عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الكيان المحتل يتخبط.. ومصر شوكة في الحلق

د. خالد قنديل
د. خالد قنديل

تابع العالم كله منذ أيام انطلاق جلسات محكمة العدل الدولية في لاهاي للنظر في الدعوى التي تقدمت بها دولة جنوب إفريقيا ضد الكيان الصهيوني المحتل، تتهمها فيه بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وإنها المرة الأولى في تاريخ الاحتلال التي يواجه فيها الكيان الصهيوني اتهامات بجرائمه عبر ملف مكثف وواضح وشارح تقدمت به جوهانسبرج، بعد ما يقرب من مئة يوم من الحرب الإجرامية الشعواء على قطاع غزة والتي راح ضحيتها ما يقرب من 25 ألف شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين والهدم والتدمير والتهجير والدفع للنزوح في أجواء من الصقيع وندرة الطعام والماء، وبعد أن شهد العالم كله وخصوصًا الشعوب قبل الحكومات على هذه الفضيحة الإنسانية التاريخية وانتهاك سلامة وأمن مجموعة من البشر بعد احتلال أراضيهم لأكثر من سبعين عامًا.

وحول هذه الخطوة ومع استمرار الحرب القذرة، التي لا هدف من استمرارها سوى محاولات نتنياهو البائسة البقاء في مأمن من جميع الاتهامات التي تطاله أطول وقت ممكن، ومن ثم كان الهدف المعلن الذي يعرفون صعوبة تحقيقه هو القضاء على المقاومة واجتثاث حماس، كانت هناك العديد من المناورات والأصداء، منها الضربات الأمريكية والبريطانية، الموجهة لمواقع باليمن، وكانت وزارة الدفاع الأمريكية، قد أعلنت أن مقاتلات تابعة لسلاح الجو الأمريكي والبريطاني نفذت غارات بوابل من الصواريخ والطائرات بدون طيار يوم الثلاثاء الماضي، استهدفت مواقع تابعة للحوثيين في اليمن، وأكدت مصادر أن الغارات استهدفت عدة مدن يمنية من بينها الحديدة وصنعاء وتعز وصعدة، وذلك ردًا على استهداف السفن التي تعبر البحر الأحمر، والتي أعلن الحوثي من قبل أنها تأتي ردًا على انتهاك الإنسانية والقانون وعلى استمرار الحرب من الكيان الصهيوني المحتل على غزة.

ومن المفارقات في هذه الدائرة أن واشنطن لا تزال تحتفظ بالبرود الغربي والمماطلة والتزييف، والدفاع الضمني عن الكيان ورفض وقف إطلاق النار طوال الوقت، وهو ما أكده البيت الأبيض، حيث قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي في تصريحات له "لا نؤيد وقفا لإطلاق النار في غزة لأنه سيكون في صالح حماس"، تلت التصريحات التي جاءت بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لتل أبيب في خامس زيارة منذ اندلاع العدوان على غزة، والتي صرح من خلالها في مؤتمر صحفي بعد محادثات في تل أبيب، بأن الولايات المتحدة تعتقد أن دعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل "بلا أساس"، لكن العدد اليومي للقتلى المدنيين بغزة مرتفع للغاية.

إذن بلينكن والبيت الأبيض وأمريكا وشعب أمريكا يعترفون ويقرون ويشهدون على ارتفاع عدد الشهداء والضحايا من الأطفال والنساء والشباب ومن الطواقم الصحفية والطبية، ومع ذلك يرى أن دعوى جنوب إفريقيا في محكمة العدل بلا أساس. لكن مع كل هذا ترافعت جنوب إفريقيا ضد الاحتلال بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وطالب الفريق القانوني في أوراق الدعوى، المكونة من 84 صفحة، بأن يمتنع الاحتلال عن أي إجراءات أو قرارات تشمل التهجير القسري أو النزوح أو الحرمان من الوصول للمياه والغذاء، وعليها الكف عن قتل الفلسطينيين وإلحاق أي أذى جسدي أو نفسي بهم، ومنع تدمير الأدلة وعدم وضع أي قيود على بعثات تقصي الحقائق، وتعليق عملياتها العسكرية فورا في غزة، كما طالب بفرض تدابير مؤقتة بما في ذلك إصدار أمر للكيان المحتل بتعليق العمليات العسكرية فورا في غزة، ومؤكدا بأن هذه القضية مهمة جدا لمستقبل القانون الدولي مقارنة بأي قضية أخرى، ومشددًا على أن محكمة العدل الدولية يجب أن تتحرك فورا لمنع الإبادة الجماعية في القطاع.

