رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

المستشار حسن حسانين فى حوار لـ«الوفد»: حاكمت «مبارك» ونجليه خلال 3 جلسات وكتبت حيثيات الحكم بـ 70 صفحة

بوابة الوفد الإلكترونية

عملًا بمبدأ «روح القانون».. أصدرت حكم بالبراءة لمتهم رغم اعترافه 

نحتاج تطوير التشريعات وتغليظ العقوبة فى الجرائم الإلكترونية

يجب توثيق الطلاق لحماية الأسرة المصرية

الدراما مليئة بالمغالطات الخاصة بمهنة القضاء

 

تاريخه حافل بالأحكام القضائية فى عدد من القضايا التى شغلت الرأى العام، وأشهرها القضية التى عرفت إعلامياً، بـ«القصور الرئاسية»، والتى اتهم فيها الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك ونجليه «علاء وجمال»، وأصدر حكمه عليهم بالحبس 3 سنوات وتغريمهم متضامنين فيما بينهم 125 مليونًا و779 ألفًا و237 جنيهًا و53 قرشًا، وإلزامهم متضامنين برد مبلغ قيمته 21 مليونًا و197 ألفا و18 جنيهًا و53 قرشًا إلى الخزانة العامة للدولة.

داخل منزله بمدينة الشروق، وعلى مدار أكثر من 120 دقيقة، فتح المستشار حسن أحمد حسانين رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، خزينة أسراره لـ«الوفد»، فى حوار غلبت عليه روح القانون وتفسير لكثير من النصوص والقواعد القانونية، فإلى نص الحوار:

 حدثنا عن قضية القصور الرئاسية والحكم فيها؟

- محاكمة الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك ونجليه جمال وعلاء، لم تستغرق معى سوى 3 جلسات، الأولى كانت للنيابة وتلاوة أمر الإحالة، والجلسة الثانية كانت للدفاع والمدعى بالحق المدنى، والثالثة نطقت بالحكم وهو السجن المشدد 3 سنوات، فى مايو 2015، والذى أيدته محكمة النقض فى يناير 2016.

 

كتبت حيثيات الحكم فى 70 صفحة، لأنها قضية للتاريخ، ولن تتكرر كثيرًا، وكانت فيها إضرار بالمال العام، وأُسندت إلى هذه القضية لأنها ضمن اختصاصى، وبالتحديد خبرتى فى قضايا المالى العام التى امتدت لـ11 عامًا، إلى أن توليت محامى عام لنيابة الأموال العامة العليا، بعد عمل قضائى طويل.

 ما أبرز المواقف التى تتذكرها من محاكمة الرئيس مبارك؟

- المحاكمة كانت فيها بعض المواقف والمفارقات التى لا أنساها، منها عندما كان المحامون والمدعى بالحق المدنى، يذكروننى كقاضى المنصة بسيدى الرئيس، ورئيس الدولة «مبارك» موجود فى قفص الاتهام، وسعدت كثيرًا بعد مرور عام على المحاكمة، وأيدت محكمة النقض الحكم، وهذا معناه أن حكمى على المتهمين لا يوجد به ثغرة ليُنقض بها الحكم.

هل دار حوار بينك وبين الرئيس الراحل مبارك؟

- لم أتجاوز حدودى القانونية، فسألته عما أسند إليه، وأجاب بالنفى، وكذلك نجلاه جمال وعلاء، وهذه طريقتى فى التعامل مع جميع المتهمين، فهو بالنسبة لى متهم عادى مثل باقى المتهمين، فلم أنظر إلى أنه رئيس دولة، ولم أضعها فى اعتبارى نهائيًا، لأنى مطالب بحكم القانون بصرف النظر عن شخص المتهم.

 أصدرت حكمك فى 3 جلسات.. لماذا؟

- كان من الممكن أن أطيل مدة التقاضى، مثل تخصيص جلسة لفض الأحراز، وأُجزيء مرافعة النيابة على جلستين، وكان من الممكن أجزيء مرافعة الدفاع، لكن وضعت فى اعتبارى أن القضية لا تطول، لأننى أعانى من الصخب الإعلامى، كما أن طبيعة القضية فرضت على أمور أصعب على التعايش معها منها، التواجد الأمنى والمكثف وكاميرات المراقبة، وكل تحركاتى يجب أن تكون فى تأمين مشدد، وأنا أحب التحرك بحرية.

