رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى بعض الأحيان تكون الكارثة كبيرة جدًا لدرجة أنها تحجب تفاصيلها. فبالإضافة إلى عدد القتلى والنازحين فى غزة، كان الصراع قاسيا بشكل غير متناسب بالنسبة للنساء والفتيات. وفى «انعكاس قاس» لتاريخ هذا الصراع؛ النساء والأطفال تحملوا وطأة الحرب.

التفاصيل لا يمكن فهمها. هناك حوالى 50٫000 امرأة حامل فى غزة، وقد تم تصنيف 40% من حالات الحمل هذه على أنها عالية الخطورة؛ 180 حالة ولادة يومياً؛ وفى ظل طمس البنية التحتية للرعاية الصحية. لا يوجد طبيب أو قابلة أو ممرضة لدعم النساء أثناء المخاض. ولا يوجد مسكنات للألم أو تخدير أو مواد نظافة عندما تلد النساء. يولد الأطفال على الأرض فى البرية، ويتم قطع الحبال السرية بأى أداة حادة فى متناول اليد، والعلب المملوءة بالماء الساخن تحافظ على دفء المولود الجديد. العمليات القيصرية، المؤلمة، يتم إجراؤها دون أى تخدير على الإطلاق، من قبل الجراحين الذين ليس لديهم أى ماء لغسل أيديهم، ناهيك عن تعقيمها، ولا مضادات حيوية لأى التهابات ناتجة. فى بعض الحالات، وفقًا لتقارير «واشنطن بوست»، تم إجراء عمليات قيصرية على النساء بعد الوفاة.

عندما تنتصر الأم والطفل فى هذه الظروف المستحيلة، يواجهان النزوح والجوع بينما يرضعان دموعًا مؤلمة وجروحًا وأطفالًا يعانون من سوء التغذية. وكان على النساء الحوامل أن يقطعن رحلة طولها 20 ميلاً من الشمال إلى الجنوب فى غزة. ويصلون فى ظروف تتجاوز عتبة المجاعة، وهى مثيرة للقلق بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بمصير عشرات الآلاف من النساء الحوامل والمرضعات، اللاتى يستهلك غالبيتهن نوعًا واحدًا أو نوعين فقط من الطعام. لا تستطيع الأمهات الحصول على ما يكفى من الغذاء والمياه النظيفة لإنتاج الحليب لأطفالهن، وعندما يتوفر حليب الأطفال فى مخيمات النازحين، فإن العثور على المياه النظيفة التى تغلى وتختلط به مستحيلة. للأسف إن العديد من جوانب الأمومة، التى كانت فى السابق روتينية، أصبحت الآن مسألة حياة أو موت. 

بعد أسابيع فقط من بدء الحرب، وردت تقارير عن ارتفاع حالات الإجهاض بنسبة 20%. ومع نزوح ما يقرب من 85% من سكان غزة الآن، واستقرار أعداد كبيرة فى المخيمات، فإن الحجم الحقيقى لوفيات الأمهات ووفيات الرضع وأزمة فقدان الحمل هو بالتأكيد أكبر مما تشير إليه تقارير المساعدات والمنظمات الإخبارية. لكن ما يجب أن تمر به الفتيات والنساء لا ينتهى عند هذا الحد.

إن التفاصيل القادمة من غزة واضحة للغاية، ولا هوادة فيها، وقد يكون الآن هو الوقت المناسب للتفكير فيما تعنيه القيم التقدمية، سواء كانت نسوية أو غيرها، إذا توقفت عند عتبة ما هو مألوف..