عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«الدم بقى ميه»

بوابة الوفد الإلكترونية

المهندس قتل أسرته للميراث.. وموظف البحث العلمى يحرق والدته بسبب جريمة مخدرات

خبير علم النفس: إدمان المخدرات واختلال العلاقات الاجتماعية وراء الجريمة

عالم أزهرى: «العنف الأسري» ليس ظاهرة ..لابد من زيادة الوعى وإعلاء قيم صلة الرحم

 

 

ما بين إدمان المخدرات والطمع فى الإرث واختلال العلاقات الاجتماعية، شهد وقوع حدوث مآسى بشعة بين أفراد الأسرة الواحدة، وصلت لحد القتل والتناحر، بعدما انسياق الجناة وراء شيطانهم اللعينة ،سولت لهم أنفسهم القتل وسفك الدماء، لتتجسد أمام هذه الوقائع الفردية المروعة عبارة «الدم بقى ميه»، التى تصل فى بعض الأحيان للقتل وأحيانًا أخرى لساحة المحاكم.

جرائم بشعة نفذها أفراد الأسرة الواحدة ضد أحدهم «ابن قتل أمه وآخر قتل أسرته وأم تقتل نجلتها» وغيرها من الجرائم البشعة..كلمات مخيفة ومروعة ولكنها حدثت بالفعل بعدما تقطعت صلة الأرحام والتواد أمام مرتكبى هذه الجرائم، وأعمى الشيطان أبصارهم وختم على قلوبهم، فقد شهدت القاهرة خلال الأيام القليلة الماضية ٣ جرائم قتل هزت الرأى العام، وخاصة انها كانت جرائم أسرية انتهت بخراب البيوت، راح ضحيتها أشخاص تاركين وراءهم حسرة وأسى وجروحا فى القلوب، وإيداع الجناة فى الكلابشات خلف قضبان السجن لينالوا جزاء ما اقترفته أيديهم، نادمين على سفك دماء أعز ما لديهم، ولكن لا ينفع الندم بعد فوات الآوان!!

الجريمة الأكثر بشاعة، حدثت فى منطقة دار السلام جنوب القاهرة، الجانى هو «الابن العاق»، الذى تحول إلى سفاح بارع، قتل والده ووالدته وشقيقه وشخص آخر طمعا فى التركة.. هذا السفاح فى مقتبل العمر 26 سنة، خريج كلية هندسة ارتكب مأساة شيطانية يندى لها الجبين، حيث استغل القاتل جهل وثقة والده فيه، وخدعه ليستولى على التركة لوحده قدم له أوراقا على انها خاصة بالعمل ولكنها كانت عقود تركة والده لصالحه، وقع الأب ضحية فى يد ابنه لجهله بالكتابة فلم يعى ما تحويه الأوراق، عندما اكتشف الأب جشع نجله الطماع ورفض تصرفات نجله، وعاتبه على ما فعله لعله يعود لرشده وصوابه، لم يؤثر العتاب الابوى فى نفس الابن العاق، واجه عتاب والده بإطلاق النار عليه واخترق الرصاص قلب الأب ليسقط جثة هامدة فى بركة دماء.

لم يكتف الشاب المهندس بذلك بل امتد فى إجرامه وقتل والدته وشقيقه وصديقا لهم فى مجزرة أسرية، أبكت العيون وأدمت القلوب، دون ندم أو حسرة لمحاولة انقاذهم، أخفى الابن المتهم معالم جريمته البشعة، وقام بالتخلص من جثامين عائلته ودفنهم داخل المنزل فى مصاطب خرسانية، أعدها لذلك الغرض الآثم.

ظن القاتل أنه لن ينكشف، ولكن الأجهزة الأمنية نجحت فى كشف طلاسم الجريمة البشعة، وألقت القبض على الابن القاتل، وأقرا بقتله لوالده وأمه وشقيقه وصديقه وأرشد عن مكان إخفائه الجثث وتم استخراجها، واقتادت قوة أمنية المتهم الى مسرح الواقعة ومثل جريمته أمام جهات التحقيق التى قررت حبسه.

الجريمة الثانية حدثت فى منطقة دار السلام ايضًا، حيث تجردت «أم» من معانى الإنسانية والآدمية، وقتلت ابنتها بدم بارد، بررت جريمتها أنها انتقمت من ابنتها المجنى عليها بعدما وجدتها تشاهد الأفلام الإباحية، تكشفت الجريمة البشعة بورود بلاغ لقسم شرطة دار السلام، بوجود جريمة قتل داخل شقة بمنطقة دار السلام، انتقلت الأجهزة الأمنية، وعثر على جثة مراهقة عمرها 13 سنة مصابة بطعنة سكين فى الظهر، بعمل التحريات تبين أن وراء ارتكاب الواقعة والدتها وعمرها 32 سنة، وأقرت المتهمة خلال التحقيقات أنها تعدت عليها بعدما شاهدت الأم ابنتها تشاهد الأفلام المنافية للآداب، وأمرت جهات التحقيق بنقل الجثة الى المشرحة، وكلفت مصلحة الطب الشرعى بإعداد تقرير واف بأسباب الوفاة ، وقررت حبس الأم المتهمة.