ما هى القضايا التى حكمت فيها ولن تنساها؟

- الأولى كانت قضية اغتصاب، فى عام 2013، المتهم فيها أب، والمجنى عليها ابتنه والتى أنجبت طفلا، بالمخالفة لكافة الأديان السماوية، ولم أكن أتخيل أن مثل هذه الجريمة يمكن أن تحدث، واحترت فى نسب الطفل هل ينسب إلى والده ويكون شقيق والدته، فكانت من القضايا الشاذة التى مرت على فى حياتى القضائية، وقررت أن يودع الطفل فى دار أيتام، وتمت تسمية باسم اعتبارى، وحكمت على المتهم بأقصى عقوبة.

القضية الثانية، قضية مخدرات رغم كبر الكمية المضبوطة، وعلى الرغم من وجود إذن بالتحريات وإذن بالضبط، قضيت فيها بالبراءة، بسبب وجود خطأ فى الإجراءات، ففى هذه الواقعة أثبت الضابط فى محضره نوع السيارة واسم مالكها، وكمية المخدرات الموجودة، فكان تاريخ القبض سابقًا لتاريخ إذن النيابة بالضبط والتفتيش، وكانت هذه ثغرة فى القضية، وللأسف لم يثرها دفاع المتهم، والمحكمة تبينت من هذه النقطة وحكمت بالبراءة، فلم أنظر إلى كمية المخدرات، ولكن إجراءات الضبط التى لم تكن سليمة.

 بعد ما استعرضنا من قضايا فى الذاكرة.. هل نحتاج لتعديل بعض القوانين والتشريعات؟

- لابد أن تتطور القوانين مع مستجدات الحياة، فهناك جرائم استحدثت منها الجرائم الإلكترونية التى لم تكن موجودة بالماضى، فلابد من تعديل تشريعي يواكب هذا التطور الزمنى وتطور الجرائم، فإذا لم يتطور القانون مع المجتمع ومتطلبات الحياة فيكون هناك قصور فى القانون، وبالتالى التعديلات التشريعية مطلوبة فى كل وقت حتى تساير وتواكب الحياة المتسارعة، كما نحتاج إلى تغليظ العقوبة فى بعض الجرائم التى تفشت فى المجتمع، منها الحيازة والإتجار فى السلاح والمخدرات، لأن تغليظ العقوبة سيساهم فى الحد منها.

< هل أصدرت حكمًا بالإعدام من قبل؟

- إذا رأى القاضى أن الحكم الواجب فى القضية التى ينظرها، هو الإعدام، فيجب أن ينطق به، ولكنى وطيلة حياتى القضائية، لم أقض بإعدام متهم، وأقصى عقوبة قضيت بها فى جرائم المخدرات، هى السجن المؤبد.

هناك مصطلحات متداولة مثل «روح القانون.. وشاهد ملك».. كيف تراها؟

- روح القانون مسألة هامة جدا، ويحضرنى الآن قضية وأنا فى بدء حياتى القضائية، كنت قاضى جنح، وعُرض علىّ متهم فى واقعة بناء بدون ترخيص، وكانت العقوبة فى ذلك الوقت الحبس الوجوبى، وإزالة المبنى وغرامة، وكان من الغريب فى القضية اعتراف المتهم بالجريمة أمامى، وبالنظر إلى طبيعة المبنى محل المخالفة، وجدتها مقبرة، وقال المتهم «والدى توفاه الله، ومعى شهادة الوفاة وتاريخ المحضر»، فلم يكن أمامه إلا تكريم جثمان والده ودفنه، فمع اعترافه بالمخالفة القانونية وثبوتها فى حقه يقينا، إلا أننى استعملت روح القانون فى ذلك الوقت، وقضيت بالبراءة، وهذه هى العدالة بمعناها الحقيقى، فليست العدالة تطبيقًا جامدًا لنصوص القانون المجردة.

