رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لغتنا العربية جذور هويتنا (29)

مضت العربية مع الكتابة والحرف إلى فن الخط وأنواعه وأشكاله وصفاته، يتعدد بتعدد بيئاته وكتّابه أو رجاله المتفننين فيه، وصولا إلى صناعة الكتاب بدءا بالصحيفة، وفى تاج العروس: «الرقش الخط الحسن، الترقيش الكتابة فى الصحف»، واشتهرت (الصحف) كصحيفة قريش، ما شابهها، وقد كانت رواية الحديث الشريف فى حاجة إلى القيد والكتابة، قال شعبان بن عنين لزهير بن معاوية الجعفى: أخرج كتبك، فقال أنا أحفظ من كتبى التهذيب لأبن حجر. 

قال أبونعيم الحافظ: «معاوية بن أبى سفيان، وأمّه هند بنت عتبة، وأمها صفية بنت أمية بن الأوقص من بنى سليم كان من الكتبة الحسبة الفصحة»، وذلك كما ورد فى معجم بنى أميّة، استخرجه من تاريخ دمشق لابن عساكر، وزاد فيه صلاح الدين المنجد، (ص ص 168ـ169)، كما تحدث فى ذلك كرنكوف فى مقاله (الكتابة فى حفظ الشعر العربى القديم).

وشأن العربى هنا شأن الإنسان منذ أقدم العصور، قداهتم الإنسان، منذ فجر تاريخ البشرية مع الحضارة المعرفة والثقافة، فعكف على النظر والتقييد، مجيلا طرْفه فى كتاب الكون يستجليه، ويستنطق خفاياه، ويفسر ظواهره ومظاهره، ويسأل وينقب، ويبحث ويدقق، وحين اهتدى إلى القراءة والكتابة لم يكفّ عن البحث والاطلاع ناشدا المعرفة والهداية، والتعرف على خبرات السابقين، وتراث الأولين، فكان الكتاب.

والكتَاب: أسم لما كُتب مجموعاً، والكِتَاب مصدر، وهو جامع الكتابة، والجمع: كتب، والكتابة لمن تكون له صناعة، مثل الصياغة والخياطة، وكتّب الرجل، وأكْتبه إكْتابا: علّمه الكتاب، والمكتّب: المعلّم، ورجل كاتب: حرْفته الكتابة، والكِتْبَة: اكتتابك كتاباً تنسخُه، ويقال: اكتتب فلانٌ فلاناً أى سأله أن يكتُب له كتاباً فى حاجةٍ، واستكتبه الشىء سأله أن يكتبه له. وقيل: كتبه خطَّه، واكتتبه استملاه، وكذلك استكتبه، واكتتبه: كتَبه، واكتتبْتُه: كتبْتَهِ قال تعالى: «اكتَتَبها فهى تُملى عليه بُكرةً وأصيلاً»، أىْ استكتبها، وتقول: أَكْتِبْنى هذه القصيدة، أى أَمْلِها عليّ، والكِتَاب: ما كُتِب فيه، والمكاتبة بمعنى التكاتب، وقيل فى نهى الرسول صلى الله عليه وسلم، عن كتابة الحديث عدم الجمع بينه وبين القرآن الكريم فى صحيفة واحدة، وإذا أُطلق الكتاب دلّ على: التوارة، والقرآن، وأطلقوا الكتاب على الصحيفة والدواة. وكتَّب الرجلَ وأكتبه إكتاباً علَّمه الكتاب. ورجُل مُكتِب: له أجزاء تُكتَب من عنده، والمُكتِب: المعلِّم، والمُكتِّب: الذى يعلِّم الكتابة، ويقال: رجل كاتب، والجمع كُتَّاب وكَتَبَه، وحِرْفَتُه الكتابة، والكُتَّاب: الكَتَبة، والكاتب: العالِم، والكِتْبه: اكتتابك كتاباً تنسخه. ومن أصل الجمع والضمّ كان الكتاب: فالكُتْبة الخرزة المضمومة بالسَّيْر، تُحْرَز به المزادة والقِربة والسِّقاء، كتبه كَتْباً خَرَزه بسَيْريْن، وشدُّ الفمّ حتى لا يقطر منه شىء، وشدُّ القِربة بالوِكاء، والكَتْب: الجمع، وجمع شفريْ البغلة بحلقة أو سَيْر، والحَزْم بحلقة حديد، وكتّبتُ النّاقةَ: صررْتُها. ومن الجمع: الكتيبة لما يجمع ولم ينتشر، والجماعة من الخيل، والجيش، والقطعة العظيمة منه، وتجمُّع الخيل، وهو الجمع بين الشيئين، ومنه قيل: َتبْتُ الكِتَاب لأنه يُجمَع حرفاً إلى حرف، وقَوْل ساعدةَ بن جؤَيّة:

