عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

مع ختام كل حقبة من عمر الإنسانية.. يبدأ موسم التدوين فى صفحات التاريخ.. تلك الصفحات التى لا تعرف إلا تصنيفين فقط.. صفحات الشرف والمجد وأخرى للخزى والعار.

وفى مهرجان التدوين التاريخى.. يأتى رونالد لامولا من أقصى جنوب القارة السمراء.. ليتقدم الصفوف آبيا إلا أن يذكره التاريخ تحت عنوان «سفير الإنسانية».. فى الوقت الذى تدافع فيه العشرات من الحكام والشعوب لحجز مقاعدهم فى قاع مزبلة التاريخ.

فلامولا «وزير العدل فى دولة جنوب أفريقيا».. والذى قاد مرافعة بلاده ضد جرائم الهولوكوست الإسرائيلى فى غزة أمام محكمة العدل الدولية.. ذلك الرجل الذى لا تربط بلاده بدولة فلسطين أية روابط من دم أو دين أو عرق أو جغرافيا.. أكد للتاريخ وللأجيال القادمة أن رابط «الإنسانية» وحده أقوى من أن يقبل بالصمت أمام مذابح ترتكبها ضباع مسعورة فى زى بشرى.. فجاءت كلماته أمام المحكمة الدولية كالسياط على «قفا» كل من صمتوا وتخاذلوا.. كالقنابل على رؤوس كل من دلسوا وتآمروا وخضعوا لسلطان وأموال وكلاء إبليس فى الأرض.. جاءت كلماته كزلزال مدمر لصروح الأكاذيب ودعاوى الحضارة والتقدم.

أعلم أن نظر محكمة العدل الدولية لمذابح الاحتلال.. لن يفضى إلى أى شىء على أرض الواقع.. وأن أقصى ما يمكن فعله هو رفع حكمها لمجلس الأمن.. ليصطدم بالفيتو المشبوه.. فيؤكد انتهاء دور الأمم المتحدة.. ويعيد الحديث من جديد عن نظامها وجدوى بقائها وتمويلها.. أعلم أن الحكم لن يعيد حقا لأصحابة ولن يعاقب مجرما على جرائمه.. لكن يكفى تلك المحكمة وقضاتها التدوين.. تدوين الإدانة فى التاريخ.. تدوين أسماء من تآمروا ومن تخاذلوا.. ومن أبت إنسانيتهم الصمت على تلك الجرائم.

وعلى خطى لامولا ودولته جنوب أفريقيا سارعت دول أخرى لطرح ذلك العار التاريخى عن كاهلها.. فى مقدمتها اسبانيا، بلجيكا، البرازيل، بوليفيا، ايرلندا، فنزويلا، كولومبيا، نيكاراجوا، ناميبيا، ماليزيا، وجزر المالديف.

تلك الدول التى أبت منذ اليوم الأول لمجازر الاحتلال ضد الشعب الأعزل أن يسجل التاريخ أنها رضيت بما يحدث أو صمتت.

وفيما يسعى العقلاء إلى ألا تطالهم شظايا ذلك العار.. كانت هناك حكومات دول تتسابق لسكب المزيد والمزيد منه فوق رؤوسها.. وتغوص فى وحل الجرائم والعار إلى القاع.. فلم يكتفِ حكام هذه الدول بافتضاح تبعيتهم ومصالحهم الخفية أمام شعوبهم فحسب.. بل منهم من سعى لمنع شعبه من التظاهر اعتراضا على المجازر.. ومنهم من اعتبر أن التعاطف مع طفل جريح أو رفض قصف المستشفيات وذبح الأطفال جريمة.. لكن هيهات أن تُقمع الشعوب الحرة.. وهيهات أن يخضع ضمير حى لنزوات الفاسدين أو من باعوا أرواحهم للشيطان.

كان هذا هو ملخص ما سيكتبه التاريخ عن جريمة الضباع المسعورة.. وكيف استقبل العالم تلك الجرائم.

أما من يتقاسمون مع الفلسطينيين التاريخ والجغرافيا والدين والعرض والعرق واللغة.. فلم أجد لهم ذكرا فى تلك الحقبة من التاريخ.. ربما كانوا أضأل من أن يراهم.. أو أن الفاعلين فقط هم من يلتفت لهم التاريخ.

وكان طبيعيا ألا أجدهم فى صفحات الشرف والمجد.. لكن الغريب أنى لم أجد لهم ذكرا أيضا فى صفحات الخزى والعار.. وبات جليا أنه الآن أمام معضلة فتح تصنيف ثالث على صفحاته لهم فى تلك الحقبة.. فرفض المجازر شرف.. وارتكابها ودعمها إجرام.. أما اللهاث خلف المجرمين.. تكريمهم.. الاحتفاء بهم.. محاولة إرضائهم.. مغازلتهم بصفقات قذرة.. احتضانهم بعلاقات مشبوهة.. كل هذا يقف التاريخ عاجزا عن وصفه.. وأقف هنا عن الحديث تنزيها لقلمى.