رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لكل منا رحلة فى الحياة تبدأ من لحظة الميلاد، حيث تحكمنا الأقدار فلا نملك منها فكاكًا، فنحن نولد ولا نختار أشكالنا ولا جينات ورثناها من الأسلاف، ولا نعرف كنية أهلنا، ولا لماذا أسماءنا ولا ماهية ديننا ولا موطن ميلادنا ولا كيف وإلى أين مستقرنا، وتبدأ الرحلة القدرية التى نكبر فيها ونسير نحو مصائرنا قد يكون لدينا الاختيار لتعديل المسار أو التكييف مع هذه الرحلة وتلك الأقدار وهنا يبدأ الصراع ما بين الخير والشر والنور والظلام، وفى فيلم رحلة ٤٠٤ لمنى زكى وهانى خليفة مخرجًا ومحمد رجاء مؤلفًا تبدأ رحلة البطلة منى زكى أو «غادة» للتطهر وكشف المستور داخليًا وخارجيًا وهى فى طريقها لأداء فريضة الحج مع والدها فإذا بالحكاية والحدوتة تمزج بين الماضى والحاضر فى ومضات متلاحقة متتالية من الكشف عبر تكنيك الفلاش باك السردى، حيث كل مشهد يتكشف لكل من المتلقى والبطلة جزءًا من رحلة التطهر عبر رحلة السفر إلى الماضى والطوق للسفر إلى المستقبل وكأن الماضى يأبى ألا يترك مساحة للبطلة لأن تتعلق بأهداب الأمل فى ميلاد جديد يطهرها من كل خطايا الماضى الموحل فى الخطيئة والرذيلة، وعلى الرغم من أنها قد تعودت وأدمنت الطريق السهل والذى دفعها إليه حبيبها السابق محمد ممدوح أو طارق الذى أحبته فى الجامعة وسلمته نفسها ولكنه تركها وتزوج صديقتها ابنه التاجر الثرى وقد ورثه فصار هو أيضاً رجل أعمال مشهور.. وعندما تصدم سيارة ميكروباص والدة غادة وتدخل المستشفى تستدعى حالتها إجراء عملية مكلفة لا تقدر على تكاليفها نجد القوادة الشهيرة والتى رافقت غادة رحلة السقوط «شيرين رضا» تعود كإبليس توسوس لها بالعودة من رحلتها الجديدة إلى رحلة الماضى الأسود وتظل «غادة» تبحث عن مخرج من هذا النفق المظلم تتجاذبها الرحلتان رحلة الماضى ورحلة المستقبل، حيث تقف فى الحاضر حائرة ممزقة مذبذبة بين طرفى الصراع، تقاوم غوايات الذات وذلات النفس الضعيفة فتسرق ذهب المرأة التى فقدت وعيها أمام شقتها وأنقذتها غادة لكن الخطيئة مازالت حية بداخلها تغلبها وتجذبها نحو السرقة.. وتعود تحاول أن تجد مخرجًا فى عقد صفقة بيع أرض عليها قضايا ومشكلات قانونية حين يغويها بالمال والسمسرة أحد أصدقاء الماضى والذى يعمل فى العقارات والأراضى ويقارن بين عمل البغاء وأعمال سماسرة العقارات والأراضى فكلاهما يبيع الوهم والعرض الأولى تضر جسدها ونفسها فقط والثانى يضر الآخرين ويخدع المشترى ويستغل البائع.. وتستمر رحلة التطهر ومقاومة الرجوع وجاذبية التربح السريع سواء بالسرقة أو الدعارة أو السمسرة.. وحين تجد طارق الآخر محمد فراج زوجها المدمن القاتل لأمه والمريض نفسيًا تلجأ لبيع نفسها مرة أخرى للقوادة وترضخ للغواية وهى تحاول تبرير الخطيئة... وتنتهى رحلة التطهر بأن تعيد الذهب المسروق للمرأة وترفض أن تسقط للمرة الأخيرة..
الفيلم سريع الإيقاع والسيناريو محبك الأطراف والخيوط واللقطات، والحوار مكثف معبر عن الشخصيات وعن مستويات الصراع الداخلى والخارجى لكل الشخصيات خاصة غادة وطارق.. نمطية تقديم أدوار القوادة والأم الشريرة التى لا يحكمها ويحركها إلا شهوة المال فى وجود أب ضعيف مستسلم تيمة متكررة ونموذج معاد فى أعمال سابقة.. الإخراج مع التصوير حاولا متابعة سرعة إيقاع الرحلة على المستويين الخارجى والنفسى وإن كانت منى زكى بتعبيرات الوجه والصوت والأداء الجسدى المتميز هى من حملت على عاتقها مهمة كشف المستور وتجسيد الصراع وعمق تجربة الرحلة بمستوياتها المتعددة زمنيًا وجسديًا ونفسيًا بحرفية وتمكن فنى عالى الجودة.
الرحلة إلى الله، إلى النور إلى الخير إلى الإنسانية هى لب العمل وصراع البطلة هو صراع العديد منا والاختيار هو كل ما نملكه فى مواجهة الأقدار، فهى قد اختارت أن تغير قدرها وماضيها وتتعامل مع نواقصها والغواية التى تحكمها فى جدلية فنية برع الكاتب فى إبرازها وتكوينها وصياغتها من خلال هذا العمل الفنى.. شكرًا للإنتاج والإخراج للبطلة منى زكى فراج وممدوح وشيرين.. وتظل رحلتنا مستمرة نحو النور.