عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أتصور أن قرار محكمة العدل الدولية الذى صدر الجمعة الماضية (26 يناير الماضي) بإدانة الانتهاكات الإسرائيلية فى غزة ونظر اعتبارها ترقى لمستوى الإبادة الجماعية، يمثل نقطة بداية حقيقية للجهود الدبلوماسية والسياسية لوقف العدوان الإسرائيلى.
لقد نص القرار على وجوب توقف إسرائيل عن أعمال وتدابير تمثل انتهاكا لالتزاماتها باتفاقية الإبادة الجماعية، ووقف أى أعمال وتدابير تتسبب فى قتل أو تضرر الفلسطينيين.
وكنت قد كتبت فى المكان نفسه فى الأسبوع قبل الماضى أُحيى الدعوى الرسمية التى أقامتها دولة جنوب إفريقيا فى المحكمة الدولية ضد إسرائيل وأرفض التهوين منها. وكما قلت حينها فإننى أتفق مع كون المحكمة فى لاهاى منظمة ليس لديها الآليات الفعلية لوقف العدوان الدائر فى غزة، إلا أنها فى الوقت ذاته تمثل قوة ضغط سياسى ودبلوماسى كبيرة، ولقراراتها صفة معنوية مؤثرة تجاه استمرار هذه الحرب الوحشية.
وكما ذكر معلقون غربيون، فإن أى مسئول إسرائيلى سيكون مضطرا للدفاع عن نفسه عند الظهور فى أى محفل دولي، خاصة مع استمرار نظر المحكمة الدولية لاتهام إسرائيل بالإبادة. وهنا فأتصور أته سيتعين على القادة العسكريين فى إسرائيل عدم توسيع نطاق العمليات، والسعى لحلول سياسية للحرب الدائرة.
وبصدور قرار المحكمة، فإن تحولاً مهما ستشهده القضية الفلسطينية على مستوى الرأى العام الدولى، خاصة أن شعوب العالم تتابع بفضل التكنولوجيا الحديثة ما يحدث فى كل مكان دون قيود، وهذه الشعوب ستفرض إرادتها بقوة ضد أى دعم تقدمه حكوماتها لإسرائيل، تبرؤاً من المشاركة فى جرائم الإبادة الدولية، التى حذرت منها أكبر سلطة قضائية فى العالم.
إن المتابع لتطورات المواقف العالمية تجاه ما يحدث فى غزة يُدرك يقينا أن هناك تحولاً كبيراً لدى الأجيال الجديدة لمعرفة حقيقة ما ترتكبه إسرائيل من جرائم، وقرار المحكمة الدولية الأخير يحفز كل ساع للمعرفة لبذل المزيد من الجهد للوصول إلى الحقيقة.
كذلك سيكون فى وسع الساسة والدبلوماسيين العرب الدعوة إلى تطبيق القانون الدولى بشكل واضح وحاسم فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وحسنا جاء بيان وزارتى الخارجية المصرية والسعودية المشترك الأحد الماضى ليحمل هذا التوجه.
كما ستكون الفرص سانحة لوسائل الاعلام والمنظمات الإنسانية لفضح وكشف جرائم إسرائيل ضد المدنيين، وهو ما بدأت كثير من الصحف العالمية الإشارة إليه، انطلاقا من عدم تناسب رد فعل حكومة نتنياهو مع الزعم الدائم بحقها فى الدفاع عن النفس، ببساطة لأن هجوم ما سمى بطوفان الأقصى أدى لسقوط 1200 مستوطن وجندى إسرائيلي، بينما أدى العدوان الإسرائيلى على غزة إلى سقوط أكثر من 26 ألف مدني، ثلثاهم من الأطفال والنساء.
وفى ظني، فإن هناك فائدة أخرى مهمة لقرار محكمة العدل تتمثل فى استعادة الثقة فى المؤسسات الدولية التى يُنظر لها كثيرا باعتبارها كيانات مسيسة، خاضعة لتوجهات ومواقف الدول الكبرى. فالعدل قيمة إنسانية عظيمة لا يُمكن تسييسها، أو توظيفها لصالح دول أو ضد دول أخرى، لأن أى مساس بهذه القيمة سيصيب النظام العالمى الجديد كله بالتصدع.
وسلامٌ على الأمة المصرية.