رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مائة يوم من العدوان على غزة؛ ومهما كتب من سطور، تعجز الكلمات والمفردات عن وصف أكبر عدوان بربرى، همجى، غاشم فى العصر الحديث. 

الحرب الإسرائيلية على غزة هى انتهاك صارخ لأحكام ومبادئ القانون الدولى الإنسانى، وجرائم إسرائيل ضد الإنسانية ثابتة بالأدلة والقرائن والبراهين، يكفى للتدليل على مدى وحشية هذا العدوان وتجاوزه لكافة حدود المنطق، وقواعد الإنسانية، أن تعرف حتى كتابة هذه السطور أن حصيلة الشهداء تجاوزت حاجز الــ30 ألف شهيد خلال مائة يوم فقط.

فى المقابل والقياس مع الفارق نظام الفصل العنصرى فى جنوب أفريقيا، وبكل ما انطوى عليه من ممارسات عنصرية، غير إنسانية ضد الجماعة الأفريقية السوداء، بلغ عدد ضحاياه خلال الفترة من 1948 حتى عام 1994 نحو 21 ألف ضحية على مدى 46 عاماً متصلة!!! فأى وحشية يتعرض قطاع غزة وسكانه.

حجم الدمار الذى خلفه العدوان، جعل من القطاع خاصة شماله غير صالح للحياة لمدة عقد كامل قادم من الزمان، جل التقارير الغربية قبل العربية تشير إلى أن حجم الدمار فى القطاع يتجاوز ما خلفته الحرب العالمية الثانية، رفع ركام وأنقاض هذا الدمار فقط تحتاج لفترة تقترب من الخمس سنوات، وإعادة الإعمار فى حاجة لفترة تتجاوز عشر سنوات، البنية التحتية للقطاع تم تدميرها بالكامل. إسرائيل اتبعت ما ذكرته صحيفة «هآرتس» العبرية من سياسة «قتل المنازل» أو الــ«دوميسايد»، وهى السياسة القائمة على استحالة العودة مرة أخرى بعد نهاية الحرب، فالأرض محروقة، ولا يوجد مكان يمكن العودة إليه، وهو دمار لا مثيل له بالتاريخ الحديث؛ إسرائيل أسقطت على القطاع ما يقرب من 30 ألف قنبلة وقذيفة، وهى قوة تفجيرية تعادل قنبلتين نوويتين، دمرت ما يقرب من 100 ألف منشأة ومنزل فى غزة من إجمالى 439 ألف وحدة على مستوى القطاع، ونحن فى طريقنا إلى تدمير ما يقرب من 95% من القطاع، ومنشآته، وأحيائه، ومحو هويته وكأنه لم يكن. ليصبح أثر بعد عين..

وهى مائة يوم فاضحة كاشفة؛ فاضحة لخنوع وصمت رسمى دولى وغربى، والشعوب الغربية التى احتشدت فى الميادين للتنديد بالعدوان فضحت حكوماتها ومؤسساتها، وأسقطت أقنعة الزيف والبهتان، وأجندات حقوق الإنسان الغربية المزعومة التى تتستر وراءها الدول الغربية.

هى أيضاً مائة يوم كاشفة لموقف مصرى أصيل، ثابت وراسخ تجاه قضية قومية، رغم محاولات المزايدة تارة، والتشويه والتقليل تارة، والأكاذيب والإشاعات تارة أخرى. موقف وطنى، شعبى ورسمى، عبر بحق ومنذ الساعات الأولى للعدوان عن دولة ذات سيادة، لا تقبل أن ترضخ أو تتزحزح عن ثوابتها الوطنية ولو لقيد أنملة، ومهما كانت أو بلغت الضغوط.

القاهرة بحكم الارتباط التاريخى، والخبرة التاريخية بالقضية الفلسطينية جسدت مفهوم التضامن وحسن الجوار، شكلاً ومضموناً؛ سياسيا وإغاثياً، فضحنا مخطط التهجير، وواجهنا بكل قوة، وضعنا العالم أمام حقائق الممارسات الإسرائيلية، وما خلفها من مخططات. 

وارتكز الموقف المصرى على ثوابت ثلاثة رئيسية، وفقا للدكتور على الدين هلال فى استشرافه المهم فى دورية «السياسة الدولية» العريقة للموقف المصرى منذ بداية العدوان فى السابع من أكتوبر الماضى، وهي: إدانة الهجوم الإسرائيلى على غزة والمطالبة بالوقف الفورى للأعمال العدائية، رفض تصفية القضية والتهجير القسرى للفلسطينيين من القطاع، وإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وكما أشار الدكتور هلال، «طوال العقود التالية لنكبة 48، أصبحت القضية الفلسطينية محورا أساسياً فى سياسة مصر ومواقفها سواء على مستوى الدبلوماسية والعمل فى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، أو على مستوى المواجهة العسكرية».

هى مائة يوم مثلت اختبارا للإنسانية، رسب الكثير فى هذا الاختبار ونجحت مصر.