رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لست خبيراً ولا حتى لدى معرفة بكرة القدم كثيرة، ولكن كل ما أعرفه أنها أصبحت أدمانًا للبعض، حتى أمست مباريات كرة القدم سواء محلياً أو عالمياً استثمارًا قويًا للمقاهى والكافيهات، الكل يشكو من غلاء الأسعار، لكن لا أحد يشكو من أسعار المشروبات فى المقاهي، حالة غريبة تلك التى أراها مع كل مباراة لكرة القدم وأنا أسير فى شوارع المحروسة.

شاشات العرض الضخمة تفترش الشارع بينما تصطف الكراسى ويجلس المشاهدون ليتابعوا أحداث المباراة، الكثير منهم أصبح خبيراً فى تلك اللعبة، يتحدث ويوجه اللاعبين، يصب غضبه، يفرح بتمريرة من لاعب لآخر، يضرب رأسه بكلتا يديه لضياع فرصة ربما كانت هدفاً لو استمع لنصائحه، الكل يعلم أن الفريق والمدرب لا يسمعهم، ولكنهم مستمرون فى التوجيه، عامل المقهى يأتى ليلبى طلبات البعض ويعرض خدماته للبعض الآخر، تنتهى المباراة ويذهب كل إلى حال سبيله، تشتعل مباراة أخرى على السوشيال ميديا بين الأصدقاء على الفيس بوك او غيره، تنهال بوستات التحليل والنقد وخلافه، تبدأ عملية صيد بعض اللقطات من الفيديوهات للمباراة، تتحول فى بعض اللحظات إلى مباراة فكاهية وسخرية بين البعض.

القضية تصبح أكثر حيوية على وسائل التواصل الاجتماعى لو كانت المباراة للمنتخب الوطنى أو بين قطبى الكرة فى مصر، الكل يفتخر بفريقه حتى ولو كان مهزوماً، لكن الانتماء للنادى يدفعه كثيرالدفاع عنه حتى ولو كان غير راض عن أداء فريقه، الانتماء والولاء لتلك اللعبة أصبح مثار تعجبى كثيراً، فكلما كانت المباراة قوية ونتائجها مؤثرة، كلما اختفت وتوارت بوستات غلاء الأسعار والشكوى من التضخم وأحداث غزة وغيرها من الأحداث والموضوعات الهامة التى تؤثر فى حياتنا اليومية، بل بعضها يؤثر مستقبلا على حياتنا.

أتعجب كثيرا من دفاعهم عن لاعب معين حدث لديه ظرف أثر على أدائه أو مشاركته، البعض يدافع والآخرون ينتقدون، سرعان ما تتحول المناقشة إلى قضية أساسية لوسائل التواصل الاجتماعى وربما تتحول قصة اللعب إلى توجيه اتهام لمنتقديه بأنهم يعملون وفقاً لأجندة اجنبية فى النيل من بطل قومى نفخر به.

كنت أشاهد فيلما أجنبيا وكان المشهد ان «س» يقابل صديقه «ص» فى حانة، ويريد أن يتحدث معه فى أمر هام جداً وسرى للغاية، الحانة مكتظة بالحضور، «س» يتردد كثيراً فى التحدث ويتلفت، ربما أحد الحضور ينتبه إليه، لكنه يفاجأ بأن كل الحضور ينظرون للشاشة أمامهم ويعطونه ظهورهم، وأصواتهم متداخلة ربما البعض منهم لا يسمع أخاه بجواره من قوة صوت الكلام وتداخله، يشير «س» لصديقه «ص» ان يخرجا خارج الحانة ليريد أن يحدثه فى أمر هام، يبتسم «ص» ويقول تحدث يا صديقى فكلهم عقول ميتة، الآن لا ينظرون إلا للمباراة ، لديهم ما يشغل عقولهم، تحدث ولا تعطى لهم بالا.

لست أنتقد كرة القدم ولا مشاهداتها ولكن أنتقد التغالى فى الانتماء لها وكنت أتمنى أن تكون توجيهاتهم بكلماتهم البسيطة موجهة لأنفسهم، أعجبتنى كلمة «اشتغل شوية يا اخي، بلاش الكسل اللى انت فيه» كلمة بسيطة قالها مشاهد للاعب يتكاسل فى تمرير الكرة، نظرت إليه وضحكت فهو نفسه موظف كثيرا ما يتغيب عن عمله أو ربما يكون فى عمله ولا يتواجد على مكتبه، أتعجب كثيرا من بوستاتهم والدفاع عن أنديتهم.

أتمنى أن أرى بوستاتهم تصبح رسائل لأنفسهم، وأن تبدأ عقولهم فى رؤية مستقبلهم خارجة من أفواههم أنفسهم، أتمنى أن تكون مباراة الحياة لهم، أهم من مباراة كرة قدم يتشاجرون عليها.

[email protected]