عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مسار القهوة

«تكلم حتى أراك» هذا ما قاله سقراط لأحد تلاميذه عندما جاء يتبختر فى مشيه، ويزهو بنفسه، وقديمًا أيضاً قال الإمام على بن أبى طالب–رضى الله عنه- «الرجال صناديق مغلقة مفاتيحها الكلام»، فأنت تختبئ خلف كلماتك، وسلوكك هو نافذة العالم إلى قلبك، ومن هذا المنطلق، ومع ما شهده العالم من طفرة معلوماتية هائلة أصبح المشاهير عبر مواقع التواصل الاجتماعى وهم نجوم السينما، والمطربون، وعارضو الأزياء، والشخصيات العامة والتليفزيونية شديدى الحرص على أن يكون لهم وجود قوى ومستمر عبر الإنترنت وعلى التمتع بمجموعات كبيرة من المتابعين عبر الشبكات الاجتماعية، وفى ظل هذا الوجود المستمر للمشاهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ تصبح هذه المواقع إحدى الأدوات الأساسية التى تعكس كيفية توجيه المشاهير لمشاعرهم وأفكارهم وإمكانياتهم نحو الأهداف التى يسعون إلى تحقيقها؛ ومن ثم تعكس كيفية إدارة هؤلاء المشاهير لذواتهم.

ولا يقتصر استخدام مواقع التواصل الاجتماعى على مجرد التعبير عن مشاهير المجتمع، كما لا تقتصر تأثيرات هذا الاستخدام بالمجتمعات الإنسانية على البناء الاجتماعى لهذه المجتمعات فقط، وإنما تمتد لتشمل التركيبة النفسية لأفراد هذه المجتمعات بوجه عام؛ إذ اقترن استخدام تلك المواقع بظهور العديد من التأثيرات النفسية الإيجابية والسلبية داخل المجتمعات الإنسانية، وتنوعت هذه التأثيرات من حيث درجة عمق كل منها، وتجاوزت حدود الحالة المزاجية لمستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى إلى صحتهم النفسية، وإلى إدراك كل منهم لذاته وتقديره لها؛ إذ تشكل مواقع التواصل الاجتماعى بما تتيحه من فرص متنوعة للتفاعل الاجتماعى، والتعامل اليومى مع الآخرين، والانفتاح على ثقافاتهم المختلفة، وتقديم النفس للآخر، ومقارنتها به، وتلقى ردود الأفعال حيال هذا التفاعل؛ تشكل إطارًا مناسبًا لا لإدراك الآخر وتقديره فقط، وإنما أيضاً لإدراك الذات وتقديرها.

وفى ظل ما سبق وفى إطار أن المشاهير أصبحوا يمثلون طرفًا ثالثًا مستقلًا يقوم بتشكيل أسلوب استخدام الجماهير لقنوات الاتصال التى تقدمها مواقع التواصل الاجتماعى، وقد يتمتع هؤلاء المشاهير بخصائص قائد الرأى وأسلوبه فى التأثير الاجتماعى والنفسى على الجماهير؛ إذ إن استخدام مواقع التواصل الاجتماعى أصبح لا يقتصر على مجرد التعبير عن مشاهير المجتمع، كما لا تقتصر تأثيرات هذا الاستخدام بالمجتمعات الإنسانية على البناء الاجتماعى لهذه المجتمعات فقط، وإنما تمتد لتشمل التركيبة النفسية لأفراد هذه المجتمعات بوجه عام.

وفى هذا الإطار فإن مستوى تقدير الذات لدى أفراد الجمهور المصرى، والذى يعبر عن نظرة الفرد الإيجابية لنفسه، قد يتأثر نتيجة اعتناق الفرد مجموعة من الأفكار والمعتقدات عن نفسه، وتتكون وتتشكل هذه الأفكار والمعتقدات نتيجة لتعرض أفراد المجتمع المصرى لصفحات المشاهير عبر مواقع التواصل الاجتماعى بما تضمنته من أساليب توظيف هؤلاء المشاهير لآليات إدارة الذات، التى من شأنها أن تدعم هذا التأثير.

وفى ضوء ما سبق تتضح وبشدة أهمية التربية الرقمية لوسائل الإعلام، والتى يتم من خلالها تعزيز القدرة الانتقائية لمضامين وسائل الإعلام الرقمى بوجه عام، ومواقع التواصل الاجتماعى بوجه خاص، فضلًا عن العمل على تنمية الوعى بما يتم التعرض له عبر شبكة الإنترنت، وثقل القدرة على فهم الرسائل المقدمة عبر هذه الوسائل والحكم على مدى تمثيلها للواقع، وبالتالى القدرة على مناقشة هذه الرسائل وتقديم تقييم واضح لها، يتوقف عليه مدى وجود تأثير لهذا الرسائل على الميل السلوكى للجمهور.

الأستاذ المساعد بقسم الإعلام بكلية الآداب- جامعة المنصورة