رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

غرور القوة سوّل غزو فيتنام نزهة عابرة سرعان ما تحولت الى كابوس مفزع بدأ 1955 وانتهى فى 1975 تكبدت الإمبراطورية الفتية خسائر فادحة سقط فيها 58000 جندى وما يزيد على 300000 جريح، تركت ندبات غائرة لا تمحى، تذكرها بأيام ثقيلة قاست فيها الأمرين وثقتها هوليوود فى سلسلة من الأفلام التراجيدية التى تفضح عذابات الشبان المهمشين فى «جحيم سايجون»، فقد ابتكر الفلاحون الفيتناميون تكتيكات عسكرية مذهلة أبرزها مصيدة الأنفاق التى حيدت التفوق التكنولوجى وأرجعت فنون القتال الى عصر الفرسان واختصرت المسافات الى النقطة صفر وهنالك ظهرت معادن الرجال الحقيقية الذين يقاتلون وجهاً لوجه فداءً لما يؤمنون به، ودائمًا ما يعيد التاريخ نفسه لكن المتغطرسون لا يتعظون، فحاخامات أرض الميعاد يفترسهم الغضب المدمر بعد أن كسرت شوكتهم 

خاضت اسرائيل منذ نشأتها حروبًا عديدة كلها قصيرة نسبيًا كان أطولها حرب تموز 2006 التى استمرت 33 يومًا لكن حرب غزة كسرت الرقم القياسى فكان إسحاق رابين يهذى فى أحلام اليقظة يائسًا بأن لو غزة غرقت فى أعماق اليم مثل فرعون الخروج، حتى السفاح شارون اضطر للانسحاب منها مرغمًا، ثم حوصرت لعقدين براً وبحرًا وجواً لكنها ظلت أبية على الترويض.

استثمرت حماس وأخواتها فى تشييد «مترو غزة» فطوله 500 كم بعمق 13 مترًا  يعمل بدون قطارات ولكن له مآرب أخرى فهو مدينة عسكرية متكاملة بها مراكز قيادة واتصال ومخازن للذخيرة والمؤن وحتى أقبية سرية مجهزة بشراك متفجرة لاحتجاز الرهائن، الاجتياح البرى فى هكذا تضاريس، سيتطلب معلومات استخباراتية دقيقة، لا يملكها الموساد او شاباك او آمان والدليل فشلهم الذريع فى التنبؤ بطوفان الأقصى فى حين ان حماس تعرف أنفاقها عن ظهر قلب وهو ما حذر منه دانى يتوم رئيس الموساد الأسبق بأن أنفاق غزة هى مصيدة الموت لجنودنا يكاد المرء يسمع عويل صراخهم من هنا! فجيش الاحتلال يتعمد إخفاء الأعداد المتزايدة لقتل جنوده لأنه يخشى تدهور روحهم المعنوية التى تعانى انخفاضًا حادًا نتيجة ضراوة المعارك وشراسة المقاومين وتطورهم الميدانى اللافت والذى أشاد به جنرالات تل ابيب لذا سير المعارك ووتيرة القتال تشى بأننا أمام فيتنام اخرى ستستمر سنة على الأقل  فلا توجد مؤشرات مؤكدة لنصر حاسم بل ثمة رمال متحركة تبتلع كل يوم العتاد الباهظة والجنود المرتعدين مثلما خسفت الأرض بقارون وداره.

نتنياهو ذلك المختال الفاشل يجهض أى ضغوط دولية لوقف إطلاق النار ولو على سبيل هدنة إنسانية مؤقتة خوفًا من  تقديمه كبش فداء لذا يبحث بجنون عن صورة نصر بأى ثمن لتسويقها للجمهور المتذمر، مستقبله السياسى ليس فقط على المحك وإنما حريته أيضا، فحين ان أسلافه الذين جاءوا من خلفية عسكرية يدركون حقيقة الجندى الاسرائيلى البائس الذى لن يضحى بحياته من أجل عقيدة او وطن فهو يود ان لو يعمر الف سنة لذلك لا يقاتلونكم جميعًا الا فى قرى محصنة أو  من وراء جدر او داخل الميركافا والتى تعنى بالعبرية عربة الرب!

لا يغرنك البروباجندا الخادعة، فهذه الحرب بداية النهاية مهما كان الدعم الاطلسى سخيًا، بالطبع تحاول امريكا بكل حيلة انقاذ إسرائيل من نفسها لكن هيهات فقد انطلق السهم بعدما أصبحت المسافة صفرًا.