لا يُكتَبون ولا يُكَتُّ عديدهمْ جعَلتْ بساحتهم كتائبُ أوْعَبوا

قيل معناه: لا يكتبهم كاتب من كثرتهم، وتكتّبوا: تجمعوا.

وشغل الكتابُ المفكرين والأدباء حتى قال المتنبى 

ولو قلمَّ أُلقيتُ فى شقِّ رأسه

من السُّقم ما غيّرتُ من خط كاتب 

وعن وسائل الكتابة، وموادها: تعددتْ بتعدد استعمالات العرب فى جاهليتهم بين:

1ـ سعفة النخيل، أو جريدتها إذا يبستْ، وجرّدتْ عن خوصها، وكانت عريضة، وتسمى عسبا وجمعها عسيب، أما أصلها الملتصق بجذع النخلة فهو الكرنافة، وجمعها كرانيف.

2ـ اللخاف، عظام أكتاف الدواب وأضلاعها.

3ـ الحجارة البيض الرقاق. قال تعالى:» والطور وكتاب مسطور فى رق منشور».

4ـ الجلود، وهى الرقاع، والرّق الذى رقّق، والأديم: الأحمر أو المدبوغ، والقضيم، وهو الأبيض، وهى من جلود الحيوانات كالماشية، والإبل، والأغنام، والماعز، بعد دبغها، وإزالة أوبارها، أو صوفها، أو شعرها، حيث تكشط، وتحكّ، حتى ترقّ، وعند اليونان كانت تسمى Diphterai، وهى كلمة يونانية ذات أصل فارسى قديم (دفتر)، ومنها أخذ العرب التسمية، والجمع دفاتر، مجموعة من الصحف، مضمومة، وكلمة الجفر، وهى الرقاق من جلود الماعز.

5ـ الصحف البيض من الحرير، قال تعالى:» إن هذا لفى الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى»، وقال تعالى: «رسول من الله يتلو صحفا مطهّرة»، وهى مهْرق، وجمعها مهارق، أو من القطن الأبيض، وهى الكرباس، وجمعه كرابيس، والجمع: الصحف، وهى كل ما يكتب عليه بقطعة واحدة، وعلى وجه واحد، والمصاحف، متميزة عن الصحيفة بالكتابة على وجهيها وتربط أطرافها، ويكتب على دفتى المصحف، وجمع القرآن على هذه الطريقة فسمى مصحفا، وعرف بـ(ال)، تعظيما.

6ـ السجلّ، وجمعه: سجلات، وتختلف عن الصحف بالمضمون المكتوب، وهى وثائق رسمية، أو حسابات تجارية، تحفظ مطويات، أسطوانية، ولا تكون من اللخاف أو الرقاق أو العسب، لصعوبة طيها، قال تعالى: «يوم السماء كطى السجل للكتب»، الأنبياء 104.

7ـ الكراسة، والجم: كراريس، مثل الدفتر، وتصغر عنه، وتضم موضوعا واحدا، أو جزءا من كتاب.

8ـ وأضيف، بعد ذلك، القباطىّ، وهو نوع من النسيج عرفه العرب بعد فتح مصر.

9ـ ورق البردى المصرى، كما سنفصل القول عنه، وعرف عند العرب بأسماء متعددة، مثل: أبردى، وخوص، وحفأ، وغافر، وأكثر أسمائه شيوعا هو القرطاس قال تعالى: «ولو نزّلْنا عليك كتابا فى قرطاس»: (الأنعام)، 7، و9، وقد تحدث أبن البيطار عن طريقة تجهيز البردى فى كتابه ( الجامع لمفردات الأدوية والأغذية).

10ـ الورق الذى اشتق اسمه من تسمية ورق الشجر.

* عضو المجمع العلمى المصرى وأستاذ النقد الأدبى بجامعة عين شمس.