رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مسار القهوة

«كيف أعلمه وهو لا يحبني!» هذا ما قاله سقراط عندما أراد أن يرسم لنا دستور العلاقة بينه وتلاميذه، فالوصول لقلب الطالب أهم من الوصول إلى عقله؛ فلن تصل إلى عقله حتى تدخل قلبه.

إن احترام الطالب لأستاذه عندما يكون مبنيًا على الحب والتقدير أفضل من الاحترام المبنى على الخوف، لقد تعودنا طوال رحلة التعليم أن الطالب يجب أن يحترم أستاذه خوفًا من العقاب، وحجم المقرر الدراسى، ومستوى سهولة الامتحان، والدرجات التى يحصل عليها فى كل مادة، فلا تكون المحصلة النهائية لهذا الخوف إلا إنسانًا غير سوى بلا عقل وبلا حياة، ليس لديه سوى مشاعر الكره لأساتذته وللآخرين، وتكون النتيجة شباب لم يعيشوا مرحلة شبابهم التى من المفترض أن يتعرفوا من خلالها على مفردات المجتمع، أما على المستوى الإنسانى فقد تعودنا أنه من غير المقبول أن يقترب الأستاذ من طلابه ليشاركهم أحلامهم وطموحاتهم، ويسمع منهم مشكلاتهم ويساهم فى حلها، ويتفاعل معهم اجتماعيًا عبر مواقع التواصل الاجتماعى وفى مواقف الحياة اليومية، ومن هنا يجب أن يتشكل الخيط الرفيع الذى ينسج رسالة الأستاذ، ذلك الخيط المغزول من المشاعر الإنسانية والإحساس بالطالب كشاب فى مقتبل عمره من المفترض أن يعيش أجمل مراحل حياته، وله الحق فى أن تتوفر له كل سبل الاطمئنان، فالأستاذ أب وصديق لطلابه، داعم لهم، مستمع جيد لأحاديثهم، معاونا لهم فى مواجهة مشكلاتهم، مرشدهم فى معترك الحياة.

لقد حثنا رسول الله على التبسط فى تعاملاتنا، فعن عبدالله بن مسعود قال: «قال رسول الله» ألا أخبركم بمن يحرم على النار، أو بمن تحرم عليه النار؟، تحرم على كل قريب هين لين سهل». بمعنى أنك تستطيع أن تتكلم مع هذا الإنسان بسهولة، وعندما تعتذر له يقبل منك الاعتذار دون أدنى صعوبة، فيكون قريبًا من القلب قريبًا للناس.

ومن هذا المنطلق حرصت على مدى سنوات عديدة أن لا أكون سببًا فى أن يكره طلابى الدراسة، دائمًا أخبرهم بأنهم هم الأساس وأَنّى هنا من أجلهم، لا أعاملهم كأطفال، ولا أعاقبهم، لا أجعل همهم الدرجات فقط، لا أرهقهم بأعمال غير مجدية، ولا أكون عقبة فى طريق نجاحهم، أسمح لهم بإدخال الشاى والقهوة والطعام إلى قاعة المحاضرات، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على نظافة القاعة، أمنحهم دائمًا ١٠ دقائق آخر المحاضرة لأستمع إليهم، لا أمانع فى أن أجلس معهم فى المقهى نتجاذب أطراف الحديث ونناقش مشكلاتهم وموضوعاتهم المهمة جدًا بالنسبة لى، وأعيرهم كتبى وأساعدهم فى مواجهة صعاب حياتهم، أرد على مكالماتهم، وأكلمهم بتبجيل وكأنهم أساتذة مثلى، أعاملهم كأصدقاء لى قبل أن أكون أستاذهم، وأذهب لعزائهم وكذا أفراحهم، بعبارة أخرى هناك حواجز وحدود، ولكن ضمن المعقول!

قد تتعرض للنقد (غير البناء عادة، وغير المهم على الإطلاق) وللهجوم أحياناً، فكيف يكون الأستاذ صديقًا لطلابه؟! كيف لا يرتعب الطلاب من مجرد سماع اسم الأستاذ؟! كيف لا تتباهى كأستاذ بعدد من يرسبون فى مادتك؟! كيف يظل باب مكتبك مفتوحًا لكل طلابك؟! كيف لا يتردد الطلاب فى الجلوس معك وطلب النصيحة؟! كيف يضحك الطلاب معك من قلوبهم بدون ذعر أو رهبة؟! قد تتعرض للنقد؛ وهذا ما يجعلك تثق تمامًا أنك على الطريق الصحيح.