رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فكرة أن ألمانيا تعانى من جرعة زائدة من Vergangenheitsbewältigung المصطلح الألمانى للتعامل مع الماضى النازى ليست جديدة. لقد ادعى اليمين المتطرف لعقود من الزمن أن ألمانيا مقيدة سياسياً بشكل مفرط بسبب العار الوطنى. وفى هذا السياق، يرفض حزب البديل من أجل ألمانيا اليمينى المتطرف ثقافة الذكرى فى ألمانيا باعتبارها مجرد عبادة الذنب. ويريد حزب البديل من أجل ألمانيا، الذى تبلغ نسبة تأييده فى استطلاعات الرأى نحو 20% على مستوى البلاد التقليل من التركيز على الجوانب المظلمة لتراثهم والتركيز على الجانب المشرق من تاريخهم.
ومن المثير للدهشة أن التفنيد اليمينى المتشدد لمسئوليتهم التاريخية أصبح شائعاً على الجانب الآخر من الطيف السياسى. أصبح شعار «حرروا غزة من الذنب الألمانى» شعاراً شائعاً يردده اليساريون فى المسيرات المؤيدة للفلسطينيين فى برلين.
عندما تتضافر قوى اليمين المتشدد واليسار والمستبد، فإنك تعلم أن هناك خطأ ما. دعونا نكن واضحين: لا يحتاج الساسة الألمان إلى التحرر من التاريخ حتى يتمكنوا من الإبحار فى المناقشة الدائرة حول الحرب فى غزة. إنها أسطورة أن ألمانيا لا تنتقد فى دعمها للحكومة الإسرائيلية.
جميعنا يعلم أن ألمانيا غارقة فى الندم التاريخى إلى الحد الذى يجعلها غير قادرة على فهم واقع الشرق الأوسط. إن موقف ألمانيا المؤيد لإسرائيل بشكل غير مشروط تقريباً يضع برلين فى صراع مع العديد من شركائها الأساسيين. 
وعندما استخدمت إسرائيل العنف المفرط فى حروبها السابقة فى غزة، أثارت ألمانيا مخاوف عامة. وانتقدت برلين باستمرار توسيع المستوطنات. قبل أكثر من عقد من الزمن، وصف وزير الخارجية آنذاك، زيجمار جابرييل، الوضع فى الخليل (فى الضفة الغربية المحتلة) بـ«الفصل العنصرى». وقد دعمت برلين السلطة الفلسطينية بأكثر من مليار يورو، وهى من بين أكبر الجهات المانحة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين «أنروا».
لم يكن هناك أى حب مفقود بين حكومتى ميركل أوشولتز وبنيامين نتنياهو. عرفت أنجيلا ميركل أنه كان يعمل مع دونالد ترامب من أجل إنهاء الاتفاق النووى مع إيران من وراء ظهرها. وأنه كان يكذب بشأن قبوله بالدولتين. لا أحد منخرطاً فى ملف الشرق الأوسط فى برلين يثق بنتنياهو. ويلفت السياسيون فى برلين أعينهم إلى الإشارة إلى أنهم فى جيب إسرائيل.
إذن، ما الذى يفسر الدعم العنيد الذى تقدمه برلين لإسرائيل فى حربها ضد حماس؟ يجب أن تنظر إلى ما هو أبعد من الأزمة المباشرة. لقد عانت مؤسسة السياسة الخارجية الألمانية من صدمة عميقة، بل الصدمة الثانية، بعد أن أدركت فى العام الماضى أن روسيا لا يمكن استرضاؤها بالمبادرات الدبلوماسية، وصفقات خطوط الأنابيب، و«التغيير من خلال التجارة». لقد قيل للألمان إنهم «محاطون بالأصدقاء»، على حد تعبير هيلموت كول. لقد استيقظوا وهم غير مجهزين لمواجهة عالم من الأعداء اللدودين. لقد سحقت روسيا عقوداً من السياسة الألمانية الشرقية عندما هاجمت أوكرانيا، ومعها النظام الأوروبى فى مرحلة ما بعد الحرب.
لقد انهارت الركائز الأساسية للسياسة الخارجية الألمانية. لقد فشل التعامل مع روسيا وإيران. هذه هى وجهة النظر من برلين: يجب وقف هاتين القوتين، وهذا يشمل تدمير حماس. وهذا هو السبب وراء دعم ألمانيا القوى للحرب التى تشنها إسرائيل ضد حماس، على الرغم من انعدام الثقة العميق فى نتنياهو؛ والرغبة فى رحيله بمجرد انتهاء الأعمال العدائية.