رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الرعب يغذى غريزة خطيرة، وهى غريزة اللوم. وبما أن كل صوت من غزة يجب أن يسبقه أو يتبعه صوت من إسرائيل، فإن المشاهدين ينجذبون إلى جدالات تغذيها الحرارة وليس الضوء. لا يوجد تاريخ أو خلفية. يحصل الضحايا الذين يذرفون الدموع على وقت أطول من صناع القرار أو الخبراء. وبعد اللوم يأتى الشعور الساحق بالعجز. ماذا نستطيع ان نفعل؟ هل يجب أن نصرخ، نسير، نكتب، نصمت؟ فى الغالب نشعر بالحزن ونعود لحياتنا متظاهرين بأنه لم يتغير شيء. أو على الأقل معظمنا يفعل ذلك.

إنها المرة الأولى فى حياتى البالغة التى لا أستطيع فيها مشاهدة الأخبار أو قراءتها. عرضها يجعلنى مستاء للغاية. منذ أكثر من أسبوع لم أقرأ أو أسمع أو أشاهد الأخبار الواردة من غزة.. لقد سألت من حولى والعديد من الأشخاص الآخرين يفعلون الشيء نفسه. هذا ما يقوله الكاتب البريطانى سيمون جنكينز؛ وهو تحول كبير فى الرؤية الغربية لما يحدث فى غزة ؛ خاصة أننا جميعا الأن مدينون للإنسانية جمعاء بعدم تجاهل الأعمال اللاإنسانية، أينما حدثت. ما يحدث من أهوال لا توصف فى مكان ما على الأرض طوال الوقت. قد يكون لوسائل الإعلام مساحة وخاصة ان كل حدث ينسينا الآخر !. متى سمعت آخر مرة عن السودان، أو جمهورية الكونغو الديمقراطية، أو حتى أوكرانيا؟.

الآن لدينا التغطية الأكثر كثافة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع للعنف الشديد الذى يمكننى تذكره. تقول نشرة الأخبار المسائية بخجل إن المشاهد «فظيعة جدًا بحيث لا يمكن عرضها»، ثم «قد يجد المشاهدون بعض المشاهد مؤلمة»، كما لو كانت تجذبنا بعيدًا عن أى شيء آخر نفعله. هذا هو تليفزيون التابلويد، الذى يقدم لمحة خادعة حول ما ينبغى أن تكون عليه الأخبار، وهى الحقائق وتفسيرها المستنير. ومع ذلك، فمن المفترض أننا لا نستطيع التعامل مع هذا الأمر، وبدلاً من ذلك يتم إعطاؤنا أصواتًا لا نهاية لها مع الناس على الأرض. نحن بحاجة إلى شىء لتحريك المشاعر. وفى هذا الصدد، يعتبر التليفزيون فى فئة مختلفة عن الراديو والصحافة المطبوعة. 

يخبرنا علماء النفس كيف نتعامل مع الأخبار السيئة عندما تؤثر علينا شخصيًا. وينصحوننا بتحليلها وتقييم المخاطر والبحث عن طريقة للمضى قدمًا واتخاذ الإجراءات اللازمة. ولكن هذا يحدث عندما يكون الأمر شخصيًا ويكون لدينا بعض السيطرة على الأحداث.

شرور العالم الخارجى تقع فى مجال عقلى مختلف. ولا يمكننا أن نفعل أى شيء بشكل مباشر تجاههم، ويجب أن نبقى متفرجين على معاناة الآخرين. كان الناس يراقبون بقلق شديد أخبار المرض كل ساعة. وأدى ذلك إلى مشاعر الخوف والحزن والغضب، وزيادة حالات الاكتئاب والصدمات. كما هو الحال مع الأخبار السيئة بشكل عام، قيل أن جاذبيتها هى استجابة تطورية لخطر محتمل، فالبشر يتوقون إلى التحذير.

يجب أن يكون هناك حد. إنه شيء يجب أن نتذكره من حين لآخر بمعاناة الآخرين، وبعجزنا عندما يتعلق الأمر بتغيير العالم من حولنا. لا أستطيع أن أرى أن تصوير الرعب فى الوقت الحقيقى بلا هوادة يغرس أى فضيلة. من المتوقع أن نشهد نحن وأطفالنا صراخًا ونزيفًا وغضبًا ليلة بعد ليلة. وهذا لا يمكن أن يزيد من فهم الجمهور لما يحدث، بل يزيد فقط من الغضب والخلاف والاضطراب العقلى. أريد مشاهدة الأخبار. ولكننى أريد أكثر حلولا لتلك المآسى!