لم تمر سوى أيام على حدوث هاتين الجريمتين، حتى ضج الرأى العام بجريمة اشعال موظف النيران فى جسد والدته، حيث تلفع المتهم بعباءة الشيطان، وقتل والدته وسكب على جسدها «البنزين»، وأشعل فيها النيران بسبب خلافات بينهم بعدما رفضت المجنى عليها، إعطاءه أموالا لشراء المواد المخدرة فكان القتل هو جزاء ست الحبايب من ابنها العاق!.

تلقت مباحث القاهرة بلاغا بالواقعة، وعلى الفور انتقلت أجهزة الأمن لمسرح الجريمة، وبالفحص تبين قيام نجلها 37 سنة محاسب بوزارة البحث العلمي، بسكب البنزين على والدته واشعال النيران بسبب رفضها إعطاءه مبلغًا ماليًا لتعاطى المخدرات، وألقى القبض على المتهم، اعترف المتهم بارتكاب جريمته تفصيليا، بنشوب مشاجرة بينه وبين والدته بسبب رفضها منحه أموالا لشراء «الكيف» المخدرات، قام على أثرها الابن القاتل، بسحب بنزين من سيارته ،ثم قام بسكبه على والدته وأشعل النيران فى الشقة، فقام بالانتقام منها وإنهاء حياتها، وحاول الإفلات والتنصل من جريمته، والابلاغ بأنها واقعة حريق، ولكنه انكشف وتم إيداعه خلف قضبان السجن لينال جزاء قتله ل»ست الحبايب».

هذه الجرائم المفزعة تنذر بكوارث تستدعى الوقوف امامها والتفتيش فى أسبابها ودوافعها، وفى هذا السياق تواصلت «الوفد» مع خبراء علم نفس وعلماء الدين ..قال الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسي، إن أغلب هذه الوقائع الإجرامية الفردية التى يشهدها المجتمع، تعود فى الأساس نتيجة لاضطراب الثقافة فى المجتمع، وحدوث خلل وضعف العلاقات الاجتماعية فى الأسرة الواحدة، والانفلات الأسرى لانهيار النسيج العائلى المتعارف عليه فى المجتمع بسبب الاختلال النفسى والعقلى والضغوط الاجتماعية ، وتابع : هذه بوادر لحالات فردية ولكنها تدق جرس إنذار:« خدوا بالكم صلحوا الغلط قبل تفاقم الأمر» .

موضحًا، أن إدمان المخدرات من أبرز الأسباب التى تدفع الفرد إلى العنف وارتكاب الجرائم، إضافة إلى تقليد سلبيات السوشيال ميديا والأعمال الدرامية الهابطة، خاصة عند فئة الشباب والمراهقين، وأساليب التنشئة الاجتماعية الخاطئة، وفقدان الروابط الأسرية، وضعف الإيمان بالله والوازع الدينى، والاختلال العقلى والنفسى والضغوط الاجتماعية والنفسية والظروف الاقتصادية.

أوصى فرويز بضرورة زيادة نشر الوعى الصحيح، وترسيخ قيم ومبادئ المجتمع السليمة لتوعية الناس، من خلال الإعلام والأعمال الدرامية الهادفة ودور العبادات ووزارة الثقافة، لعقد ندوات مكثفة فى كافة المناطق والمدن والأرياف تستهدف كافة فئات المجتمع لمعرفة القيم المجتمعية وتوعية الأسر والشباب.

قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن العنف الأسرى ليس ظاهرة تحدث دائما فى المجتمع المصرى،فالجريمة موجودة من خلق البشرية، وعلل زيادة جرائم القتل وخاصة بين أفراد الأسرة الواحدة، نتيجة لضعف الوازع الديني، وتراجع مكارم الأخلاق، فأصبح هناك استهانة بالدماء، وتابع كريمة: الشراسة فى هذه الجرائم لم تكن موجودة فى الشعب المصري، بل هى وحشية جديدة على مجتمعنا، وذلك نتيجة قلة الوعى وضعف اللحمة الاجتماعية والتفكك الأسرى متسألاً: فين اخلاقنا وعادتنا القديمة ! فين تجمع الاسر على طبلية واحدة !.

وطالب «كريمة»، بضرورة إعلاء قيم صلة الرحم والتواد بين الناس وخاصة الأقارب، لتقوية العلاقات الاجتماعية، وتدشين ندوات مكثفة فى الجامعات والمدارس لنشر الوعى الدينى السليم ومكارم الأخلاق، من خلال مؤسسة الأزهر، ودور العبادات فى المساجد والكنائس، علاوة على التوعية الإعلامية من خلال البرامج الهادفة لبناء الأسرة، والتدابير الاحترازاية لمعالجة المشكلات الاجتماعية والأسرية بدلاً من مضاعفاتها قبل تفاقم الأمر، والقضاء على الإدمان والمخدرات، وأيضا التوعية المجتمعية، والتوعية من خلال المدارس والجامعات.