ومن المفارقات أيضًا، عندما وجد الاحتلال نفسه متهمًا بأدلة موثقة بهذه الجرائم، وفي محاولات الإفلات من مسئولياتها كدولة احتلال، لجأ إلى إلقاء اتهامات مضحكة على مصر، زاعمًا مسئولية مصر الكاملة عن معبر رفح، وأن السلطات المصرية هي المسئولة عن دخول المساعدات دون موافقة تل أبيب، في محاولة للتنصل من اتهامات الإبادة الجماعية بحق أهالي غزة، وفي محاولة للهروب من الإدانة المرجحة من جانب المحكمة، وهي محاولة بائسة بالقطع من جانب الكيان المحتل الذي يشهد إذلالًا تاريخيا بهذه الإدانة المتوقعة بعد جرائمه التي نددت بها شعوب العالم أجمع، وهي محاولة بائسة من حيث تشير جميع التقارير، إلى أن معبر رفح مفتوح من الجانب المصري بشكل كامل لعبور المصابين والأفراد، وكذلك لإدخال المساعدات، وخلال 95 يوما دخل 7 آلاف طن أدوية ومستلزمات طبية، و4 آلاف طن من الوقود، و50 ألف طن مواد غذائية، و20 ألف طن من المياه، فضلا عن 12 ألف طن من الخيم ومواد الإعاشة، و88 سيارة إسعاف، فضلا عن زيارات مؤكدة منها زيارة الأمين العام للأمم أنطونيو جوتيريش الذي عبر عن حزنه الشديد بشأن الوضع الإنساني في غزة، وقال إن وراء المعبر الذي يفصل مصر عن القطاع، يوجد مليونا شخص يعانون بشكل هائل بدون ماء أو غذاء أو دواء أو وقود، وعلى هذا الجانب هناك الكثير من الشاحنات محملة بالماء والغذاء والدواء، هي الفارق بين الحياة والموت بالنسبة لسكان غزة، ونحتاج لتحريكها إلى الجانب الآخر بأسرع وقت ممكن وعلى نطاق واسع، وقال في مستهل اجتماع طارئ لمجلس الأمن إن العمليات العسكرية في غزة تحد من إمكانية وصول المساعدات للمحتاجين، وإن على المجتمع الدولي إنهاء معاناة سكان القطاع فوراً، وفي تفنيدها لتلك المزاعم أوضحت مصر أن الرئيس الأمريكي بايدن في الثامن من ديسمبر طلب من إسرائيل فتح معبر كرم أبوسالم من أجل مرور المساعدات التي تأتي إلى مصر حيث تفتش هناك.

إذن هو التخبط الذي يعانيه الاحتلال ورئيس حكومته المتطرفة، الذي يتبع منهج المناورة لإطالة أمد مواجهة مستقبله الغامض والسجن، وآخر هذه المناورات ادعاءاته بالتفكير في السيطرة على الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، والمعروف باسم محور فيلادلفيا أو طريق صلاح الدين، بحجة منع تدفق الأسلحة إلى غزة، وهو يعرف تمامًا أن مصر التي يريد أن يزج بها في المسئولية تضبط وتسيطر على حدودها بشكل كامل، وهي عمود الخيمة والشوكة التي ستظل في حلقه إلى أن يسترد الشعب الفلسطيني كامل حقوقه وأن يحاكم نتنياهو والكيان المحتل على كل تلك الجرائم.