغاء فكرة الضمان فى حياتنا وإذا أرادت الحفاظ على ما تمتلكه من أشخاص وأشياء وتعتقد أنها ثمينة بحياتك فلتحافظ عليها ببذل مجهود كاف ومعاملة الأشياء والأشخاص بطريقة إمكانية فقدانهم إذا لم تحافظ عليهم بالقدر الكافى والمطلوب.