رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

باختصار  

مازالت موجة الغلاء متوالية وصرخات المصريين متصاعدة إلى عنان السماء، فآلام البطون الجائعة أقوى من أشد الأمراض فتكًا، وصرخات الأطفال وعجز الآباء، ونظرات الحسرة فى عيون الأمهات أكبر من الاحتمال، فضيق ذات اليد مع غول الأسعار الذى لا يعرف سقفا أطارت النوم من أعين الجميع.

التراجيديا المصرية اليومية التى يعيشها الغالبية العظمى من كافة الطبقات أثرت سلبيا بصورة مخيفة على أصحاب جميع المهن، فتوفير النفقات اليومية للحياة وخاصة الطعام، احتل الأولوية على باقى الأمور، فانعكس الأمر على كل شيء يمكن تأجيله.

توالت الشكاوى لأن انفلات الأسواق استحوذ على مدخرات الشعب فالأكل والشرب أهم ويأتى فى المقام الأول، فاختلفت الأولويات لدى الغالبية العظمى وامتد جدول التأجيلات إلى الضروريات.

أثناء صعودى إلى مكتبى فى عمارة ضخمة مكتظة بالأطباء ومعامل التحاليل لفت نظرى أن الأسانسيرات الثلاثة متاحة على غير المعتاد واختفى الطابور اليومى لحجز الأماكن للصعود، وعندما استفسرت من حارس البناية عن السبب أجابنى بتلقائية «الناس مش لاقية تاكل».

هذا النموذج للآثار السلبية للغلاء امتد إلى باقى المهن، ولا شك فى أن انعكاساته ستكون خطيرة وسوف تزيد من طابور البطالة، وتزيد الأمور تعقيدا لأن الحاجة المتزايدة تفتح الأبواب الخلفية للحصول على الأموال، مما قد يدفع إلى المزيد من الجرائم السلبية التى تؤثر على استقرار المجتمع.

المسألة خطيرة وتستوجب الاستنفار لدى كل أجهزة الدولة لوضع حلول عاجلة، فحماية الجبهة الداخلية من أولى مسئوليات الدولة، وتأمين السلع الاستراتيجية بأسعار مناسبة أمر خطير وجلل، خاصة إذا قفزت الأسعار بهذه الصورة التى فاقت الاحتمال وقدرات الجميع، فى ظل انهيار قيمة الجنيه، وبالتالى انخفاض كبير للدخل، مما أصاب الجميع بالعجز أمام الوفاء بأبسط الاحتياجات وهى الأكل والشرب، ناهيك عن باقى متطلبات الحياة الضرورية وخصوصا العلاج والتعليم وغيرها والتى أصبحت من الرفاهيات.

العشوائيات السعرية التى تشهدها الأسواق حاليا خطر كبير يهدد أصحاب البطون الخاوية كما تهددهم قلة الحيلة بالموت جوعا فى ظل هذه الموجة غير المسبوقة والتى لم تشهدها البلاد من قبل.

إذا تخلت الحكومة عن مسئولياتها وتركت التسعيرة وبورصة الأطعمة فى يد التجار وسماسرة الأسواق وحيتان الاستيراد، فإنهم لن يرحموا المصريين وسيتحولوا إلى حكومة موازية، ولن تفلح الآليات الهزيلة فى مراقبة الأسعار، وسوف يثبت هؤلاء على أرض الواقع أنهم الأكثر قوة ونفوذا ممن ارتضوا لأنفسهم أن يجلسوا فى مقاعد المتفرجين.

باختصار.. فشلت المقاطعة الشعبية للسلع المغالى فيها فى وقف جشع التجار، وبات على جموع المستهلكين مقاطعة جميع السلع بلا استثناء نظرا لأن سقف الغلاء طالها حتى وصل لوجبات الفقراء «الفول والعدس ورغيف الخبز وقرص الطعمية»، فى ظل غياب تام لجميع أجهزة الدولة المعنية.

تبقى كلمة.. الحديث عن عدم قدرة الحكومة على ضبط الأسواق والأسعار أمر خطير وجلل، يجب الرد عليه بقوة وتشكيل وحدة عمل طوارئ فورا تملك حق الضبطية القضائية للتواجد بالأسواق والسيطرة عليها وإعادة هيبة الدولة وبث الطمأنينة فى قلوب المواطنين وتنفيذ حملات رقابية ناجحة على أرض الواقع لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، فنحن نؤمن أن موجة الغلاء طالت العالم، ولكن ما يحدث فى مصر ترسيخ لفكرة حكومة التجار وأصحاب المصالح فى غياب حكومة الشعب.

[email protected]