أما بالنسبة لمصطلح «شاهد ملك»، فلا يوجد فى القانون، ما يسمى بالشاهد الملك، لكنه مصطلح تعارف عليه الناس من الدراما، ويعنى أن شاهدًا كان فى الأصل متهمًا، ولكن باعترافه بالجريمة، فيصبح غير متهم، فيسمى شاهد ملك.

 كيف ترى تناول الدراما لمنصة وعمل القاضى؟

- تناولت الدراما منصة القضاء بشىء مختلف عن الحقيقة، فهى تعبر عن المحكمة ومنصة القضاء، بحوار الدفاع مع المتهم والمجنى عليه، أو نقاشات بين القاضى والمتهم، حتى تجذب المشاهد، لكن نحن فى القضاء، ليست مهمتنا جذب المشاهد أو الإعلان عن أنفسنا، وهذه المغالطات بسبب عدم الرجوع إلى أهل المهنة أثناء الكتابة أو صياغة السيناريو والحوار.

هل كنت تسمح بحضور الإعلام لتغطية القضايا؟

- إذا كانت القضية كبيرة ومهمة، وتقدموا بطلب لحضور الجلسة، فأسمح لهم بالحضور، لأن حق الإعلام نقل ما يدور فى الجلسات والأحكام للرأى العام، فلا أمنع الإعلام من حضور القضايا نهائيًا، لكن من غير المقبول أن يوجهوا لى أسئلة خلال الجلسة ولكن بعدها من الممكن.

هل تهتم بقضايا الأحوال الشخصية؟

- رغم أنى قاضى جنايات، إلا أننى، أصدرت كتابًا يحمل اسم «الخلع شرعًا وقانونًا»، لعشقى للأحوال الشخصية، فأول قانون للخلع كان قانون رقم 1 لسنة 2000، وكتابى أول مؤلف يتناول الخلع ويشرفنى ذلك.

 ما رأيك فى توثيق الطلاق؟

- للأسف أثيرت هذه القضايا عندما خربت الذمم، فنرى الزوج يطلق ثم ينكر واقعة الطلاق، ومن وجهة نظرى لابد من توثيق الطلاق فى المحكمة، لكن ستحدث مشكلة شرعية، إذا أوقع الزوج يمين الطلاق ولم يوثقه، فما حكم الزوجة، فالتساؤل هنا هل هذه السيدة مطلقة أم لا، وللخروج من هذا المأزق، يجب أن يكون هناك ضمير لدى الناس، وأنا من أنصار المطالبة بتوثيق الطلاق، حتى تستوفى الزوجة حقوقها، فالتوثيق يحمى الزوجة والأولاد.

 ماذا تفعل الزوجة إذا رفض زوجها التوثيق؟

- تذهب الزوجة إلى المحكمة وتثبت الطلاق، وفى حالة غياب الشهود، وعجزت الزوجة عن الدفع بدليل يؤكد وقوع الطلاق، توجه له اليمين الحاسمة، ما إذا طلق من عدمه.

 كيف يساهم التحول الرقمى فى خدمة التقاضى وتحقيق العدالة الناجزة؟

- لم أعاصر التحول الرقمى فى التقاضى خلال سنوات عملى، لكنه يساهم فى الإسراع من وتيرة القضايا، ويساعد القضاة كثيرا فى حالات تجديد الحبس، وكذلك لا يحتاج إلى انتقال المتهمين إلى المحكمة مع كل إجراء، مع تحقيق كافة الضمانات المكفولة لهم فى القانون، مما يوفر تكلفة مادية ومعنوية، ويقلل من استنفاذ جهود وزارة العدل والداخلية فى هذا الملف من حراسات مشددة، واستنفار أمنى فى حالة المتهمين الخطرين.

 ما رأيك فى وجود محاكم بمراكز الإصلاح والتأهيل؟

- فكرة ممتازة فكنت أذهب إلى «سجن ليمان طرة»، وكانت هناك قاعات مجهزة تجهيزًا كاملًا، تضمن حراسة كاملة لهيئة المحكمة، وتضمن للمتهمين تواجدهم فى مقر محبسهم، فهى فكرة مفيدة للجميع، فانتقال القضاة إلى مراكز الإصلاح وتأمينهم أيسر من نقل المتهمين.