عندما تتكلم عن التعليم الأمثل والأفضل، فيجب أن تركز على شيئين مهمين، الأول متطلبات سوق العمل، ثانياً البرامج الحديثة والقوية التى تبحث عنها الدول التى تعمل على تحقيق نهضة حقيقة لمستقبل أفضل، فليس بعدد البرامج وكثرتها، بل بنوعية البرامج وعدد ساعاتها وكيفية الاستفادة من كل دقيقة فى منهج علمى طبقاً للائحة شاملة سابقة التحضير، لينتج عنها خريج تتنافس عليه الأسواق المحلية والعالمية.
وللحق فإن معظم الجامعات المصرية قد اتجهت لنظام الساعات المعتمد وهو عبارة عن برامج تعليمية يتم تدريسها فى عدد ساعات معينة ولا يقل عددها عن مستوى عالمى محدد مسبقاً حتى يستطيع الخريج من الحصول على إجازة البرنامج، بل إن الكثير من الجامعات بدأت تتسابق فى تقديم عروضها لطلاب الثانوية العامة عن برامج جديدة وحديثة، بل والبعض منها لديه تعاون أو توأمة مع جامعات أجنبية لها مكانة عالمية مرموقة، ولا يمكن للطالب أن يجتازها إلا فى حالة حصوله على المعادلة بين الجامعة فى مصر والجامعة الأجنبية.
قادتنى الظروف أن أكون قريباً من نموذج نجح أن يقدم لائحة احترمتها الجامعات الأجنبية قبل الجامعات المحلية، نجح فى تقديم خريج يتسابق عليه السوق المحلى والعربى والعالمى، أنه نموذج كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعى بجامعة القاهرة، والتى كانت سابقاً تسمى كلية الحاسبات والمعلومات، ونبدأ من عام 2018 عندما حدث توجه فى الدولة بضرورة تدريس الذكاء الاصطناعى فى جميع الجامعات، ولأنه علم المستقبل كانت جامعة القاهرة سباقة كمثل تاريخها الذى يشهد بأنها نواة العلم فى مصر.
جاء تكليف الأستاذ الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، والذى أكد تكراراً لدعمه بظهور جيل جديد من المبدعين فى مجالات الرقمنة والحاسب الآلى والأمن السيبرانى، للأستاذ الدكتور رضا عبدالوهاب الخريبى، عميد كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعى بجامعة القاهرة وقتئذ بضرورة وضع لائحة لبرنامج الذكاء الاصطناعى، تكون شاهدة على تاريخ جامعة القاهرة، وتعهد الدكتور الخشت بتقديم كل سبل الدعم من الجامعة للقسم الوليد، وبالفعل نجح الدكتور رضا بأن وضع لائحة شهدت لها الجامعات الأجنبية، واستكمالاً لمنظومة النجاح وتحقيقه، اختار الدكتور رضا وبعناية شديدة العنصر البشرى من الأساتذة المتخصصون والرواد فى علم الذكاء الاصطناعى، وقد نجحوا بالفعل فى تنفيذ تلك اللائحة ونجاحها، وتحقق مثلث النجاح من عالم «الدكتور رضا» مدعومًا من قيادة وطنية رائدة «الدكتور الخشت» الذى يؤمن دائماً بضرورة العمل على استحداث برامج علمية تواكب العصر وسوق العمل وتكون نواة لنهضة حقيقة للوطن، وخطة عمل «لائحة علمية وعملية» وفريق قادر على تحقيق الهدف.
بدأ تطبيق اللائحة عام 2019 وتخرجت الصيف الماضى أول دفعة من القسم حاملة بشرى سارة لعميد الكلية الدكتور رضا، حيث فوجئ بأن العديد من طلاب القسم قد حصلوا على قبول لدراسة الماجستير فى الكثير من الجامعات الأوربية مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وكانت المفاجأة أن القبول بالجامعات الأوربية تم بناء على اللائحة التى تقدم بها الطلاب وتقديراتهم خلال الثلاث سنوات الأولى، أى قبل تخرجهم من الجامعة بعام كامل، وكانت لائحة الدكتور رضا وما تحتويه من برامج متعددة وساعات خلال الثلاث سنوات الأولى كافية لمنتج تقبله أى جامعة أجنبية كقبول مبدأى، شريطة أن يستوفى الطلاب تخرجهم بشهادة معتمدة من الجامعة وموثقة، أما المفاجأة الأخيرة أن تلك اللائحة ليس برنامجًا مدفوعًا، بل هى جزء من التعليم الحكومى الشامل بالمجانية، حيث إن الطالب لم يتكلف آلاف الجنيهات فى سبيل الحصول على تلك الشهادة التى أهلته للوصول للجامعات الأوروبية.، كما أنها أتاحت له فرصة تدريب ميدانى فى إحدى الشركات بالسوق سواء المحلى أو العالمى خلال السنة الدراسية الثالثة وتحت إشراف أساتذة القسم، وفى السنة الرابعة يكون هناك مشروع تخرج، يتناول مشكلة حقيقية وواقعية، ويكون مطلوباً من الطالب نموذج أولي لحلها.