رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

وكأن الأمر لا يعنيهم، بتعبير أ. هيكل لا حدود «للتجريف» الذى اجتاح المحروسة فى عهد مبارك. مصر كان «لسة فيها الرمق» حتى ٢٠١١. كان يمكنها أن تخلق البديل، كونها بلدًا ولودًا، وتدفع به إلى صفوف المقدمة، فلا تتعمق تلك الفجوات الرهيبة التى تمزقنا كلما رأيناها فى مجال أو قطاع. غابت الديمقراطية أو غيبت، واحتكرت السلطة والثروة والنفوذ، وقمع الناس سنوات.. وانسحق المجتمع وبات تحت رحمة القطيع، فلما تمرد الناس وعلا صوتهم وهددوا بأن «يقلبوا عاليها واطيها»، قال فى إنكار واضح: «خليهم يتسلوا»!

طعنت مصر فى تلك اللحظة، على مدار سنوات، أهملت أعمال التحديث والتطوير والتقدم.. حُجِب المستقبل، ووئدت الديمقراطية وحقوق الإنسان، سقطت مصر ومبدعوها فى هوة التجريف السحيقة، التى أكلت من عقلها ووجدانها الأخضر واليابس! مصر التى كان فيها نجيب محفوظ ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم (وهو بطل واقعة بيان الأدباء الشهير الصادر عام ١٩٧٢، والذى طالب السادات بأن يحسم حالة اللا سلم واللا حرب) ومحمود العالِم وزكى نجيب محمود و«كتيبة» كبيرة من المبدعين من الشعراء والروائيين والقاصين والكتاب والسياسيين والمفكرين، من وزن سمير امين ورمزى زكى والسيد يسين وكامل زهيرى ولطفى الخولى إلخ.. لم يبق منها اليوم إلا بعض الكبار، وبعض من كبروا عصاميين، ممن يقاومون الجهل فرادى ومن دون أن يسند لهم أى دور أو نستفيد منهم بأى أفكار! يؤتى– مثلًا- بوزراء ثقافة بلا تاريخ ثقافى مرموق، فلا يطاولون قامة ثروت عكاشة، ولا يوسف السباعى أو سعدالدين وهبة.. ولا حتى فاروق حسنى! لا يوجد عمل ثقافى مصرى جماهيرى منظم. القادرون على الفعل الفكرى والثقافى كل منهم يعمل بشكل فردى منفصل، وبلا تناغم وبلا أى جامع مشترك بينهم، رغم فداحة اللحظة التى نواجهها! لا ترى أو تسمع للمثقفين أو المبدعين صوتًا فى مقاومة العدوان على غزة. على استحياء يصدر بيان هزيل وتقام فعالية أو اثنين فى اتحاد الكتاب! وتحاول نقابة الصحفيين أن يكون لها دور، فتقيم يومًا لفلسطين، ولكن أين صوت المثقف؟ ومثله أين النقابات والأحزاب؟ أين المثقفون فى نوادى الأدب ومؤسسات قصور الثقافة ومركز الترجمة وهيئة الكتاب ووزارة الثقافة نفسها! كنت أتوقع أن يكون هذه المضمار هو الأهم والأكثر ثراء وقيادة للحركة الثقافية. فتعقد ورش عمل من منظور قومى وطنى، للكتابة والشعر والرسم، وتقام معارض للكاريكاتير وندوات فى دور النشر الخاصة، وفى كليات الأداب والإعلام والاقتصاد. الحقيقة أن الجسد الثقافى حتى لم يعرف، بالحوار الذى جرى بين «أدونيس» وثلة من المبدعين والمفكرين العرب فى هذا الإطار! لم يشعر المثقف المصرى -ربما لأول مرة فى تاريخه- بأن له دورًا يجب القيام به! لا ننزع عنه شعوره بقسوة وبشاعة القتل والتدمير وإزهاق الأرواح.. لكن من أسف أن الكيان الثقافى لم تصدر عنه كلمة أو دعوة لإقامة فعالية يستلهم موضوعها من قسوة اغتيال الأطفال.. أو من إزهاق أرواح ١٤ ألف شهيد من بينهم ٤٥ صحفيًا! سقط المثقفون، وإن ارتقت إلى قمة اللحظة بعض الملتقيات والصالونات الثقافية، محاولة أن تنضوى عن المثقفين ثيابهم المرقعة بالسقوط!